على الرغم من أن النملة قد تبدو أصغر من أن يكون لها دماغ، إلا أنها تمتلك دماغًا في الواقع. مع وجود حوالي 250000 خلية عصبية، قد لا يكون الجهاز العصبي للنمل معقدًا مثل نظام الإنسان، ولكنه قادر على القيام بأكثر مما قد يتوقعه المرء من حشرة بحجمها.
يمتلك النمل مرونة كبيرة للغاية تمكّنه من إعادة التنظيم، وتغيير شكل وحجم دماغه في رأسه، وإنشاء اتصالات عصبية جديدة أثناء تعلمه والتكيف مع التغييرات التي يواجهها.
هذه المرونة الدماغية تمت دراستها لدى العاملات التناسلية لنوع نمل يسمى Harpegnathos saltator.
في مستعمرات النمل، بغض النظر عن نوعه، يتم اتباع نفس التنظيم والهيكل الاجتماعي. فالملكة هي الشخصية الرئيسية في كل مستعمرة. هي ليست مسؤولة فقط عن استمرار نسل المستعمرة، لكنها أيضًا تقرر أي من الصغار يصبح ذكورًا أو إناثًا أو عاملًا. بعد التزاوج مع ذكر، يمكن للملكة أن تختار إما تخصيب البويضات عبر الحيوانات المنوية، أو اتخذا قرار ضد ذلك بالسماح لها بالنمو دون إخصاب.
هذه العملية هي ما تحدد جنس الصغار، فالذكور يولدون من بويضات غير مخصبة، في حين تولد الإناث من البويضات المخصبة.
إن تم تغذية اليرقة المكونة من البويضة المخصبة بشكل جيد والعناية بها، فإنها تتطور إلى نملة مؤهلة لأن تصبح ملكة. مع ذلك، فإن الغالبية ينتهي المطاف بهم كعمال، وهي الطبقة التي لن تكون قادرة على التكاثر ومسؤولة عن الصيانة اليومية للمستعمرة.
تسمح بروتينات معينة لدى الملكة بأن تعيش أطول من عمّالها. حيث يعيش عمال نمل القافز الهندي لمدة سبعة شهور، بينما تعيش ملكتهم لمدة تتراوح بين 3 – 5 سنوات.
ماذا يحدث بعد وفاة ملكة النمل ؟
بصفتها الملكة، فهي لا تحتاج إلى هياكل لمعالجة الكثير من المعلومات، ولا تحتاج للبحث عن الطعام أو الدفاع عن المستعمرة، فالعمال يعتنون بكل ذلك.
الملكات وذكور النمل يأخذون رحلة للتزاوج، حيث يتزاوجون في الجو. بعد التزاوج ، تفقد الملكة جناحيها وتتقاعد إلى غرفة في التل. فهي لم تعد مضطرة للتزاوج، لأنها تتلقى مخزونًا كافيًا من الحيوانات المنوية لتمكينها من التكاثر لبضع سنوات أخرى. في النهاية تموت الملكة بفعل الشيخوخة أو لأي سبب آخر.
في وقتٍ لاحق، حوالي 70% من العاملات في المستعمرة يتصارعن من أجل السيادة. تظهر حفنة من المنتصرات، ويصبحن جميعهن ملكات زائفات. تخضع هذه الملكات الزائفات لتغييرات جذرية، ويشمل ذلك إنقاص حجم أدمغتها! كما يتضخم مبيضهن ويكتسبن القدرة على التكاثر، ويفقدن القدرة على إنتاج السم. وبصفتهن ملكات، يمكنهن الآن العيش لسنوات بدلًا من بضعة أشهر فقط.
مع ذلك، إن فشلت إحدى الملكات الزائفات في حرب الوصول إلى العرش، فإنها ببساطة تعود لكونها عاملة بزيادة حجم الدماغ مرةً أخرى وفقدان القدرة على الإنجاب.
ما السبب في تقلص حجم الدماغ ؟
قام العلماء بوضع أصباغ معينة في أدمغة بعض النمل من أجل دراسة هذا السلوك الغريب باستخدام طرق رقمية.
عند مراقبة ما يحدث في الدماغ والكبد وأنسجة المبيض لدى الملكات الزائفات من النمل، رأى الباحثون أن الهرمون المسؤول عن تكوين البيض قد بلغ ذروته. لذلك، بينما يستعدون للمساهمة في نمو المستعمرة، ينخفض حجم الدماغ بنسبة 19% تقريبًا ما يساعدهم على توجيه طاقة معالجة الدماغ إلى إنتاج البيض.
مع ذلك، فإن العكس يتطلب توسيع تلك المناطق من الدماغ التي تتعامل مع البصريات والحواس، حيث ستكون مهمة في تنفيذ مهام العمال.
اقرأ أيضًا:
ما سبب خوف الإنسان الفطري من الحشرات؟
10 أصناف طعام يحتوي على حشرات دون أن تشعر!
ماذا سيحدث إن اختفت كل الحشرات من العالم؟
