رسخت في أذهاننا عبارة متكررة .. بالكاد تكون من محفوظات الكثير منا .. أن الغرب والحضارة الغربية سبقونا بمائة سنة .. وحين ظهور تقنية جديدة لديهم .. ينبغي لنا أن نصبر مائة عام حتى نصل إليها !
هل صحيح أن الذي بيننا وبينهم .. هو مائة عام أو أكثر ..؟!
وهل ينبغي لنا أن نصبر كل هذه العشرات المتلاحقة من السنين حتى نلحق بركبهم ؟!
لا .. ليس بيننا وبينهم مائة سنة أو مائتين سنة كما يروجون ..؟! وليس لنا أن نبقى خمسين سنة حتى تنتقل الحضارة إلينا .. هناك تجارب في الحياة أثبتت العكس !
دبي .. مدينة صغيرة لا تعيش في سابق عهدها إلا على مخرجات البحر وميناء جبل علي وما تمدها به أبو ظبي من البترول والخام .. استطاعت بغضون 15 سنة أن تنتقل لتصبح أكبر مدينة سياحية في الشرق الأوسط وبيئة خصبة لإقامة شركات ومكاتب خدمات وفروع رئيسية لشركات كبرى .. حتى أصبحت تحتل المرتبة 42 في العالم في تطبيق الحكومة الإلكترونية مع التجاوز ببعض الأخطاء التي وقعت بها وكلفتها مبالغ مالية ..
هذه دبي !
وهناك مثال سابق .. راسخ في أذهان العالم عن مدى النقلة النوعية في غضون سنوات قليلة جداً ..!
هتلر .. دخل المجلس الحكومي في 1928م وكانت قيمة المارك الألماني بأدنى حد ( 1 دولار أمريكي = 5000 مارك ألماني ) وفي عام 1936م ( أي بعد ثمان سنين ! ) وصل الاقتصاد الألماني لأعلى مستوياته وكان لدى ألمانيا أكثر من 10 ملايين جندي .. وأصبح المارك الألماني يساوي ( 1 دولار أمريكي = 3 مارك ألماني ) !
هتلر دخل في غيبوبة العظمة .. وأصيب بداء الكبرياء .. ووقع في فخ أسقط قوته بالكامل في صحراء سيبيريا ..
ما نقصده .. أن التغير لا يحتاج لهذا الوقت الطويل ..؟
إذاً !
لماذا سبقونا ؟ وما هي أسباب الحضارة الغربية والأمريكية واليابانية بالذات ..؟
وكيف لنا أن نصل بأسرع وقت كما فعلت دبي ..؟
تعددت أوجه السبق الحضاري للغرب علينا وجاءت مختلفة في أساساتها ومكوناتها من جهة لأخرى.
ولكن يبقى العامل الكبير للتطور هو التعليم والتركيز على رفع الجهل لدى كافة طبقات المجتمع.
جاء مهاتير محمد إلى ماليزيا في عام 1978 م وكان دولة متخلفة وتعد من دول العالم الثاني ولا ترتكز إلا على الزراعة كمصدر دخل رئيس للدولة وكانت تحت سيطرة الهنود المهاجرين القدامى واستيلائهم على مواطن الزراعة الأساسية في جبال كاميرون هايلند وغيرها..
وضع مهاتير خطة طويلة المدى لنقل ماليزيا إلى دول العالم المتقدم، فقام مقدماً ببناء المدارس في المناطق النائية وتقديم التسهيلات لتعليم الأبناء اللغة الماليزية ومقدمات الكتابة والقراءة والرياضيات والعلوم وغيرها ..
وقفتُ بنفسي على أحد هذه المدارس المبنية في أعالي الجبال، وحينها قال المرشد السياحي : من هنا انطلقت النهضة الماليزية !
كان مهاتير يرسل دفعات من الماليزيين لدراسة الماجستير والدكتوراه في أمريكا وبريطانيا، فلما رجعوا أمسكهم زمام الأمور في البلاد فانتقلت الحضارة في أقل من 25 سنة إلى ماليزيا لتصنع ماليزيا قبل ثلاث سنين من الآن أول دينامو مصنوع بالكامل في ماليزيا، فاحتفلت ماليزيا ليلتها لأنهم برأيهم نقلوا قلب الحضارة الصناعية لدى الغرب كما احتفل قبلهم امبراطور اليابان حين قام بتشغيل 10 ديناموات مصنعة بالكامل في اليابان.
كان مهاتير يصرف ما يقارب الخمسين بالمائة من ميزانية الدولة على التعليم.
ولم يقتصر على ذلك بل استفاد من خبرات بريطانية بحكم أنها مستعمرة بريطانية سابقة فقام بوضع مخططات المدن والقرى والهجر بطريقة بديعة طويلة المدى كحال لندن التي خططت قبل 150 عام.
بالنظر إلى الواقع !
نجد أن أمريكا سبقت العالم الآن بتطورها ونهضتها وقوتها، وجاءت القيادة الأمريكية للعالم بناء على استراتيجية تقوم على :
تصنيف كافة الشركات الموجودة في أمريكا سنوياً ، بحيث أنها تكون مرتبة حسب رأس مال الشركة وأرباحها ، من واحد وحتى آخر شركة صغيرة في أمريكا وقد تعد عشرات الآلاف.
هناك خمس جهات حكومية وهي : البيت الأبيض ، الكونجرس ، البنتاجون ، وزارة الخارجية ، سي أي ايه CIA تقوم بحماية ودعم والدفاع عن مصالح أكبر خمس مائة شركة في أمريكا !
سياسة أمريكا : ألعن ، اشتم ، سب واسخر وتكلم عن أكبر رأس وأصغر مسئول في أمريكا ، لكن لا تتعرض لمصالح أمريكا من خلال شركاتها أو غيرها!
حفظ التاريخ الكثير من القصص التي تثبت هذه الحقيقة ، فهذا المسكين أروتيجا دبرت له مكيدة وسحب على وجهه في شوارع بلدته لأنه باختصار قام برفض امتداد عقد شركة اتصالات أمريكية لمدة خمسين سنة إضافية في دولته !
وفي السلفادور ، خططت أمريكا لعملية انقلاب عسكري على حاكمها لأنه ألغى عقد شركة ANT للاتصالات!
اتجه السياسة الأمريكية للدخول في داخل البلدان المقاطعة عن طريق المساهمة في شركات وطنية، لتسمى شركات متعددة الجنسية، أقرب مثال مرسيدس وجينرال موتورز في مصر وهي تنتج 70% من إنتاج مصر للسيارات !
هذه الشركات العملاقة والتي أطلق عليها شركات متعددة الجنسية في الواقع أنها :
1 – تمتلك ثلثي الأصول الثابتة في العالم!
2 – إنتاجها وصل إلى نصف إنتاج العالم !
3 – نشرت عادات الاستهلاك الغربية ونمت الولاء لعلامتها التجارية!
4 – تعتمد على الرشوة كأسلوب لتسهيل معاملاتها وتعاملاتها!
وقد قام عضو في الكونجرس بتقديم احتجاج على شركة بوينج لتقديمها رشاوي لعديد من الدول فطالب الكونجرس بطلب كشف الحوالات السرية فكشفت عن وجود رشاوى لـ 75 دولة من ضمنها رئيس وزراء اليابان والذي قدم استقالته بعد 5 دقائق من كشف العملية !
1 – كونت قطاعات اجتماعية تدين بالولاء لهذه الشركات !
2 – حولت اقتصاديات الدول النامية إلى تصدير منتجات صناعية مستهلكة ومضرة بالبيئة ( بتروكيماويات ، أسمنت ، بلاستيك ، سيراميك … الخ ).
3 – لم يعد بالإمكان السيطرة على هذه الشركات !
4 – قد تطالب هذه الشركات بمقاعد في مجلس الأمن ( الاقتصادي ) !
ولكم أن تتخيلوا أن جينرال موتورز ميزانيتها توازي ميزانية فرنسا + 40 % !
وأن شركة فورد تساوي ميزانيتها ميزانية 45 دولة إفريقية عام 2001م!
مع العلم أن هذه الشركات هي التي تحدد جدول الأعمال في مجلس الأمن !
من أقوى مميزات هذه الشركات هو التسويق ( Marketing ) والتي استطاعت أن تغير نظام دورات الأولومبياد من خسائر إلى ارباح في عام 1984م!
ومن قوة هذه الشركات ( وخدمة القطاعات الخمس الأمريكية لها ) أن فرضت قوانين على الصين لتسهيل دخول المستثمر الأجنبي فزحفت هذه الشركات إليها !
وللحديث بقية ..
م/محمد الصالح
—
($$ لا تستحِ من إعطاء القليل فإن الحرمان اقل منه$$)
يا ليت ربعنا يصيرون نص مهاتير !!!!
مقــآآآلك خطييير … استمتعت بقرائته انتــــــــــــظـــــــر التكمله بالتوفيـق
عزيزى المهندس محمد صالح شكرا جزيلا لك والحديث يا اخى ذو شجون. تطور الغرب له اسباب عديدة يطول ذكرها لكن من اهمها كما ذكرت الشفافية والتركيز على الاقتصاد وبسبب الاقتصاد انهارت دول كثيرة اما ما اراه انا فالحل والتطور يبدأ من المدرسة ومناهج التعليم …التعليم يا امة القلم… التعليم يحل جميع معضلاتنا ومشاكلنا… الجهل ياتى بالمصائب الجهل اكبر هدر للثرواث .. متى ما كان الانسان واعى كان مبدع.. ابذروا الان واحصدوا فى المستقبل القريب. يارب يارب انهض من عزائم امة لااله الا الله يارب اعد لهم الصدارة واشغلهم بالطاعات والعلوم يارب.
من اكثر المقالات التي قراتها روعه والقصصص التي ذكرتها تدعم الفكرة بشكل رائع بانتظار المزيد منك
ماهي الخطة المستقبلية الابراج الفيصلية و المملكة بعد 50 سنة؟ ماهي الخطط المستقبلية الابراج الامارات و برج دبي ؟ أسئل كل واحد على حدى سوف تعرف من يرغب في تطوير البلاد
أهلا بك أخي تركي .. حاولنا مؤخراً الاستفادة من مهاتير .. ليتنا نفعل ذلك .. لك تقديري واحترامي .. ======= أهلا بك أختي غادة .. ربما لن تكون التكلمة بنفس الرتم .. سأحاول إرسال رسائل متفرقة عن نفس الموضوع .. لك جزيل احترامي .. مرحبا أخي أبو طارق .. حضورك أبهجني وتعليقك في محله .. التعليم مبتدأ النهضة الحضارية .. ======== 🙂 مرحبا أختي طموح أنثى .. شكراً لحضورك وتعليقك ..
جزاك الله كل خير على هذا الكلام الطيب أخ محمد ولكن بقولك وجهة نظري الشخصية التغيير في نطاق العالم العربي صعب جدا لأن حب المصلحة الشخصية عندنا فوق كل شي ، واتخاذ أبسط القرارت صعب بالنسبة لمجتمعنا فما بالك بالتقدم اللي تقول عنه بمفهومه الحضاري ، أنا معجبة جدا بالتقدم الحضاري الأوروبي و بالأخص التقدم الياباني ، والله لو نطبق تعاليم دينا صح و نفهم معانيه عدل وكنا إيد وحدة كان إحنا بقمة التطور لو ترجع بالزمان للوراء شوف التقدم الاسلامي وشلون كنا وشلون صرنا . وإحنا الجيل الصاعد بيدنا نقدر نفرض التقدم وبشهاداتنا وبعقولنا ولازم نهتم بأشياء تفيد الانتاج مو نضيع الوقت بأشياء تافهة ونقول نبي التقدم . وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيرو ما بأنفسهم . وشكرا جزيلا على موضوعك القيم وجزاك الله كل خير .
من النادر أن أعلق على الموضوعات وإذا علقت لم تنشر فإكتفيت بالقرائة والمتابعة . ولكن مقالك هذا إستفزازي يجعلني أعلق غصب عني .. وتعليقي طويل ولكن … ولكن أختصر بكلمة = الشفافية في التعامل وعدم تقديم المصالح الشخصية على المصالح القومية . وإذا ما إتبعنا ذلك وطبقناه بحذافيره في الدول العربية خصوصاً بأننا ملوك البترول فإننا سنحصد دول اوروبا مجتمعة وأمريكا في وقت قصير. ولكن اشك ان يطبق هذا الكلام في أي دولة من الدول العربية .
رعاك اللة وجزاك اللة كل خير وكم اتمنى انا توضع الية للنهوض والاخذ بزمام المبادرة للحاق بالتطور والتقدم بجميع اشكالة وبلورتة ليتناسب مع هويتنا الاسلامية العربية
رائع ولكن لاحياة لمن تنادي عندنا تجار كبار وميزانيات ضخمة لكن للأسف لو حاول أحد منهم يبني برج أطول من المملكة والفيصلية يتم إبقافه ليش؟ عشان مصلحة فلان آل فلان والدليل على هذا أن السعوديين يملكون استثمارات في دبي تقدر بالمليارات وهذا وحده دليل كافي ان التجار السعوديين يبغون يبنون ويستثمرون لكن فيه أسماء عليهم انهم مايتجاوزونهم بالثروات والعقارات ودمتم
بصراحه هذى احلى مقال ومهما قلت ماراح أوفي حق هذى المقال
لا أخفيك سراً بإعجابي الشديد بمقالك الرائع والذي يجسد واقع الحال . في الحقيقة عندما تذكر أمثلة على التطور ,, فـ بكل سهولة لن تتردد في ذكر ماليزيا والتي يضرب فيها المثل في التطور والتقدم التكنولوجي والصناعي ,, ولكن لماذا ماليزيا ؟ وأيضاً لماذا دبي ؟ ذكرت في مقالك أن التعليم ورفع الجهل هو من أهم أسباب هذا التطور . لا إختلاف وأنا من أول المؤيدين لهذا ..وأننا بحاجة إلى إعادة هيكلة جميع المستويات التعليمية وحتى الجامعية ,, ولكن في رأيي أن دبي بالذات سبقتنا دنيوياً (لأنها تخلت عن الدين واستعانة بقدرات الأجانب ) أي أنها لم تعتمد على ذاتها في عملية التطوير هذه . ولكن في النهاية أوافق تماماً أن دبي تقدمت وأصبحت من أهم مدن الشرق الأوسط في مجال التكنولوجيا والتطوير .
وين سبيسك ياباش مهندس