استُخدمت بصمات الأصابع منذ عدة قرون كوسيلة لتحديد هوية الأفراد، وهي الأكثر استخدامًا في مجالات إنفاذ القانون، والمعاملات المالية، ومراقبة الدخول، وأمن المعلومات.
ومع بدء تطبيق نظام البصمة الإلكترونية في العديد من القطاعات الحكومية والتجارية في المملكة لضبط عملية الحضور والانصراف، شاع الحديث عن طرق الاحتيال والتزوير كي يُبعد البعض عن نفسه طائلة المساءلة. ومن بين الحلول التي شهدت رواجًا منقطع النظير خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي، أصابع مطاطية تمنح بصمة مطابقة للبصمة الحقيقة، فهل هذه الأداة فاعلة؟ وهل بإمكانها التلاعب في وقت الحضور والانصراف؟
المنتجات التي قد يتم بيعها في الأسواق على شكل أصابع لإقناع المشتري أنها تمنح بصمة حقيقية، أمر غير حقيقي على الإطلاق، فهي ليست إلا مسّاحات قلم رصاص، وإن استخدمتها لن تجدي نفعًا، فلكل بصمة مقاييس خاصة لا يمكن للمنتجات التي قد تتوفر في الأسواق أن تكون مطابقة لها على الإطلاق، وبأي شكل من الأشكال.
وإن اطّلعت على بعض المواقع العربية أو الأجنبية، ستجد مقالات معنونة بـ “اصنع بصمتك بنفسك، ولا تداوم” حيث تقدم طرقًا لصناعة بصمة إصبع، وذلك بخلط كمية من السليكون السائل مع مركب تثبيت وقطعة صلصال، أو البعض ينصح باستخدام الشمع والبوليمر ومكونات مطبخية لصنع أصابع تمنح البصمة أو ما يُعرف بـ “المقاييس الحيوية”.
ولمن يحاول تجربة هذه النصيحة، فنؤكد لك وبشهادة كثيرين ممن جربوها من قبلك ليست إلا خزعبلات لا أساس لها من الصحة.
هل يمكن تزوير البصمات؟
كما أسلفنا المنتجات التي قد تنتشر على أنها بصمات، أو الطرق التي قد يقترحها البعض لصنع بصمات، غير مجدية على الإطلاق. لكن هناك لعبة أخرى قد يقوم بها البعض!
الحديث عن استخدام البصمات المزورة لإثبات مواعيد الحضور والانصراف، ليس جديدًا. فقبل عام من الآن، برزت في الكويت مشكلة تزوير مواعيد الدوام عبر بصمة الإصبع الوهمية “بصمة سليكون”. وبحسب ما جاء في صحيفة الراي الكويتية فقد انتشر في السوق السوداء بصمة مصطنعة للإبهام يستطيع الموظف تسجيل حضوره وانصرافه، من قبل أي شخص في مكان عمله. وفي لقاء الصحيفة مع أحد المتمرسين في مجال تزوير البصمات قال أنها تُصنع من مواد تباع في الجمعيات الحرفية والمكونة من شمع وسليكون ربل، مؤكدًا أن الإقبال كبير جدًا من قبل الموظفين وحتى الموظفات.
البصمة المصطنعة الواحدة تكلف 500 فلس، بينما تباع للموظف بـ 50 دينارًا. يبدأ التحضير بشراء الشمع والسليكون ربل بـ 500 فلس، إذ يتم غلي الشمع ومن ثم وضعه في قالب لنسخ البصمة، بعدها يقوم بسكب السليكون ربل لتكون جاهزة خلال أربع ساعات، ومن ثم تسليمها للموظف مقابل 50 دينارًا. هذه العملية لا يستطيع إتقانها إلا الخبير المتمرس.
وبحسب موظف، فكثير من الموظفين في الكويت يستخدمون هذه الطريقة منذ زمن، ولم يتم اكتشافهم إلى الآن من قبل مراقبي البصمة في الجهات الحكومية. وبعد انتشار تزوير البصمات في الكويت للتلاعب في مواعيد الدوام، أصبحت هناك دعوة لاعتماد بصمة العين بشكل رسمي.
ومن الجدير بالذكر، أن البصمات الوهمية قد أصبحت تجارة في الدول الآسيوية، حيث يحترف البعض صنع أصابع مطابقة للبصمة والمعروفة بـ “أورجنال”، ويقوم الموظفون في بعض الدول الخليجية بشرائها، وإحضارها إلى بلادهم، للتحايل على مواعيد الدوام.
التحايل وتزوير الدوام بالبصمات الوهمية ليست مشكلة موجودة في مجتمعاتنا العربية، إنما لدى الغرب أيضًا. فقبل ثلاث سنوات من الآن سجّلت إدارة أحد مستشفيات ساو باولو في البرازيل قيام 5 أطباء بتزوير مواعيد العمل عبر استخدام أصابع السليكون.
ما الحل لمواجهة تزوير المقاييس الحيوية؟
الخلاصة أن كلمات السر البيومترية ليست مضمونة، ربما تكون أكثر أمانًا من كلمات السر العادية التي تحتوي على أرقام، لكن لا تزال هناك إمكانية لخداع الماسحات الضوئية الحيوية عبر طرق مختلفة، ومنها ما تحدثنا عنه سابقًا.
وبعد تزايد حالات التلاعب والتزوير، حتى في الدول المتقدمة، فقد استثمرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي 8 ملايين دولار في مشروع بحثي يُسمى “Tabula Rasa” للوقوف على نقاط الضعف في التقنيات الحيوية، ووضع تدابير مضادة لها. وهو ما قاد لتطوير برمجية تعريف حيوية تكشف عما إذا كانت أجزاء الجسم التي يتم التحقق منها سواء الإصبع أو الوجه نابض بالحياة أم لا. وتعد هذه النقطة مفصلية على طريق إيقاف حالات الغش والتزوير والخداع.