عادةً ما تكون أي مباراة بين ريال مدريد وبرشلونة قادرة على جذب انتباه العالم بأسره، حتى من لا يهتمون بمتابعة كرة القدم! مباراة بين اثنيْن من عمالقة كرة القدم العالمية تعتبر بمثابة معركة رياضية طاحنة، وعادةً ما يُطلَق على هذا اللقاء اسم “كلاسيكو” أو “El Clasico” بالإسبانية.
لماذا يُطلق على لقاء ريال مدريد وبرشلونة لقب “كلاسيكو” ؟
يُعتبر El Clasico أكثر من مجرد لقاء كروي، لكنه صراع من نوع آخر بين الفريقيْن بسبب الاختلافات الاجتماعية والسياسية بين منطقتي الفريقيْن، ما يجعلها منافسة تتخطى الدافع الرياضي فحسب، بل تبدو إلى حدٍ كبير كثأر بين الفريقيْن ومشجعيهم!
في هذا التقرير، سنأخذك في جولة تاريخية سريعة لتعرف سبب العداء الأزلي بين منطقتي برشلونة ومدريد الإسبانيّتيْن، وكيف انتقل هذا العداء إلى كرة القدم.
اللقاء الأول..
أسس خوان جامبر نادي برشلونة مع عدد قليل من الأجانب في عام 1899، بينما أسس نادي ريال مدريد الإسبان المحليين في عام 1902. وحتى قبل أول مباراة بين الفريقيْن، فإن الأهمية التي أولاها الملك للعاصمة مدريد زرعت بذور الاستياء في عقول سكان مدينة برشلونة التي اعتبروها مهمّشة عن اهتمام الحكومة.
ملك إسبانيا، ألفونسو الثالث عشر، رتّب أول بطولة إسبانية في عام 1902، وشملت ثلاث فرق: ريال مدريد، نادي برشلونة، ونادي الباسك. ربح الكاتالونيون أول مباراة في التاريخ ضد ريال مدريد 3-1. وكان فريق برشلونة هو المهيمن إلى جانب أتليتيك بلباو قبل أن تنطلق شرارة الحرب الأهلية الإسبانية التي استمّرت لثلاث سنوات.
الحرب الأهلية (1936-1939)
عندما بدأت الحرب الأهلية في ثلاثينيات القرن الماضي، نظّم القائد العسكري فرانكو انقلابًا في عام 1936 ما أدى إلى إراقة دموية كبرى في تاريخ إسبانيا. فاز حزب فرانكو القومي بالحرب عام 1939 وبدأ بالانتقام من جميع القوى التي كانت تعمل ضد نظامه.
قام رجال فرانكو بإعدام صونيول رئيس نادي برشلونة دون محاكمة ما أغضب مشاعر الجمهور الكاتالوني المحلي. كان ذلك خلال الحرب وظهرت تبعات هذا الأمر عندما ظهر شعار برشلونة “Mes Que un club”، حيث كان النادي بمثابة وسيلة للخروج من الاضطهاد الذي واجهه الكاتالونيين بشكل يومي من قِبل نظام فرانكو.
وفي عام 1943، شهدت بطولة كوبا ديل جينير أليسيمو “المعروفة باسم كوبا ديل ري، بينما جينير أليسيمو كانت كتحية لفرانكو” حادثة في الدور نصف النهائي وأدّت لاشتعال التنافس بين ريال مدريد وبرشلونة إلى مستوى مختلف تمامًا.
فاز نادي برشلونة في مباراة الذهاب 3-0 على الرغم من العديد من أخطاء التحكيم. وفي أعقاب المباراة، مُنع مشجعو نادي برشلونة من دخول الملعب لحضور مباراة الإياب في مدينة مدريد.
إضافةً إلى ذلك، تم رشق حافلة فريق برشلونة بالحصى عند وصولها للملعب ما تسبب بتصاعد التوتر. داخل أرض الملعب، أُلقيت زجاجات وعملات معدنية على لاعبي النادي. تقدّم النادي المُضيف مدريد 2-0 قبل أن يُطرد لاعب من برشلونة، ما تلا ذلك كان مذبحة من أعلى ترتيب حيث تأخر ناي برشلونة 8-0 في الشوط الثاني.
رفض اللاعبون الكاتالونيون لعب الشوط الثاني لأنهم كانوا غاضبين من الحكم الجزئي وظروف الأرض المعادية. ثم اقتحم رجال فرانكو غرفة ملابس الزائرين وحذروهم من أخذ الملعب أو المخاطرة بالسجن. أدى هذا الاستخدام الوحشي للقوة إلى فوز ريال مدريد 11-1، ولا تزال هذه المباراة منبع فخر لنادي ريال مدريد في تاريخ مبارياته ضد برشلونة.
سبب آخر أدى إلى تصاعد التوتر بين الفريقيْن هو اللاعب الأرجنتيني “ألفريدو دي ستيفانو”، أحد أفضل لاعبي فترة الخمسينيات وصانع الألعاب في الملعب. انتزع نادي برشلونة اللاعب من براثن ريال مدريد الذي كان مهتمًا بتوقيع عقد معه. وبسبب المشاكل التي تصعّدت بين الفريقيْن على اللاعب ستيفانو، تدخل الفيفا وحكم لصالح برشلونة باللاعب.
ثد تدخل اتحاد الكرة الإسباني الذي كان دمية في يد الحكومة، وحظر توقيع لاعبين أجانب في إسبانيا لصالح أي فريق واستثنى من ذلك ريال مدريد. ثم تم الحكم بعد ذلك أن يلعب اللاعب الأرجنتيني أربع سنوات في إسبانيا، سنتيْن مع ريال مدريد وسنتيْن مع برشلونة.
في وقتٍ لاحق، ترددت شائعات بأن فرانكو أجبر رئيس نادي برشلونة على التراجع عن هذا الاتفاق الذي أدى إلى توقيع اللاعب مع ناي مع لوس أنجلوس بلانكوس. أدى توقيعه إلى تأجج العداء بين منطقتي برشلونة ومدريد كما هو الحال في الفرق الرياضية، وفاز ريال مدريد بثمانية ألقاب في الدوري وخمس كؤوس أوروبية.
لويس فيجو كان هو الآخر سببًا في التنافس المتصاعد بين الفريقيْن. وهو لاعب برتغالي رغب رئيس نادي ريال مدريد فلورنتينو بيريز توقيع عقد معه وضمه للفريق، لكن اللاعب البرتغالي طمأن بنفسه مشجعي برشلونة بقوله: (أريد أن أطمئن المشجعين بأن لويس فيجو، بكل تأكيد في العالم، سيكون في كامب نو يوم 24 يوليو لبدء الموسم).
بعدها قرر فيجو التراجع عن كلمته وانضم إلى منافس برشلونة في اليوم الذي كان من المفترض فيه الانضمام إلى الكاتالونيين للتدريب قبل الموسم. تلقى البرتغالي رد فعل عنيف من الموالين لبرشلونة الذي كان واضحًا من رأس الخنزير الذي ألقاه الجمهور في مباراة في كامب نو.
كان اللقاء بين ريال مدريد وبرشلونة يُعرف باسم “ديربي” في إسبانيا، حيث تم تخصيص لقب كلاسيكو للمباراة بين ريفر بلايت وبوكا جونيورز. لكن ومنذ مطلع التسعينيات، صعد برشلونة إلى السلطة وغير من ديناميكيات كرة القدم وطريقة التنافس مع ريال مدريد. أدى هذا التوقيع إلى صياغة لقب “كلاسيكو” في أي لقاء بين الفرقيْن، في إشارة إلى اللقاء العظيم والحدث الكبير الذي سيجمع الفرقيْن وستشهده أرض الملعب.