على الرغم من ارتباطه بمشاعر الحب، إلا أنه لطالما اللون الأحمر ارتبط بالإنذار والخطر والتحذير. سواءً بالأعلام التحذيرية على الشواطئ وفي محطات القطارات، أو إشارات المرور، أو إشارات التحذير على جانب الطرقات، في أي علامة خطر تجدها يكن لونها غالبًا أحمر!
لم يكن استخدام الأحمر في التحذير عبثًا، بل إن له فعالية كبيرة في الإشارة للخطر انطلاقًا من فيزيائيته ضمن الطيف الضوئي.
لماذا يستخدم اللون الأحمر للإشارة إلى الخطر؟
تكمن الإجابة على هذا السؤال باعتبار الأحمر إشارة خطر نظرًا لمفهوم التشتت. والتشتت هو ظاهرة ينحرف بها الضوء عن مساره المستقيم عند اصطدامه بحاجزٍ ما، كالغبار أو جزئيات الغاز أو بخار الماء.
يتم توجيه شعاع الضوء في اتجاهات مختلفة بعد التفاعل مع الجسيمات الموجودة في الوسط.
هناك قانون يحكم ظاهرة التشتت يسمى تشتت رايلي. ينص هذا القانون على أن تشتت الضوء يتناسب عكسيًا مع القوة الرابعة من الطول الموجي للضوء.
قد تتساءل الآن ما علاقة استخدام ألوان حمراء في إشارات الخطر والتحذير، ومبدأ التشتت الفيزيائي. فكّر في الأمر! هل تريد أن تكون إشارات الخطر أو الإنذارات المرئية واضحة من بعيد؟
عند استخدام إشارة خطر، يجب أن تكون ملفتة للانتباه قدر الإمكان ويمكن أن يلاحظها الشخص من مسافة بعيدة.
لهذا السبب، نحتاج لونًا يمكن ملاحظته عن بعد ولا يتشتت كثيرًا، لا يكون في النطاق المرئي للبشر.
الطول الموجي للون الأحمر يرشحّه ليكون لون الخطر!
من الطيف الكهرومغناطيسي، يُطلق على النطاق المرئي للإنسان “النطاق المرئي” للضوء. يمتد هذا النطاق من اللون الأزرق (الذي له أدنى طول موجي) إلى اللون الأحمر (الذي له أعلى طول موجي).
يبلغ الطول الموجي للضوء الأحمر حوالي 620-750 نانومتر. ينص قانون التشتت على أن الطول الموجي الأطول سيشتت الأقل.
ذلك يعني أن اللون الأحمر يلبي كلا الشرطين: أولاً، ينتمي إلى النطاق المرئي للبشر، وثانيًا، له الطول الموجي الأعلى، مما يجعله أقل الألوان تبعثرًا.
يجب أن تظل إشارات الاستغاثة أو الإنذار مرئية، حتى عندما تكون رؤية المناطق المحيطة منخفضة.
يمكن أن تتأثر الرؤية الفورية في ظروف مثل الضباب والمطر والدخان. نظرًا لأننا نريد أن تصل الإشارة إلى مسافة أبعد، يجب أن تتشتت بدرجة أقل.
يجب أن يكون الطول الموجي عاليًا حتى يتشتت بشكل أقل ويمر بسهولة عبر الضباب والدخان وما إلى ذلك. لهذا السبب بالتحديد يأتي اللون الأحمر “للإنقاذ”.
تأثير اللون الأحمَر على الدماغ البشري
ربطت دراسة مثيرة للاهتمام نشرت في مجلة Frontiers in Human Neuroscience بين اللون الأحمر وجذب الانتباه في سياق عاطفي.
الاستجابات الحركية هي الاستجابات التي يبديها عقل الإنسان وجسمه استجابة لأي نوع من التحفيز. ثبت في الدراسة أن عرض اللون الأحمر مباشرة قبل أو أثناء الاستجابة الحركية يزيد من قوة الاستجابة وسرعتها.
ومع ذلك، وجدت دراسة أخرى أن عرض الأحمر قبل مهمة حركية يثبط فعلاً الاستجابات الحركية، ويقترح الباحثون أن هذا يحدث بسبب إثارة الخوف.
الخلاصة، بالرغم من تغاضينا عن الألوان الحمراء في الظروف العادية، لكم نادرًا ما يتم التغاضي عنه في المواقف ذات الأهمية الجسيمة أو تلك التي تتطلب تصرفًا فوريًا.
لذلك، في المرة المقبلة التي تتوقف بها عند إشارة مرور، انتبه لكيفية تفاعلك مع اللون دون أن تلاحظ ذلك حقًا!
اقرأ أيضًا:
لماذا تستعمل مطاعم الوجبات السريعة اللونين الأحمر والأصفر في ديكوراتها؟
ليش أنوار سيارة الإسعاف تكون باللونين الأحمر والأزرق؟
لماذا يُستعمل الضوء الأحمر داخل الغواصات ؟