بلا شك، فإن التجول في ممرات متاجر إيكيا يعتبر من أكثر الأنشطة متعةً على الإطلاق للصغار والكبار. رحلات إيكيا تعني تجديد الأثاث عبر تجميعه من الصفر، وهنا تكمن المتعة في العمل الشاق. حتى أنك تتفاخر أمام أي ضيف يسأل عن منضدة أو مقعد جديد بأنك من ركّبته من الصفر! ألا يجعلك ذلك تتساءل لمَ نحن مهووسون لهذه الدرجة بإيكيا؟ هنا نبحث عن إجابة للسؤال هو مفهوم “تأثير إيكيا” النفسي والشائع للغاية!
ما هو تأثير إيكيا ؟
بادئ ذي بدء، فإن تأثير إيكيا ليس حصريًا على متاجر إيكيا فقط. إنه تحيز نفسي يدفعنا إلى المبالغة في تقدير الأشياء التي نبنيها أو نجمعها أو نبذل جهدًا بطريقة ما فيها. هذا ينطبق على أي شيء نشارك فيه.
كأن نجد أحد الآباء يقدّر صورة لطفله التقطها بنفسه رغم أنها غير جذابة! أو أن تجد شخصًا ما يرتدي ذات الوشاح على الدوام دون تغييره لأنه حاكه بنفسه ويفتخر بذلك، هنا يقع تأثير ايكيا.
لماذا قد نقع تحت تأثير ايكيا؟
حسنًا، يمكننا القول أن هذا التأثير هو خدعة جيدة يمارسها العقل. هناك ثلاث مبادئ نفسية رئيسية وراء هذا التأثير، وهي كالتالي:
- الكفاءة
جميعنا لدينا حاجة للشعور بأننا قادرون على التعامل مع مهام أو تحديات معينة. الرضا العام الذي يأتي من التعامل الناجح مع هذه اللحظات يجعلنا نشعر بالكفاءة، وقد تم وصف ذلك لأول مرة من قبل ألبرت باندورا، الرائد في مجال السلوك البشري.
يستفيد تأثير ايكيا من ذلك من خلال طرح تحدٍ متوسط المستوى، يجعلنا نريد أن نثبت أنفسنا. ليس من السهل تجميع خزانات الملابس، لذلك عندما تتمكن من القيام بذلك أخيرًا، فإنك تمنحها قيمة أكبر.
- تبرير الجهد
على الرغم من إدراكنا لمثل إجراءات تركيب الأثاث في هذه العملية ومدى صعوبتها، وإمكانية شراء منتجات جاهزة وربما بأسعارٍ أقل من متاجر أخرى، إلا أننا نبحث عن مبرر للمجهود المبذول في تركيب تلك القطع من خلال تبرير مدى عظمة النتيجة النهائية وأنها كانت تستحق العناء وربما أكثر!
- أثر الاكتناز
هل ما زلت تحتفظ ببطاقات أعياد الميلاد التي أهداك إياها أصدقاؤك وعائلتك في الماضي؟ أو الساعة الأولى التي حصلت عليها من جدك؟ يُسمى هذا السلوك النفسي بالاكتناز.
وصف ريتشارد ثالر هذا التأثير لأول مرة في ورقته البحثية. حيث أن قاضء الوقت مع شيء ما أو امتلاكه أو صنعه بنفسك يولّد اتصالًا به، يُسمى اكتنازًا. في النهاية، يجعلك ذلك ترة أن هذه القطعة تستحق أكثر مما هي عليه في الواقع.
هل ابتكرت إيكيا هذا التأثير؟
صاغ مايكل نورتون ودانيال موشون ودان أريلي مصطلح تأثير ايكيا لأول مرة في ورقتهم البحثية لعام 2012 بعنوان “تأثير ايكيا، عندما يؤدي العمل إلى الحب”.
جاء أول تلميح لهم حول هذا التحيز السلوكي من مثال خليط الكيك الفوري. في ورقتهم، لاحظوا أن الخلطات الفورية الأولى لم تكن شائعة جدًا، حيث اعتبرتها ربات البيوت سهلة للغاية. عندما أعادت الشركات تقديم الخلطات بخطوة إضافية لإضافة البيض الطازج، تم بيع المنتجات بشكل أفضل. وخلصوا إلى أنه عندما تكون هناك خطوة إضافية من العمل في المنتج، فإن الناس يحبونه بشكل أكبر.
استمر العالمان في إجراء سلسلة من التجارب التي شارك فيها الجمهور. تضمنت إحدى التجارب حث الناس على صنع فن الأوريجامي وإعطاء قيمة له. في جميع الحالات، كان الناس يقدرون فن الأوريغامي أكثر من عمل محترفي الأوريجامي!
كيف استفادت الشركات من تأثير إيكيا ؟
اغتمنت العديد من الشركات الفرصة بعد فهم هذا التأثير وما يتركه على الشخص من خلال خداع المستهلكين لتحقيق المزيد من الأرباح.
على سبيل المثال، هل سمعت عن لعبة Build-a-Bear؟ هلي لعبة شائعة للغاية اليوم يقوم فيها الأطفال بصناعة الدمى المحشوة بأنفسهم وينفق عليها الآباء مبالغ كبيرة!
حسنًا، استفادت الشركة المصنّعة من تأثر ايكيا من خلال السماح للأطفال بصناعة دببتهم المحشوة بأنفسهم عبر توفير المواد الأساسية، مقابل المزيد من المال بالتأكيد! بينما تكلفة الإنتاج للشركة هي ذاتها وربما أقل من صناعة دمى محشوة جاهزة للبيع!
ماذا عن الوجبات الغذائية الجاهزة للطبخ بمجرد وضعها في المايكروويف أو الفرن؟ تعمل الشركات المصنعة لها على نفس المبدأ من خلال توفير وجبة سريعة التحضير لكنها أعلى تكلفة من نفس الوجبة في المطعم أو المنزل! مع ذلك، يحب الناس فكرة طهي الوجبة بأنفسهم في المنزل وكأنهم صنعوا للتو وجبة فاخرة!
جميع خلطات الكيك الفورية تعتبر مثال كبير على تأثير إيكيا، ما يجعل الناس يشعرون بالرضا من تحضير كيك لذيذ كالذي يباع في المخابز!
هل تأثير ايكيا ضار ؟
قد لا يبدو كذلك، لكن تأثير ايكيا قد يعمينا عن الواقع ويدفعنا لإنفاق المزيد من المال على منتج ما بدلًا من اختيار بديل أرخص وأسهل في التعامل معه!
علاوة على ذلك، يمكن أن يقودنا هذا التأثير إلى توقع المزيد لشيء بنيناه بأنفسنا عند بيعه، ما يجعلنا نفرط بالثقة!
حسنًا، في المرة المقبل التي تخرج بها لشراء أريكة، ضع هذه المقالة في الاعتبار! يمكنك التفكير في استغلال الوقت الذي ستستخدمه في بناء أريكتك بالاسترخاء عليها بدلًا من ذلك!
اقرأ أيضًا:
هل تعيد النظر في عادات الإنفاق؟ 8 أشياء لا ينفق الأثرياء أموالهم عليها!
أفضل التطبيقات الإلكترونية لاختيار ديكور منزلك
طريقة مبتكرة من إيكيا لجعل الطبخ أكثر متعة وسهولة!
