في ربيع عام 1838م، كتب الروائي والكاتب المسرحي الفرنسي “أونوريه دي بلزاك” رسالة من ميلان إلى زوجته المستقبلية في فرنسا، وقال “عزيزتي، إني أشعر بمرض الحنين للوطن، وأشعر أني بلا روح، بلا حياة، ولا قدرة لي على البقاء، وإذا ما بقيت لأكثر من أسبوعين، سأموت”. هذا الكاتب الفرنسي الذي اعتبر الغربة والاشتياق للوطن حالة جسدية قد تؤدي للوفاة، يعتبر نموذجًا لكثير من الناس الذين يشعرون بحنين لوطنهم.
قصة الحنين السويسرية
عام 1688 قام طالب الطب “يوهانس هوفر” بدراسة قضية طالب أمريكي مغترب، شعر بالإرهاق والتعب كثيرًا وأصيب بحمى شديدة، وقد طلب “يوهانس هوفر” إرجاع المريض إلى وطنه وبعد أن عاد المريض لوطنه سرعان ما تعافى وعاد لعافيته وصحته، وفي هذ الحالة تم اعتبار الحنين للوطن مرضًا ولا علاج له إلا بالعودة إلى الوطن الأصلي.
كيف بدأ تشخيص الحنين إلى الوطن ؟
بدايةً كان يعتقد أن مرض الحنين إلى الوطن هو مرض يختص بسويسرا فقط، وكان يعتقد أن سببه الرئيسي المرتفعات الموجودة في سويسرا وتغير الضغط الجوي على الإنسان الناتج عن المرتفعات والأراضي المسطّحة، ولكن مع خمسينيات القرن الثامن عشر تمت إضافة كلمة “الحنين للوطن” في قاموس أوكسفورد، وبدأت عملية تشخيص المرض تنتشر في العالم، وعلى سبيل المثال كان هناك جيش الإتحاد الأمريكي الذي تم تشخيص 5000 من جنوده بهذا المرض نتيجة ابتعادهم لفترات طويلة عن بيوتهم، وكان هناك عدد لا بأس به قد قام بالإنتحار بسبب هذا المرض أيضًا.
وقد تم نشر مقالة أمريكية في عام 1915م تحت عنوان “الحنين إلى الوطن يقتل”، حيث تم الحديث عن أن الحنين للوطن هو مرض يشخصه الأطباء وقد يؤدي إلى موت المجندين خاصة.
هل هو مرض؟ وما هو علاج الحنين للوطن ؟
في دراسات حديثة لم يعد الحنين للوطن عبارة عن مرض بل حالة نفسية أو عاطفية تحتاج إلى جلسات علاجية خاصة. حسب أطباء النفس فإن من يعاني من الحنين للوطن أو لأهله والمقربين منه، يمكنه أن يعالج نفسه بنفسه بالاعتماد على شخصيته وذلك عن طريق إشعار ذاته بأنه في الوطن والإتصال الدائم مع كل من هو مقرب منه.