هل سمعت من قبل عن رهاب التردّد أو الفوبو؟ حسنًا، ربما يتبادر إلى ذهنك أنه شيء مُتعلّق بالتردّد في شراء شيء ما أو اختيار منتج على آخر واستغراق ذلك لوقت طويل، هنا أنت اقتربت كثيرًا.
التردد حين تكون القرارات بسيطةً، أو حين تكون الخيارات كلها مقبولةً علامة مميزة لحالةٍ تُعرف باسم “رُهاب الخوف من تفويت الخيار الأفضل” أو “فوبو”. وتحدث هذه الحالة أثناء القرارات البسيطة مثل ماذا تشاهد على التلفاز، أو ماذا تأكل على العشاء، وصولاً إلى قراراتٍ أكبر مثل قبول الوظيفة الجديدة أم لا.
قد يكون المثال الشائع على ذلك محاولة اتخاذ قرار بشأن ما تفعله ليلة الإجازة الأسبوعية. ولا شك أن الدعوة لقضاء وقتٍ مع زملاء العمل مناسبةٌ ومضمونة المتعة، لكن هناك حفلة أُخرى في الطرف الآخر من المدينة قد تكون أكثر إمتاعاً.
ما هو رهاب التردّد أو الفوبو؟
الأشخاص المصابون برهاب “فوبو” سيمتنعون عن الالتزام على الأغلب، أو سيلتزمون بموعدٍ ثم يُلغونه.
يرى ماكغينيس وهو مقدم برنامج Fomo Sapiens وباحث درس تأثيرات رهاب الفوبو لسنوات عديدة، أن المشاعر هي جزءٌ بيولوجيٌ من هويتنا، لأن الطبيعة البشرية في كثير من الأحيان تجبرنا على انتظار الأفضل.
عانى ماكغينيس نفسه من رهابي “فومو” و”فوبو” حين صاغ المصطلحين في ورقته البحثية التي قدمها بكلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد منذ 15 عاماً.
ولا يعتقد ماكغينيس أن الفوبو حصري لدى الأفراد، إذ يرى أن الشركات الكبرى أيضاً يُمكن أن تتأثر به، فستجد الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات أعذاراً دائماً لعدم فعلها شيئاً ما، وكذلك الحال مع البلاد.
يقول: “وصلت إلى قناعةٍ مفادها أن الموقف المتعلق بالبريكست هو حالة فوبو، والفوبو هو عدم القدرة على اختيار خيارٍ من عدة خياراتٍ مقبولة النتائج، بمعنى أنه قد لا يُعجبك البريكست، لكن هناك العديد من الطرق المقبولة التي يُمكن تنظيمه بها، دون الوصول لحل الخروج دون اتفاقٍ”.
وأضاف “لكن في كل مرةٍ كانت تيريزا ماي تُقدم فيها اقتراحاً لمجلس العموم لم تكن تحصل على تصويتٍ بالموافقة عليه لأن كل أعضاء البرلمان كانوا ينتظرون الوصول لحل أفضل قليلاً”.
من أين يأتي الفوبو؟
يأتي الفوبو بالأساس من الخوف من التخلي، لكي تختار أمراً عليك أن تتخلى عن آخر، وبالتالي يتولد لديك شعور الخوف من الندم على الطريق غير المسلوك، فتفضل ألّا تختار من الأساس، تاركاً كل الخيارات متاحةً.
والأساس النفسي لهذه الحالة فسرها العلماء على أنه حين يتعلق الأمر باتخاذ القرارات فإنه يُمكن تقسيم الناس إلى قسمين: “المُبالغين” و”المُكتفين”.
والمُبالغون هم من يتخذون الخيارات بناءً على أقصى استفادةٍ مُترتبةٍ لاحقاً، بينما المُكتفون (وهو مصطلحٌ مشتقٌ من الاكتفاء صاغه الفائز بجائزة نوبل هيربرت سايمون سنة 1956) يعتمدون في الاختيار على معايير متواضعة.
وعلى سبيل المثال سيختار المُبالغ سيارةً أكبر مما يحتاج إليه فعلياً تحسباً لاحتياجه سيارةً أكبر في المستقبل، فيما سيختار المُكتفي على الأرجح سيارةً مناسبةً للوقت الراهن.
يضع المبالغون لأنفسهم معايير مرتفعةً ويُحبطون حين يفشلون في تحقيقها، ناظرين إلى ما فاتهم لا إلى ما حققوه.
ربما يكون أولئك الذين يُعانون من الفوبو إذاً مُبالغين أغرتهم التكنولوجيا المعاصرة أو تكون التكنولوجيا المعاصرة هي ما يُحول المزيد منا إلى مُبالغين. أو ربما فقط لا يرغب الناس في فعل نصف ما يقولون إنهم يرغبون في فعله.
وأياً ما كان التفسير، فإن تعريف ماكغينيس للظاهرة ومنحها اسماً هو أمرٌ مفصلي في تغيير ذلك السلوك، الذي يرى أنه “مدمر”.