يعتبر سباق الهجن من أهم وأبرز الرياضات التنافسية التي تُقام في إمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة. وتستقطب هذه الرياضة الآلاف من عشاق الهجن والسباقات وتُقام في مضمارات خاصة شُيدت بالإمارة، لكن الملاحظ بهذه السباقات خاصة لحديثي العهد بها هو الاستعانة بروبوت بدلا من الفارس ليمتطي ظهر الهجن خلال السباق، إذ يتم التحكم بالروبوت عن بعد من قبل صاحب الجمل لاستعمال السوط وحث الجمل على الإسراع. فلماذا لا يركب البشر الهجن خلال السباق؟
نبذة تاريخية
منذ القدم، ارتبطت سباقات الهجن وبشدة بالتراث والثقافة الإماراتية الأصيلة خاصة ونها كانت مناسبة لطبيعة الدولة الصحراوية والملائمة لحياة الجمال. وغالبا ما كان المواطنون يعتزون بهذه الرياضة التراثية فكانت تظهر في المناسبات الاجتماعية كحفلات الزواج والمهرجانات الشعبية. ولم تقتصر هذه الرياضة على الإمارات فقط، بل أصبحت مشهورة في دول التعاون الخليجي كقطر والسعودية.
فبعد أن بدأت عائدات النفط تتدفق إلى إمارة أبو ظبي وأصبحت أول إمارة تُصدر البترول والنفط عام 1962م، خشي الشيوخ والحكام في البلد من تآكل الجوانب التقليدية شيئا فشيئا مع نمو الجانب الاقتصادي للبلاد، من هنا أصبح تشجيع سباق الهجن يتم على قدم وساق، وتم رصد جوائز مالية مُجزية ومُغرية لتشجيع الشباب على الحفاظ على هذه الرياضة التراثية الشعبية.
ويتفاخر أصحاب الهجن وهم غالبا من العائلات المالكة في دولة الإمارات بنسب جمالهم وأعمارها، إذ يتم عرض الحيوانات من قبل أصحابها جنبا إلى جنب مع شهادات النسب وتحديد السلالة والعمر. ويتم ختم الحيوانات برقاقات إلكترونية لتمييزها وتفريقها.
وخلال السباق، يلاحق أصحاب الإبل حيواناتهم عبر سيارات الدفع الرباعي على مسار موازٍ لمضمار السباق الذي يمتد طوله لخمسة كيلو مترات من أجل التحكم بالروبوتات على ظهور الهجن.
كيف استُعملت الروبوتات في سباق الهجن؟
خلال بداية تاريخ سباقات الهجن، كان مُلاك الإبل يستقدمون الأطفال من جنوب آسيا أفريقيا لتوظيفهم كفرسان على ظهور الإبل لخفة وزنهم نسبيا، فمعظم الأطفال الذين كان يتم استقدامهم من الدول الآسيوية والأفريقية الفقيرة كانوا يعانون من سوء التغذية، وكانوا ملائمين للركوب فوق ظهور الجمال لخفة وزنهم، لكن ومع تزايد السباقات واشتهارها خاصة في فترة 1970s، أصبحت الإصابات في صفوف الأطفال تتزايد ما دعى المنظمات الحقوقية ومؤسسات حماية الطفل للتدخل والمطالبة بإيقاف استعمال الأطفال بهذه السباقات خاصة وأنها أصبحت أحد أشكال العنف ضد الطفولة.
وعلى الرغم من إقرار قانون العمل الاتحادي في الإمارات العربية المتحدة عام 1980م بحظر تشغيل الأطفال ممن تقل أعمارهم عن 15 عاما في جميع المهن والأعمال، استمر استغلال الأطفال بالعمل في سباق الهجن حتى أوائل عام 2000م، وبذلت السلطات الإماراتية جهودا حثيثة للحد من هذه الظاهرة وطلب المساعدة من اليونيسيف لإنهاء هذه الظاهرة.
وكوسيلة لمنع الأطفال من ركوب الإبل خلال السباقات، تم استعمال روبوتات صغيرة الحجم بأوزان قليلة لتحل محل الأطفال، وبالرغم من أن العملية كانت معقدة ومليئة بالمخاطر، لكن استقر استعمال الروبوتات في سباقات الهجن عام 2005م، وذلك بعد أن وضع النادي العلمي القطري أول نموذج ناجح للروبوت. وكان القلق من ملاك الإبل في أن الجمال قد لا تَقبل الفارس الروبوت، لكن الفريق العلمي قام ببناء روبوتات بوزن وشكل مماثل للأطفال. وفي وقت لاحق ظهرت الوجوه المدبوغة للروبوتات.
لكن الروبوتات كانت مرهقة وصعبة في العمل ومكلفة، حيث وصل سعر بعضها إلى 10000$ على الرغم من كونها قادرة على توجيه الإبل، حيث كانت مزودة بجهاز تحكم عن بعد للتحكم في ذراع الروبوت لضرب الجمل على الجبهة أو الجانب أو الظهر، وأيضا التحكم في طول مقاليد الحيوانات.
ولتطوير الروبوتات، تبين أنها ليست بحاجة لأن تكون ضخمة وكبيرة وتضرب على أكثر من اتجاه، فيكفي ضرب الجمل ضربة باتجاه واحد ليركض في المضمار، لذلك تم تبسيط التصميم وأصبحت أقل تكلفة بكثير ووصل سعرها إلى 300$ فقط بوزن 33 باوند (أقل من كليو جرام).
منذ ذلك الحين وحتى اليوم، أصبح استعمال الروبوتات في سباق الهجن مألوفا، ووأصبح مُلّاك الإبل يُلبسون الروبوت أزياءً تُعبر عن العشيرة أو الانتماء أو حتى لتمييزهم عن الروبوتات الأخرى، وانتهت ظاهرة استعمال الأطفال في هذه السباقات بلا رجعة.
المصادر
اقرأ أيضا:
الإبل ترتدي بدلات خاصة من اللايكرا خلال السباق