بعض الناجحين .. لا يملون من التململ والسآمة حال أن يسمع بنجاح شخص آخر !
السؤال الذي وضعته في القمة .. يعطي ألف رسالة للقارئ .. أن نجاحك ليس نتيجة لفشل الآخرين ولا يعني ارتقاؤك أبداً أن هناك من سيسقط به !
الارتقاء على أكتاف الآخرين .. مهنة دميمة الوجه مكروهة من الخلق محاطة بالتهم ودائماً ما تكون نهايتها وخيمة على نفسية هذا المرتقي – مجازاً – وعلى مستقبله أيضاً ..
بعضهم .. يظن أن نجاحه في الدراسة لن يكون إلا عندما يسقط أشد منافسيه !
ينظر للمنافس نظرة حقد وحسد وغيرة ويود لو غرسه وهو حيّ في التراب ليرتاح منه .. قلبه يشتعل ناراً من كل تصفيق لمنافسه وروحه تلوك ألوان الأسى واللوعة لكل انبهار من أعمال الآخر ..
أنانية مقيتة يتمتع بها .. فهو لا يريد النجاح إلا لذاته .. ولو كلفه الانطواء على نفسه كل الوقت حتى لا يعطي أحداً مما أعطاه الله إياه ..
منّ الله عليه بالنجاح .. في الدراسة أو الوظيفة أو التجارة أو أية مهارة .. وبدلاً من أن يطبق قول الحق جل وعلا وأما بنعمة ربك فحدث فهو يكرر بأن الدنيا مليئة بالمشاكل وأنه لم يذق طعم الراحة يوماً وأن الدراسة صعبة والوظيفة متعسرة والتجارة إفلاس والقروش قليلة والمهارة لا يمدحها أحد !
كلّ ذلك .. حتى لا يأتي أحدٌ وينافسه .. مع أن الأرزاق موزعة والأقسام مكتوبة والناس للناس والكل بالله .. لكن هذا الشخص لا يسعى إلا لمصلحة ذاته ولا يريد إلا نفع شخصه ..
إن عرف معلومات .. بخل بها واستأثر بها على من سواه .. وإن فاز بفكرة .. ادخرها ليوم ربما ربما يحتاجها .. !
لو هيئ له أن يقصر الجمال على عينيه لفعل .. ولو قّدر له أن يحرم الخلق من العافية لبادر ..
قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتوراً
نظرته لذاته .. ولو جاءت لأحد غيره أية منفعة ضاق صدره وتجهم وجهه وقرأت في محياه أصناف الأذى النفسي والتعب في أعصابه كل ذلك .. لدنيا أعطاها الله لغيره أو حتى تقاسمها معه !
دائماً محور تفكيرهم في أنفسهم .. شطرهم الذي لا ينسوه .. إذا متّ ظمآن فلا نزل القطر !
أسألكم بالذي خلق السمع والبصر .. ووزع الرزق على الخلق !
هل النجاح .. أي نجاح مرهون بفشل الآخرين ؟
هل يعني حين ينجح غيرك أنه أخذ لقمتك التي قد كتبت لك بعد أربعة أشهر من تخليقك ؟
ليكن في القلب منا متسع للخلق .. ولتكن الروح أصفى بحب الخير للغير ..
ولننشر كل ما عندنا من معارف وعلوم على الناس كافة .. ولنبذل ما بأيدينا لما سوف نقف أمامه يوم نلقى ربنا ..
ولتعلم !
أن النجاح الحقيقي .. هو نجاح الآخرين من خلالك ..
والنصيحة والفائدة والمعلومة حينما تقولها لغيرك بصدق وتجلي ونقاء .. سوف تنعكس على روحك فيراك الناس كأصفى مخلوق وأروع كائن ..
والفرحة – وهي عمل قلبي بسيط ! – لنجاح غيرك تعني أنك أنت أول من استفاد من هذا النجاح .. يكفيك فرحتك !
وأن القلب الكبير .. يبقى كبيراً بعمله للناس ..
وحين تقف أمام المولى بقلبك السليم .. سينفعك يوم تزول كل ما في الدنيا مما تستأثره لنفسك !
ولتعلم أخيراً !
أن الله قد وزّع حب الخلق للشخص بقدر ما يبذل مما بيده ..
من درهمه .. من ديناره .. من علمه .. من فقهه !
أو من جاهه !
م/محمد الصالح
—
النفس مائلة إلى شكلها .. والطائرة واقعة على مثلها