بسم الله الرحمن الرحيم
وجدت اقبال شديد وردود جميله جدا ً … على القصه السابقه " سهيل " واشكر كل من راسلني .. والشكر موصول للغالي ابو نواف …
والله لا يحرمني منكم يارب
انطلاقا ً من ( وذكر فإذن الذكرى تنفع المؤمنين … )
اعود بقصة حدثت تفاصيلها لي ولزملائي قبل تقريبا 8 سنوات ….
ابتدأت السنه الدراسيه الجديده … وهانحن في آخر سنة دراسيه من المرحلة المتوسطه …. كان يعترينا شعور جميل جدا ً .. بأننا الأكبر في هذه المدرسه … كل من في هذه المدرسه .. هم دوننا … عمرا ً .. وتعليما ً …
لا اخفيكم ان الشعور كان جميلا ً … بل انه جعلنا نتشوق للمدرسه ربما !!
في هذه المرحله " ثالث متوسط " كانت الأنظار كلها تجاهنا … كوننا الدفعه التي ستتخرج الى المرحلة الثانويه .. بعد بضعه اشهر …
مرت الأيام سريعه جدا ً … ولايكاد يمر يوم … دون ان نتمنى ان تقف عنده الساعه … ونعيشه الى الأبد …..
فنحن هنا الأكبر .. ونحن هنا من يلقى عليه الضوء … اما بعد بضعة اشهر … فسنكون في المرحلة الأولى من الثانويه … وستنقلب الطاوله !!!
دارت عجلة الحياة … وكنا على موعد مع تلك الكلمه .. التي القاها وكيل المدرسه .. بعد صلاة الظهر …
القى السلام .. رحب بالجميع …. اخبرنا بأن المدرسه .. تعتزم اقامة حفل لطلاب الثالث المتوسط … عبارة عن حفل توديعي لأبناءها .. في اليوم الفلاني …
شعور جميل جدا ً …. وفاء رائع من مدرسة واساااتذه كانوا آباء بحق … والله على ما اقول شهيد …
مرت الأيام .. ونحن ننتظر ذلك اليوم … وتلك اللحظات … نكون بجانب الاساتذه .. نسامرهم … نضحك معهم …. يوم يجتمع فيه الطلاب بالأساتذه … بعيدا ً عن الدروس .. بعيدا ً عن الشرح ……. بينما طلاب الصف الأول والصف الثاني … في مقاعد الفصول …..
اجزم انها فرحة العمر …… لطلاب تلك المرحله …
حان موعد ذلك اليوم …. الكل في منزله يطلب اهله المساعده , في تقديم شي لتلك الحفله … هذا أحضر الشاي .. وذاك احضر البيتزا … والاستاذ احضر تلك الاكلة الشعبيه الجميله …
كان الجو عائلي بحت …. صداقه جميله … تواصل رائع ….. ابوّه حانيه ……
اخذنا نتجول … نأكل .. نشرب … نتذكر ….. نذهب الى ذاك الاستاذ ….. هل تذكر ذلك الموقف ؟؟ هل تذكر ؟؟ هل تذكر تلك الفقره من السؤال ؟؟
الابتسامه لا تكاد تفارقنا …….
اخذنا نبحث في وجوه الزملاء ….
هذا حسن .. وهذا طلال … وهذا وليد …… محمد … خالد .. ابراهيم ….
اين ناصر !!!!
امس تلقينا وعوده بالحضور …. لابد ان يحضر … لابد
بحثنا هنا وهناك …
هل رأيت ناصر ؟؟ اين ناصر ..؟؟ شاهدت ناصر ..؟؟
جاءنا احد الطلاب ……. القى علينا الخبر الصاعقه !!!
يقولون ناصر مات … مادري مادري !! يقولون !!!
كيف ؟؟ متى ؟؟؟ شلون ؟؟؟؟؟ امس كان هنا !! امس والله العظيم امس !! امس كان هنا … صلينا الظهر مع بعض … قال بيحضر الحفل .. بيجيب اشياء من البيت .. فطاير … واشياء من البيت .. امس كان هنا ……!!!
الكل يركض … يجري … يسأل … !!
ذهول !!! كلنا في حالة عدم تصديق … لا ندري …. مالذي حدث ؟؟
وهل فعلا ً ناصر مات ؟؟
وكأننا بصدى اصواتنا ترد … لا لا لا لم يمت … لا لا لا لم يمت !!
ناصر فقط تأخر .. سيأتي .. سيحتفل معنا بالتخرج … لابد ان يأتي ………..
ركضنا الى وكيل المدرسه …
استاذ … استاذ ……. صحيح ؟؟؟ صحيح يا استاذ ؟؟ ناصر ؟؟؟؟؟
هز الاستاذ رأسه .. ايماءً منه بأنه فعلا ً ماحدث …. وقال ………….
ناصر مات في حادث ………
لقد ذهب ناصر مع السائق .. الى محل الفطائر … ليشتري بعض الفطائر والحلويات لنا .. لنحتفل بها معه ومع الاساتذه … وتكون لنا ذكرى ….
ولكنه اصرّ على السائق .. ان يقود المركبه بدلا ً منه ….
فركب السياره …. وقبل ان يصل لمحل الفطائر …. ليشتري ما اراد ان نحتفل به معه …
اصطدمت سيارته بعامود الإناره في الطريق ….. ومات على الفور !!!
ياله من خبر … يالها من صاعقه ……. ويااالتوقيت الخبر …….
رحل ناصر … رحل الى الأبد ….
لن اراه مرة اخرى .. لن اراااه بعد اليوم ……. لن اراه …….!!!
نادى وكيل المدرسه بجميع الطلاب الى الصلاة … وطلب من طلاب الصف الثالث .. ان يكونوا في الصفوف الأولى من المصلى … ليخبر من لم يعلم .. بوفاة زميلهم ناصر … وليكون الخبر اكثر وقعا ً عليهم دون غيرهم ….
اجتمعنا … لا اخفيكم انه كان يعترينا شيء من الأمل .. بأن يكذّب وكيل المدرسة .. خبر وفاة زملينا ناصر …… من شدة الذهول ..!!!
امسك الاستاذ باللاقط …… اراد ان يتكلم ………………
لكنه … بكى !!!
وبكت اعين المدرسه كلها ….
بكى وابكى قلوبنا معه ….
بكى وابكانا جميعنا …..
هدأ من روعنا …. ذكرنا بالله … ذكرنا بأن الموت حق … ذكرنا بأننا كلنا لهذا الطريق … مهما طال الأمد ….
اطمأنت انفسنا قليلا ً … لكننا مشتااقون اليه ….. لن نراه مرة أخرى !!!
يا الهي …. لن نراك يا ناصر …..!!
بعد حديث الاستاذ المبلل بالدموع … اخبرنا بأننا موعدون لتوديع ناصر الى مثواه الأخير غدا ً .. فمن اراد ان يحضر .. فليحضر الى المدرسه عصرا ً … لننطلق الى المسجد .. ثم الى المقبره !
لم يكن احد منا يتوقع … بأننا وبدلا ً من ان نودع بعضنا البعض في المدرسه … بذكرى التخرج … سنودع زميلنا ناصر بذكرى الموت …..
اجتمعنا في المدرسه …. هنا كنا في اليوم الماضي … نضحك .. ونبتسم … ونشرب .. ونأكل …..
وهنا ايضا ً في هذا اليوم … نبكي …. ونتذكر …. ونودع …….
انطلق الباص الذي يقلنا الى المسجد ثم المقبره …
اخرج احد الزملاء … قصاصة من احد الصحف اليوميه ….. ليرينا الموت بأم اعيننا …..
كان عنوان الخبر :
مصرع شاب في الرياض …
شاهدنا السياره وقد تحطمت ….. وشاهدنا ماهو اعظم من ذلك ………….
شاهدنا جثة ناصر على الأرض … مغطاة بالدماء ….. بالدمااااء …
الكل يبكي .. يبكي .. يبكي …
انطلقنا الى المسجد …. ادينا صلاة العصر .. ثم صلاة الجنازة …
واكثرنا الدعاء بعد التكبيرة الثالثه ….. حتى تمنينا ان لاتنهي الصلاة , لنظل ندعو له …. ونظل على ذكراه
حُملت الجثه على اكتاف اقاربه …
انطلقنا الى المقبره ,,, انه زميلنا ناصر …
هاهو ناصر … هاهو جسده النحيل … هاهو مغطى بالكفن …. وينتظر قبره … ينتظر مثوااه الأخير …
وضعوه …. في قبره …. شاركنا بدفنه …. القينا التراب على جسده …. حتى كانت تلك النظره الأخيره ..
اللهم ثبته عند السؤال …
وداعا ً نااصر .. وداعا ً ناااصر ….
ناصر ….. موعدنا الجنة – بإذن الله –
صلوحكا