36 مليون شخص حول العالم يعيشون في عبودية
من قال بأن عصر الرق والعبودية قد ذهب دون رجعة، فهناك 2 مليون باكستاني دخلوا عصر العبودية الحديثة. فقد حرَّمت القوانين المعمول بها في البلاد السخرة عام 1990، لكن السخرة والعبودية لم تنتهِ مع الأطفال الذين يعملون لمساعدة ذويهم في سداد الديون. ففي مصنع مفتوح على أطراف حيدرآباد، على بعد 144 كيلومترًا من شمال كراتشي، تقف مدخنة مرتفعة، لتنفث الأدخنة الضارة. يجلس الأطفال، ويضعون كتل الطين في قوالب مستطيلة الشكل، ويرصونها في صفوف تحضيرًا لوضعها في الفرن. فهذه هي الحياة التي عاشها رانجان منذ أن كان طفلًا. يعمل وعلى مدى عقود في فرن الطوب كعامل مستعبد.
فقد استدان من مدير الفرن مبلغًا من المال في وقت سابق، لكن أجرته لن تجعله قادرًا بأي حال من الأحوال سداد الدين، ما يجبره على الاستمرار في العمل في هذه الظروف القاسية. رانجان أب لثلاثة أبناء، قضى 40 عامًا في هذا العمل. يعمل سبعة أيام في الأسبوع في فرن الفحم. 1000 طوبة تكسبه دولارًا واحدًا، وكل سنت منها يذهب إلى رب العمل علَّه يسد الدين. فقد استدان 800 دولار من رب العمل لشراء الطعام لأولاده. ويقول رانجان بأنه يدرك تمامًا أنه لن يكون بإمكانه سداد دينه قبل أن يموت، فالدين سيموت معه.
منظمات نقابية تأسست لكن دون جدوى
وبحسب مسح عالمي نشرته حملة أسترالية تسمى “”Walk Free Foundation “فلتمش بحرية” قالت بأن باكستان هي ثالث دولة ترتفع فيها نسبة العبودية. ومعظمهم يعملون في صنع الطوب، أو الزراعة. وقالت المنظمة أن على الحكومة أن تعيد تنظيم العمل في أفران الطوب، وإنفاذ قوانين ضد العبودية. وتضغط النقابات التجارية على أرباب العمل لرفع أجور العاملين في أفران الطوب لزيادة أجورهم لثلاثة دولارات، لا أن يحاصروا العمال في ذات دائرة الدين.
وقد تأسست نقابة تعنى بشؤون العاملين في أفران الطوب قبل عدة سنوات، ويقول المؤسس “بونو بيل” بأن العمال قبل ذلك لم يكن لهم أسماء، إنما كانوا ينادون بالأرقام فقط. فإن أتى شخص وسألهم عن أسمائهم، فالجواب: “اسأل المدير”. فلا يحق لهم حتى أن يذكروا أسماءهم.ولا تزال النقابة تخوض معركة صعبة مع أرباب العمل، حيث لم تقبل إلا قلة قليلة منهم رفع الأجور للعمال في أفران الطوب، لكن النقابة لم تقنع أيًا منهم بتحرير العمال المستعبدين.
تجددت العبودية في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية
فتقدر منظمة فلتمشِ بحرية إحصاءات المستعبدين بـ 36 مليون شخص في العالم، فيجبرون على العمل تحت تهديد العنف، ودون مقابل وليس لهم القدرة على التحرر. هذا يعني أن عدد المستعبدين في عصرنا الحديث يفوق العدد الذي عرفته البشرية على مر التاريخ. وُجدت العبودية منذ آلاف السنوات. لكن تغيرات في الاقتصاد، والمجتمعات على مدى 50 عامًا أدت لتجدد العبودية. والسبب في تجددها في العالم الحديث: الزيادة المهولة لعدد السكان، وخاصة في الدول النامية، والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تجبر الكثيرين إلى الهجرة إلى الأماكن الحضرية، حيث يحصل الاستغلال، إضافة إلى الفساد الحكومي الذي لا يسائل المجرمين. وبهذه الطريقة أصبح الملايين عرضة لاستغلال تجار البشر.
نعتقد بأن العبودية مرتبطة بالحكم الروماني، أو المزارع الأمريكية في القرن الثامن عشر. لكن هؤلاء الناس مجبرون أن يعيشوا كعمال سخرة، أو عاهرات بشكل قسري، أو إدخال الأطفال في معسكرات الخدمة العسكرية، والزواج القسري. وقالت المنظمة أن 162 بلدًا يوجد في كل منها أعداد من المستعبدين. لكن العبودية قد تبدو في بعض الدول أسوأ من غيرها. فتعد موريتانيا هي الأسوأ فيما يخص الاستعباد، وعمال السخرة. وحاول القانون الموريتاني تجريم ذلك، فتقدر الأرقام أن 4% من السكان في موريتانيا هم من الرق.
ترتفع نسب العبودية في هاييتي، والهند، وباكستان
كما تظهر الأرقام وجود أعداد كبيرة من الرق في باكستان، والهند، وهاييتي. فهناك أكثر من 1% من مواطني هذه الدول يعيشون في عبودية. فتنتشر العبودية بين أطفال هاييتي، حيث ترسل العائلات الفقيرة أطفالها للخدمة لدى العائلات الثرية، حيث يقضون حياتهم على هذا الحال. فنسبة العبودية 2.1%، بمتوسط شخص من بين كل 48 شخصًا. ويعيش 14 مليون شخص في الهند في عبودية.
كما تعد دول جنوب الصحراء الأفريقية من الدول التي ترتفع فيها العبودية بنسبة 0.7% من السكان، أو واحد من بين 140 شخصًا. كما ترتفع النسب في أوروبا الشرقية وجنوب شرق آسيا ، خاصة مع الاتجار بالجنس، فيجبر الرجال والنساء على السواء على البغاء. ومؤخرًا وقع زعماء الأديان في العالم على إعلان يتعهد بالقضاء على العبودية والإتجار بالبشر بحلول عام 2020.