بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه … وبعد :-
رحلتي إلى الجنوب (4)(جبل خاشر ، فيفا، وادي أُفْقُهْ – الربوعة ،سد نجران ورحى الأخدود)
الجـزء الأول : رحلتي إلى الجنوب (1) ( قرية ذي عين ، جبل شدا الأعلى )
الجزء الثاني : رحلتي إلى الجنوب (2)(وادي نيرا ، وادي قنونا ، وادي يبه ، عين ثربان الحارة ، شجرة قنا)
الجزء الثالث :رحلتي إلى الجنوب (3)(وادي لجب ، جبال الحشر ، الأشجار المعمرة ، عين فيفا الحارة)
(( الجزء الرابع والأخير ))
(( يرجى الرجوع للأجزاء السابقة من الرحلة فالسرد متواصل ))
في عين بني مالك ( الوغرة ) استمتعنا بمياهها الحارة المفيدة … ومكثنا بعض الوقت فيها … ومنها عدنا نحو الدائر وفي الطريق كان لنا وقفة استراحة وتناول وجبة الإفطار والتمتع بالمناظر الجبلية في تلك المنطقة … عدنا عبر طريق جبل خاشر ( سبق الحديث عنه في الجزء السابق ) وسنقف ملياً عند هذا الجبل الجميل :
جبل خاشر
إحداثي الجبل
17.18.812
043.10.591
ارتفاع
1652 متر
جبل آل خالد ( خاشر ) … يتميز بالارتفاع مما جعل له طبيعة اعتدال الجو … ينتشر السكان على سفوحه مع كل الجهات … وفي قمته توجد القرية الرئيسة … مناظر الجبل والبيوت المتوزعة على الارتفاعات المتباينة والأراضي الزراعية والمدرجات الزراعية تكاد تغطي جميع سفوح الجبل …
من الجميل أنه تم استغلال جميع الأماكن للزراعة الموسمية والدائمة المفيدة للسكان … لذا أعطت الجبل منظراً فريداً …
المدرجات الزراعية غطت جميع سفح الجبل من هذه الناحية …
جبل خاشر كان ممراً فقط من العين الحارة وحتى الوصول لمحافظة الدائر ومنها التوجه للجبل والمعلم المميز والشهير في هذه المنطقة :
جبل فيفا
إحداثي الجبل
17.15.557
043.06.349
ارتفاع
1814 متر
فيفا عبارة عن مجموعة من الجبال ملتفة حول بعضها تبدو من البعد على شكل جبل واحد هرمي الشكل مما أجاز لها التسمية الثنائية المعروفة بجبال فيفا أو جبـل فيفا …
و هي كتلة جبلية صعبة التضاريس تتميز بشدة انحدارها في جميع الاتجاهات … ولذا فإن مسالكها وعرة للغاية كثيرة المنعطفات وقد وصفها المستشرق البريطاني ( فلبي ) بأنها تصلح ميدانا لهواة التسلق … وتتكون من صخور تعود إلى ما قبل الكمبري والقاعدة مركبة من صخور ( السبانايت والجرانيت ) … التي تقطعها عروق الكوارتز في أجزاء عديدة من الجبل … وصخور فيفا ذات صلابة متوسطة إلى شديدة لكنه يمكن تفتيتها …
لكل قبيلة من قبائل فيفا والتي تربو على الـ 18 قبيلة جبـل خاص يعرف باسمها وقد تشترك قبيلتان في جبل واحد … ولكن يختلف ارتفاع الجبال حيث نجد أن بعض جبالها يكون ارتفاعه 3000 قدم عن سطح البحر بينما أعلى قمة من الجبل وهي قمة العبسية ترتفع 11000 قدم عن سطح البحر حسب الإحصائية الواردة في كتاب هذه بلادنا التي تصدره وزارة الإعلام … بينما يذكر آخرون أن أعلى ارتفاع هو 7000 قدم فقط … وجبل فيفا الشامخ يقف في شموخ وكبرياء الجمال وتحيط به الأودية من جميع الجهات … ويقع في الشمال الشرقي لمدينة جازان ويبعد عنها بما يقارب 125 كيلا … و يشتهر بزراعة البن والموز والزيتون البري والتمر الهند وإنتاج العسل الفيفي الشهير وغيرها …
المناخ في جبال فيفا معتدل تقريبا طوال العام إلى أنه يميل في الشتاء إلى البرودة في أعالي الجبال والى الحرارة صيفا في سفوح تلك الجبال … وتكثر الأمطار في فصل الصيف أكثر من أي فصل آخر من فصول السنة …وتكون الأمطار عادة مصحوبة بالعواصف الرعدية المخيفة وتتراوح درجة الحرارة في هذه الجبال صيفاً ما بين (16˚) و (28˚) تقريباً وشتاء ما بين (3˚) و (25˚) درجة مئوية أما الرطوبة فتصل نسبتها في الشتاء إلى50 بالمائة وصيفاً إلى 30 بالمائة … وبهذا يكون الجو معتدلا طيباً في فصل الصيف وأقرب إلى البرودة في فصل الشتاء وأما بالنسبة للأمطار فهي تتراوح ما بين 35 إلى 45 سنتيمتر مكعب في السنة … ويكثر الضباب في فصل الصيف مما يضفي على جمال تلك الطبيعة جمالاً آخر … ولذا توصف جبال فيفا بأنها معشوقة الضباب …
الفيف هي :المفازة التي لا ماء فيها من الاستواء والسعه … فإذا أنثت فهي الفيفاء وجمعها الفيافي … وقيل الفيفاء الصخرة الملساء … ويوجد أماكن في الجزيرة العربية يطلق عليها الفيفاء … كفيفا غزال وهو موقع بمكة ينزل الناس منه إلى الأبطح …
قال كثير :
أناديك ما حج الحجيج وكـبرت بفيــفاء غزال رفقت وأهلت
وكان لقطع الوصل بيني وبينها كناذرة نذرا فأوفت وحـلت
وأما أهالي فيفاء فيقولون إن معنى فيفاء هو العلو والشموخ … فيفا قديمة قدم الزمن ذاته … إلا أن الراجع لكتب التاريخ القديمة التي اهتمت بتاريخ المنطقة لا يجد فيها سوى لمحات بسيطة … ولعل السبب هو العزلة من ناحية … وصعوبة المواصلات منها وإليها من ناحية أخرى … وكذلك لأنها كانت عبارة عن بلد صغير منعزل في سلسلة جبال السراة ولم يكن له أي مشاركة في المعتركات السياسية … والعناية التاريخية مقصورة في الغالب على التقلبات والحوادث السياسية … وأقدم تاريخ من وجهة نظر أبناء فيفا يعود إلى ما قبل البعثة … يؤكد ذلك قصة هند بنت عتبة المشهورة والتي جرت بعض من أحداثها في وادي ضمد (شط الصبايا) وهو من ضمن أودية فيفا … وشط الصبايا هذا قريب جداٌ من قبيلة المدري … ويؤكد كبار السن في فيفـا بأن الكاهن الذي حكم ببراءة هند بنت عتبة … كان من أهل نافية بقبيـلة المدري بفيفا …
و مجمل القول أن الجبل عاش بأهله في عزلة تامة … لذلك لم يتعرض سكان الجبل لأي تغيرات سكانية أو تأثير أجناس أخرى داخلة عليه لدرجة أن بعض المؤرخين المحدثين قال : إن الإنسان في هذه السلسلة الجبلية هم سكانها من عهد قحطان ! … لذا ظل سكان الجبل يتحدثون لهجة يصعب على غيرهم فهمها حتى الآن …
وبلا شك أن الكثيرين قد سمعوا عن لهجة فيفاء ولا شك أنه بمجرد سماعهم لأي أحد من أهالي هذه الجبال فإنهم لن يفقهوا منه شيـئا وجرب بنفسك إذا التقيت بأي شخص ينتمي إلى فيفاء أو إذا قمت بزيـارة تلك الجبال بأن تطلب منه التحدث معك بلهجة فيفاء … وستكون النتيجة أنك لن تـفقه شيئا مما يقول وكأنك أمام شخص من دولة أخرى لا تعرف من لغتهم شيئا … وستلاحظ أنك تسمع كلمات غريبة لم تسمعها في حياتك وحتى لو حاولت النطق بها لوجدت صعوبة في ذلك ولكن الغريب إن الكثير من مفردات هذه اللهجة هي لغة عربية فصحى وذلك بشهادة بعض الأدباء والمؤرخين … ولكن معظم مفرداتها ترجع إلى اللغة الحميرية … وأيضا لو عدت إلى معاجم اللغة لوجدت بعض من تلك المفردات التي يستخدمونها … وقد تعلمنا منهم جملة واحدة هي : تشف الله بتشا ( وتعني : كيف حالك ! ) وتقال عند الالتقاء بين اثنين غالباً …
ويعيب المنطقة عدم توفر أماكن للجلوس فالجبل شديد الانحدار مما جعل أماكن الاتساع فيه محدودة وغالبها مستغل بالمباني ونحوها … و كذا السكن المعد للإيجار محدود جداً …
تعتبر جبال فيفا من الأماكن السياحية الجميلة في ربوع المنطقة الجنوبية … ويحسن بمن زار تلك المنطقة التعريج عليها … لامتيازها بمميزات تجعلها في مقدمة الأماكن السياحية في المنطقة … حيث تتميز بكثافة أشجارها مقارنة بالجبال المجاورة لها مثل جبل طلان وخاشر وجبال الحشر … و كذا كما أسلفنا : المساحات الخضراء الخلابة التي تكسوها … وأشكال مدرجاتها الدائرية الشكل … ومنازلها الأثرية الاسطوانية التي تزين قمم الجبال والتي تحتضن السحاب والضباب كثيراً … وتحيط بها مجموعة من الأودية الكبيرة التي تجري فيها المياه طوال العام … وأهمها وادي ضمد … ووادي جورا (التي يوجد بها الأشجار المعمرة ) …كما تقع بالقرب من الجبل العين الحارة التي تحدثنا عنها في الجزء السابق الواقعة في وادي ضمد … أضف إلى كل ذلك جوها المعتدل طوال العام مما يجعلها محط أنظار الزائرين خلال أيام السنة للتمتع بسحر مناظرها واعتدال مناخها …
استمتعنا كثيراً في سفوح هذا الجبل الجميل … لاسيما وقد وفقنا بمصاحبة الأمطار والضباب المتقطع … عدنا منه نحو طريق الدائر – الحشر – جلة الحياة … وحيث كنا في أوائل شهر أغسطس حيث الأمطار الموسمية على تلك المنطقة … كانت الأمطار ترافقنا على طول الطريق … والطرق زراعية تفتقد للجسور … حيث تحتم علينا قطع عدة أودية كان جريناها سهلا ً أو متوسطاً … وشاهدنا العديد من الصخور المتساقطة على جنبات الطريق … بل وخراب بعض أجزاء الطريق من أثر السيول … وبوصولنا لوادي عمود وبعده جلة الحياة … توقفنا مجبورين … حيث أن الوادي كان هديره أشبه بموج هائج … ورب صدفة خير من ألف ميعاد … توقفنا عنده حيث لا يستطيع عبور الوادي أحد من الجهتين … ومكثنا عنده حتى قرابة منتصف الليل حيث خفت قوته وبدأت السيارات رباعية الدفع بقطعه … وعند هذا الوادي وعصراً كان لنا لقاء جميل لم نخطط له ولم نتوقعه … لقاء وتعرّف بأحد الأعزاء الكرام من مبدعي مكشات … ألا وهو الأخ : (( جبل مشرف )) أبو نواف … حيث أن الوادي استوقفهم أيضاً بعد رجوعهم من رحلتهم لجبال القهر التي كتب عنها أبو نواف مؤخراً …. سررنا كثيراً بالالتقاء و بمعرفة الأخ العزيز وسر هو كثيراً … وكذا الجلوس معه لا حقاً في مدينته الجميلة : الحرجة … و غمرنا بحفاوته الجميلة وكريم ضيافته … جزي عنا خير الجزاء …
وهذه صورة للوادي أثناء جريانه عصراً …
بعد أن خف جريان الوادي ليلاً واصلنا مسيرنا حيث بتنا في الجهة المقابلة خوف إتيان المزيد من المياه من الوديان المساندة للوادي من بعيد … وصباحاً أكملنا مسيرتنا نحو مقصدنا التالي :
الربوعة – وادي أُفْقُهْ
إحداثي البلد
17.33.965
043.19.783
ارتفاع
1762 متر
الربوعة في بلاد آل تليد … آل تليد التي تتميز بصفة عامة بشدة تضرسها و وعورتها إذ أنها تقع في قلب جبال السروات … ويتراوح ارتفاعها ما بين 1000 م ــ 1900م فوق سطح البحر … وهناك سلاسل جبلية عالية تمتد من الجنوب نحو الشمال وتراوح ارتفاعاتها بين 1900 م ـ 2200م مثل جبل : روق وثهران و نويب وملس والربوعة … وتوجد بين هذه الجبال أودية خانقيه استطاعت أن تعمق مجاريها في الصخور الرسوبية الرملية والتي هي جزء من تكوين الوحيد الجيولوجي والذي تكون خلال العصر البرمي وما قبله …
الربوعة أكبر وأشهر بلاد آل تليد بل أصبحت بلاد آل تليد تعرف بإسم الربوعة … تقع الربوعة في أقصى الركن الشرقي لبلاد آل تليد وتبعد عن محافظة سراة عبيدة حوالى90كم …وعن محافظة ظهران الجنوب بحوالي 50 كم وعن محافظة الداير بني مالك بحوالي 80 كم … الربوعة أرض منبسطة على سفح جبل وتحيط بها الكثير من الجبال مثل : جبل سهوه وجبل النعيراء وجبل الحجاج وجبل مصيدة وجبل نويب …
المناخ في الربوعة بصفة عامة معتدل صيفا وبارد شتاء والأمطار صيفية بشكل خاص شأنها كشأن المرتفعات الجنوبية الغربية وتكون غزيرة جداً على المرتفعات العالية مثل ثهران وروق وملس … وتتميز المنطقة بتقلبات شديدة في الطقس من لحظة إلى أخرى … يقدر عدد سكان بلاد آل تليد بحوالي (20) ألف نسمة … وينتسبون إلى قبيلة خولان القضاعية المعروفة … ويعمل سكانها في الزراعة والتجارة والرعي والوظائف الحكومية المختلفة …
في الربوعة معلم فريد … تعرفنا عليه من خلال كتابات بعض الأخوة في المنتدى … فكان لابد لنا من زيارة جميلة له :
وادي أُفْقُهْ
إحداثي الوادي
17.33.096
043.18.345
ارتفاع
1662 متر
الوادي لا يختلف عن المنطقة في ما وصفناه سلفاً في المناخ والتضاريس والتكوينات … لكن يقل ارتفاعه عن البلدة بحوالي 100 متر … والطريق إليه يستوجب النزول مع منحدر واحد نحو الوادي … وهو منحدر صعب … وقد بدأ العمل على إنشاء طريق معبد نازل إليه والذي يستمر معه ويعقبه حتى ينتهي بمحافظة الدائر … وهذه صورة لأعلى الطريق من جهة الربوعة ….
يمتاز الوادي بكثافة أشجاره وتنوعها الكبير … وأرضها البيضاء الجميلة … وصخورها الرسوبية البيضاء غالباً …
وادي أفقه يعتبر منتزهاً جميلاً لطيب أرضه واعتدال مناخه ….
الأشجار المتنوعة و المعمرة مثل اللبخ … وأشجار النخيل التي تنبت بشكل طبيعي أعطته منظراً بديعاً … و تجد به العديد من المناطق المتشابكة الأشجار والتي تشكل مكاناً جميلاً للجلوس أو للاحتماء من الأمطار ونحو ذلك …
يتواجد في الوادي العديد من مجاري المياه الصغيرة … بتربتها البيضاء … وحصبائها النظيفة … وجوانبها الخضراء …
تتقارب الأشجار تارة وتتشابك … مما يجعل للممرات بينها جمالاً ورونقاً بديعاً …
وتتسع المنطقة تارة تدعوك للتفكر والتأمل في قدرة الخالق – جل وعلا – الذي خلق وأبدع سبحانه … فالجبال الجميلة التكوين … و الحضرة اليانعة الدائمة … و تجمعات المياه المنتشرة بين جنباته … وألون صخوره المتنوعة …. أعطت الوادي منظراً بديعاً يصعب وصفه …
للتجول في الوادي الممتد لمسافات كبيرة رونق خاص … فهو مكان مناسب لممارسة رياضة المشي والاستمتاع بالمناظر الجميلة والمميزة … و بعد أن مكثنا في الوادي واستمتعنا بالجلوس به … عدنا نحو الربوعة … ومما يستوجب الذكر أن في مدخل الربوعة نقطة تفتيش من حرس الحدود وكذا نقطة أخرى قبل مدخل الوادي … لقرب المنطقة من الحدود الدولية وعادة ما يكون التفتيش روتينياً في الدخول للمنطقة بعكس الخروج منها للخوف من التهريب ونحو ذلك …
تجولنا في المنطقة مابين الربوعة والفرشة بعض الوقت حيث زرنا منطقة الغايل و وادي المسنى وغيرها … ومنها يستمر الطريق حتى ظهران الجنوب ولكنا فضلنا الرجوع مع الطريق نحو الفرشة ومنها مع أطول عقبة في الممكلة نحو الجوة … الجوة التي تمتاز بالارتفاع الكبير والذي يقارب 3000 متر وبأراضيها السمراء والتي تكاد تخلو من الغطاء النباتي …… واستوقفنا هذا المنظر الجميل للسحب بين الجبال …
أكملنا مسيرتنا نحو الحرجة التي استمتعنا بين جوانبها ومشاهدة مبانيها الأثرية التي كتب عنها مؤخراً مبدعنا مسافر1 … وكذا تشرفنا بالجلوس فيها مع الأخ الغالي : جبل مشرف … بتنا تلك الليلة في ربوعها … وتوجهنا من الغد نحو الجنوب مروراً بظهران الجنوب وكذا منفذ علب الحدودي … وعرجنا بعده على بدر الجنوب وما حوله ومنه اتجهنا عبر منطقة حبونا نحو نجران التي كان لنا فيه وقفة ولقاء مع :
سد نجران – رحى الأخدود
إحداثي السد
17.24.195
044.00.927
ارتفاع
1446 متر
أنشئ سد نجران عام 1397هـ واستمر العمل فيه ستة وثلاثون شهراً وبتكلفة إجمالية قدرها 277 مليون ريال وتبلغ طاقته التخزينية 86 مليون متر مكعب ويخدم ما يزيد عن 25 قرية على ضفاف الوادي ويقع السد على بعد 35 كم أعلى مدينة نجران ويستقبل سد وادي نجران زواره طيلة العام ويعتبر من أكبر السدود بالمملكة … للسد ميزة خاصة عن غيره من السدود … وهو الطريق إلى السد … حيث أنشئ له طريق معبد فريد … فالمنطقة جبلية … والوادي ضيق الأفق في هذه الناحية …لذا شق نفقان له يسهل الوصول للسد … يبلغ طول إحداها 400 متر … والآخر 1500 متر … النفق لا يكاد يتسع لسيارتين … وقد شق في الصخور … وترك بدون صبات تغطي جوانبه … لقوة الصخور وتماسكها … مما جعل للمرور به استمتاعاً و فرجة جميلة … هذه صورة لمدخل أحدها …
النفقان متعرجان من الداخل … وقد عملت له إنارة بسيطة على طوله …
طبيعة الصخور فيه ونحتها … وامتدادهما الكبيرين مع وجود بعض الرطوبة فيهما وبعض قطّارات المياه البسيطة … وكذا انخفاض درجة الحرارة فيهما بشكل ملحوظ … فتنخفض الحرارة قرابة الدرجتين أو الثلاث درجات مئوية … أعطتهما جمالاً وميزة عن غيرهما من الأنفاق …
بعد اجتياز الأنفاق وصلنا للسد الكبير … وهذه صورة للحجر الافتتاحي للسد آنذاك …
السد ذو شكل أسطواني مقوس بنصف قطر 140 متراً وعرض 9.5 مترات … وأقصى ارتفاع من الأساسات إلى القمة 73 مترا وطول قمته 247 متراً ويحتوي على 110000 متر مكعب من الخرسانة ومن فوقه طريق على جسر عرضه 4.5 مترات وهو مبنى من كتل خرسانية طول الواحدة منها 16 مترا ويتم التحكم في درجات حرارة السد بضخ مياه باردة خلال نظام أنابيب قطرها 25م مطمورة في الخرسانة حتى تصل برودة جسم السد إلى 22˚ … وقد تم حقن الصخر الموجود تحت السد لزيادة صلابته ورسوخه وتقليل مساماته لتكوين ستارة عمقها 40 مترا بميل 30 درجة مئوية إلى الأعلى ولتخفيف ضغط الماء في الصخر الواقع تحت ستارة الحقن … حفرت آبار صرف في دهليز الأساس وثلاثة دهاليز أخرى في كل كتف يتم من خلالها التخلص من المياه المتسربة إلى داخل الصخور …
يمكن تصريف مياه السيول من خلال أحد الطرق التالية : -الفيضانات حيث يتم تصريفها من مفيض للطفح عرضه 69 مترا وارتفاع 15 مترا يوجد في قمة السد بطاقة تصل إلى 8200 م3 / ثانية … أو التصريف العادي ففي السد ثلاثة مخارج قريبة من قاعدته قطر كل منها 2.25 متر تتحكم في بوابات انزلاقية في الواجهة السفلى للسد بحيث تسمح هذه البوابات لبعض الترسبات المعلقة في بحيرة التخزين بالمرور من خلالها … وهناك مصاف تحجز النفايات الكبيرة من الدخول حتى لا يتسبب عنها تلف للبوابات وبقيت كل بوابة صمام تحكم حلقي رادف مزود بلقم وقف التدفق بعد مصافي النفايات وتبلغ طاقة التصريف لكل بوابة عند المستوى العادي 65 متراً مكعبا في الثانية بينما يوجد فوق المخارج السفلية مخرج رابع يرتفع عنها بمقدار 17 مترا بطاقة تصريف 55 م3 / ث وقطر 2.25م وتقوم مصفاة النفايات بوقاية صمام التشتيت الكمي النفاث وبوابة بعجلة مثبتة … أو يصرف الماء للصيانة عند الحاجة حيث تم إنشاء مخرج تحت مستوى المخارج السفلى بقطر 0.5 متر …
وتم إنشاء سد صغير في الواجهة السفلى للسد الرئيسي لتكوين بحيرة صغيرة يمكنها تخفيف صدمة تدفق المياه المتسربة من فوق المفيض أثناء الفيضانات الكبيرة وبذلك يحد من عمق التحات الناتجة … كما أن الجدارين الخرسانيين المثبتين في قواعد الأكتاف يحدان من المدى الأفقي للتحات التي قد تحدث في تلك القواعد وللسد السفلي جانبا على شكل الرقم 7 عرضه 80 مترا ويعمل كجدار لقياس كميات المياه المتصرفة من المفيض … السد ومنذ فترة مفتوح دائماً حيث أنه وجد أن المستفيد من حجز المياه هو ما قبل السد … وتضرر سكان نجران الواقعون بعد السد من إغلاقه وبعد المطالبات تم فتحه بشكل دائم … وترك معلم جميل … و للحالات الطارئة ونحوها …
من معالم نجران المميزة الأخدود الشهير … و لا تكفيه إشارة أو وقفة بسيطة … بل يحتاج لبحث كبير مستقل … ولكن داخل منطقة الأخدود يوجد رحيان ( رحى ) مميزان … وهما اللذان يستخدمان لطحن الحبوب … يميزهما ضخامة حجمهما … هذه صورة لأحدها والجزء الأسفل منه في حالة جيدة … وأما الجزء العلوي فقد انشطر لجزئين وهو البادي أعلى الصورة …
مقارنة بين فتحة الرحى ( الجزء الأسفل ) والجوال … ويتبين ضخامة حجمه حيث يبلغ قطره قرابة المتر والنصف ….
صورة للرحى الآخر السليم من موقع قريب من موقع الرحى الأول … والصورة من عدسة الأخ العزيز : أبرق الضيان …
وبهذا الرحى العملاق نصل لنهاية الأجزاء الأربعة من رحلتنا الجنوبية للعام المنصرم … أرجو أن تكونوا استمتعتم بهذه الرحلة ومنها استفدتم … أشكر لكم تفضلكم بالمرور على الموضوع …. والشكر موصول للصحب الأعزاء الكرام في الرحلة : أخي الفاضل المرير … وأخي وسائقنا أبرق الضيان … وأخي الغالي أبو خليل …
وإلى لقاء قريب – بإذن الله – مع مواضيع أخرى وتغطيات أخر …
لكم أطيب التحايا وأزكاها من أخيكم …
… رسلان …
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،