أغلبنا قد سَمِع أو قرأ من قبل عن نظرية فص الدماغ الأيسر والأيمن، وتعرضنا لأشخاص يعتقدون أنهم يستخدمون الجزء الأيسر من الدماغ أكثر من الأيمن أو العكس، وقد يكون بعضكم يعتقد بصحة هذه النظرية أيضاً، وهناك بعض الأشخاص ممن يدعون بأنهم يستخدمون الجزء الأيسر يتفاخروا بمهاراتهم في الرياضيات أما الآخرين فيتفاخرون بإبداعهم. نظراً للشهرة الكبيرة التي تحظى بها هذه النظرية قد تتفاجأ عندما تعلم أن هناك الكثير من المغالطات المتعلقة بها.
تعود نظرية النصف الأيمن والأيسر من الدماغ إلى Roger W. Sperry، وهو عالم أعصاب وعالم نفس عصبي أمريكي، والحائز على جائزة نوبل في الطب عام 1981 مشاركتاً مع تورستن فيزل وديفيد هوبل. لعمله في مجال بحث انقسام الدماغ. بينما كان يدرس ويبحث آثار داء الصرع اكتشف روجر أن قطع الجسم الثَّفني أو الجسم الجاسئ (أو corpus callosum وهو مجموعة من الألياف العصبية التي تربط نصفي الدماغ ببعضهما البعض) يمكن أن يُقلل ويمنع نوبات الصرع. ووفقاً لهذه الدراسة فقد قال روجير إن كلا نصفي الدماغ يعمل بشكل مستقل وبالتنسيق مع النصف الآخر بواسطة الجسم الثفني.
بالنسبة للأشخاص الذين يقولون بأنهم يستخدمون الجزء الأيمن أو الأيسر من الدماغ بشكل أكبر، أو يستخدمون اليد اليمنى أو اليسرى، فإن عمل قسمي الدماغ هو أكثر تعقيداً من هذا المفهوم. على سبيل المثال، هناك بعض الأشخاص يرمون الكرة باليد اليمنى ولكنهم يكتبون باليد اليسرى.
إحدى الفرضيات تقترح أن التخصصية الوظيفية لنصفي الدماغ أفضل من أن يكون نصفي الدماغ مجرد انعكاس لبعضهما البعض ويقومان بنفس الوظائف في نفس الوقت وعوضاً عن ذلك يمكن لأحد النصفين أن يقوم بوظيفة ما ليترك النصف الآخر للقيام بمهمة أخرى، من أجل تحقيق أقصى قدر ممكن من الكفاءة.
يقول الأستاذ ستيفن ويلسون من جامعة كلية لندن: “إن التماثُل الدماغي ضروري للوظيفة السليمة للدماغ”.
علماء الأعصاب يعلمون اليوم جيداً أن نصفي الدماغ يعملان يداً بيد ويتصلان ببعضهما من خلال الجسم الجاسئ الذي ذكرناه، ولكن طريقة التعاون التي تتم بينهما هي التي لا نعلمها تماماً، ربما تتبادل الأجزاء المتشابهة الأدوار فيما بينهما ليسيطر أحدهما فترة ثم يسيطر الجزء الآخر.
ولعل أشد ما يثير الدهشة والتعجب قدرة الدماغ على العمل بنصف دماغ واحد فقط، بعد أن يتم إجبار أحد نصفي الدماغ على استلام زمام الأمور بمفرده، وذلك عند استئصال النصف الآخر، حيث يبدأ في مد خطوط اتصال جديدة، وإعادة بناء نفسه بحيث يمكنه التحكم الكامل في الجسم.