قد تكون الوسائد غير مريحة، المحيط مثيرٌ للأرق، اللحاف سميك ولا يُشعرك بالراحة، لكن حتى في أفخم غرف الفنادق والقصور، ستكون الليلة الأولى مروعة بمعنى الكلمة! إذ سيُجافي النوم عينيك تمامًا مقارنةً لو كُنت في سريرك الخاص بك وفي منزلك!
تأثير الليلة الأولى ، لماذا يجافي النوم عينيك عند النوم في مكان جديد؟
قد تظن أنك الوحيد الذي يُعاني من هذه المشكلة عند تغيير مكان النوم، لكن تبين أن هذه المشكلة عامة وشائعة بين معظم الناس حتى أن العلماء أطلقوا عليها اسمًا! وهي ظاهرة “تأثير الليلة الأولى”. فلسببٍ ما، عندما نجد أنفسنا تحت سقفٍ جديد ونحن بحاجة للنوم، تكون ليلتنا الأولى مضطربة وعادةً ما نستيقظ ونحن نشعر بالتعب والدوار.
وعلى أمل إيجاد تفسير منطقي علمي لهذه الظاهرة الشائعة، قام العلماء بدراسة الأدمغة النائمة لمدة نصف قرن تقريبًا، وأخيرًا نشروا ما توصلت إليه تجاربهم في دراسة حديثة. فقد قام فريق من الولايات المتحدة الأمريكية بالإجابة على التساؤل المؤرق عن سبب اضطراب نومنا في مكان جديد في الليلة الأولى من إقامتنا. إذ يبدو أن أدمغتنا تقضي الليلة الأولى في وضعية المراقبة، حيث يخلد نصف الدماغ بالنوم، أما النصف الآخر فيبقى مترقبًا وحارسا ومتابعًا لكل حركات وسكنات المكان الجديد!
ماساكو تاماكي، عالمة النوم في جامعة براون في بروفيدانس، رود أيلاند، قالت: (إن كنا لا نعرف إذا كانت الغرفة الجديدة آمنة للنوم، فإن لدينا نظام حراسة ليلية يقوم بمتابعة المكان لاكتشاف أي شيء غير عادي). ويرى العلماء أن تأثير الليلة الأولى يعادل تمامًا سلوك بعض الطيور التي تنام وهي تفتح عين واحدة لتبقى متيقظة من الحيوانات المفترسة خلال الليل. كما تستعمل الدلافين خدعة مماثلة عبر تبديل النوم بين شطري الدماغ لتبقى العين متيقظة من أسماك القرش المفترسة خلال نومها.
وكان الفريق العلمي من ضمنهم العالمة تاماكي قد قاموا بتصوير الدماغ بتقنيات متطورة لـ 35 شخصًا تطوعوا للنوم في المختبر. حيث استعمل الباحثون تقنية تصوير الدماغ المغناطيسي المتطورة MEG، وتقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الهيكلي، وقياسات أخرى لدراسة النوم وطريقة عمل الدماغ خلال الليلة الأولى التي قضاها المتطوعون في المختبر.
وكانت عمليات المسح قد كشفت عن أن النصف الأيمن من الدماغ غطّ في النوم كما هو متوقع، لكن بقي النصف الأيسر أكثر نشاطًا. ثم اختبر العلماء استجابة المتطوعين أثناء نومهم لأصوات معينة، عبر البدء بصوت طنين منخفض والذي تجاهله الدماغ، لكن عندما أدخل الباحثون صوتًا غير عادي أظهر الجزء الأيسر من الدماغ إشارات نشاط وكان معظم المتطوعين عرضةً للاستيقاظ لاكتشاف الصوت.
هذا يعني أن الدماغ كان في حالة ترقب لأي صوت غير طبيعي وغير عادي خلال النوم بحيث يُنبه الشخص للاستيقاظ عند اكتشاف تهديد ما. أما المثير في الأمر، فهو أن الأثر اختفى تمامًا في الليلة الثانية وفقًا للتقرير.
العلماء ليسوا متأكدين تمامًا من أن الجانب الأيسر فقط هو ما يعمل كحارس ليلي خلال الليلة الأولى، فقد سجل الشق الأيسر للدماغ نشاطًا ملحوظا لأول 90 دقيقة من نوم المتطوعين، لذلك فمن الممكن أن آلية عمل الدماغ البشري مشابهة لعمل دماغ الدولفين عبر تبديل دور الحراسة بين شقي الدماغ خلال الليلة.
كما يُلاحظ أن الأشخاص الذين اعتادوا على النوم في أماكن غريبة وجديدة قد لا يُواجهون مشكلة البتة في الليلة الأولى، حيث أن أدمغتهم قد اعتادت الاختلاف كون دماغ الإنسان مرن. ويأمل الباحثون أن تُفيد النتائج في حل مشكلة المصابين بالأرق الذين يشتكون من قلة النوم طوال الليل، على الرغم من أن إشارات الدماغ لديهم أظهرت أنهم كانوا في حالة نوم. إذ يعتقد العلماء أن الكثافة العالية لإشارات الدماغ تعني في بعض الأحيان وجود علامات نشاط وإثارة في بعض مناطق الدماغ لدى هؤلاء المرضى. ما يعني أن الدماغ يُمكن أن يكون مستيقظًا محليًا وربما هذا ما يحدث في تأثير الليلة الأولى.
اقرأ أيضًا:
7 أشياء لا تفعلها عند استيقاظك من النوم