جزيرة أكاريا اليونانية، اشتهرت بطول عمر من يعيشون بها، بالإضافة إلى احتفاظهم ببريق الحياة بعيداً عن الشيخوخة، إذ إن معظم سكانها يعيشون بكامل صحتهم ونشاطهم لأعمار تفوق التسعين عاماً، وكثير منهم يصبح من المعمرين.
الأمر ليس فقط بأنهم كبار في السن فحسب، بل يتمتعون أيضاً بالصحة والنشاط، ولديهم معدلات قليلة للإصابة بالسرطان وأمراض القلب، وهم أقل عرضة للمعاناة من الاكتئاب أو الخرف، كما ويُظهرون نشاط بدني كبير. على مر السنين، حاول العديد من الزوار كشف سر جزيرة أكاريا حول الصحة الجيدة وطول العمر، وكان الأمر يعتمد على مجموعة من العوامل، بما في ذلك النظام الغذائي المحلي وميلهم لقيلولة بعد الظهر.
خلال دراسة للدكتورة كرستينا كروسوتشو، وهي اختصاصية بأمراض القلب في كلية طب جامعة أثينا، فقد وجدت أن النظام الغذائي المحلي لسكان هذه الجزيرة كان غنياً وصحياً، حيث يشتمل على الفول والخضروات البرية المحلية، بالإضافة إلى البطاطس وحليب الماعز، وهم أيضاً لا يأكلون الكثير من اللحوم أو السكر المكرر.
وقالت كرستينا: “إن النظام الغذائي لهذه الجزيرة مختلف تماماً عن الجزر اليونانية الأخرى، إذ إن أهل أكاريا يشربون أعشاب الشاي، وكميات قليلة من القهوة، ولديهم استهلاك للسعرات الحرارية بمعدل قليل”. وقد أشارت الدراسات أيضاً إلى أن سكان أكاريا لديهم عادة القيلولة في فترة ما بعد الظهر، وهي التي قد تكون عاملاً مؤثراً في الحد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
أمضى مؤلف الكتب دان بوتنر عدة سنوات في دراسة أهل أكاريا وعاداتهم، كما وتحدث عن الجزيرة في كتابه “The Blue Zones”، والذي يضم خمس مناطق في العالم يتجاوز بها طول العمر المتوسط الأمريكي، حيث يصل متوسط العمر المتوقع في أمريكا إلى حوالي 79 عاماً.
لا يقتصر الأمر على أهالي هذه الجزيرة في كونهم يعيشون حياة طويلة فقط، بل إنهم أيضاً يموتون بشكل طبيعي، مع معاناة قليلة أو معدومة. خلال الحرب العالمية الثانية، عندما احتُلت الجزيرة من قِبل الألمان والإيطاليين، توفي 20% على الأقل من السكان بسبب الجوع. لكن مع مرور الوقت، فقد أدت هذه المعاناة إلى ترابط وتلاحم قوي بين السكان.
