اشكركم على التفاعل مع القصه واعطيكم الجزء الثاني
الجزء الثاني
انتبهت العمة لصوت ما ورائها وأرادت الالتفاف لكن سرعان ما غطى عينيها بيديه ففزعت وبادرت بالسؤال: من أنت؟؟ فهدأت عندما سمعت همهمة كالأطفال وضحك خافت فقالت بلهجة الحنان المؤنب: سلام أهذا أنت؟؟ فسمعت حركه بالفم "أءأء" ثم تنهدت بصوت مرتاح : أممممممم عايشه حبيبتي لا وقت لي للضحك لدي الكثير كي أنجزه فالليلة زواج ليلى ابنه المؤذن سجاد وحبيبتي بإزعاجك لي لن انتهي فما رأيك لو أنهيت اللعب الآن؟؟
لم يستطع إلا أن يضحك بصوت مرتفع لان عمته لم تتغير هي, هي على حالها بالتأنيب والتذكير بالمشاغل, وهو يضحك غير عابئ بالمفاجأة التي أفسدها سمعت تلك الضحكة الجميلة التي حلمت بها طوال خمس سنين منذ ذهابه فتنهدت بفرح :آآآآآآآآآه .. انه … انه ….. عد
لم تستطع فالتفتت إليه فرأت تلك الشمائل وتلك الملامح وتلك العينين الجميلتين اللتين أسهرتها طوال الخمس أعوام
فأنت منادية : عدي ……….. عدي.
تلاقيا كالأحبة المتفرقين حضنته حضن ملؤه الحزن والاشتياق وهي تناجيه: ولدي الحبيب… حبيبي عدي … لقد عدت ….قرحت عيوني بانتظارك ولدي …. حبيبي .
لم يتمالك نفسه فبكى كما لم يبكي أبدا تذكر الحب والحنان الذين كان ينعم بهما وتذكر ما كان يمر به طوال الخمسة أعوام من ألم وتعذيب ضمير فأرخى العنان لدموعه وناداها كما يفعل بالصغر: عمتي …. وحشتني
طال بهما البكاء ولكنها تنبهت انه هنا أنها حقيقة فووجهت وجهها إليه تتفحصه: كيف حالك؟؟ بني حبيبي؟ تبدو هزيلا ألا تأكل يا الهي ماذا فعلو بك أولئك ……. تهلل وجهها وهي تهمس: والدك, والدك أذهب إليه انه لا بد ينتظرك
تهلل الوجه الجميل ونهض على طوله إلى أبيه …. كان يمشي بالبداية ولكنه استبدل المشي بالجري … هو اتجه ناحية المنزل وعمته إلى بيوت الناس تطرقها وهي تنادي : لقد عاد … عاد ولدي ….. عاد عدي …………
وصل عدي إلى الباحة الأمامية لبيه .. لم يجرئ على الدخول شيء ما استوقفه … صوت جميل .. صوت أليف .. قرآن
انه أباه يقرأ القرآن كعادته في ذلك الوقت من الصباح …. فلم يرغب بأن يلهيه فأنتظره إلى أن انتهى .. فعندما قام للدخول للمنزل لمفاجأة أباه سمعه يتكلم كلاما غير مفهوم … اقترب اكثر حتى يفهمه ….. سمعه يحادث أحدا ما مع انه لوحده يحادث …..يحادثه… تعجب من والده .. ماذا جرى له؟؟؟ دخل المنزل قليلا فسمع والده يقول:…. الأسبوع الثاني من غيابك يا ولدي … يا ترى أين أنت …. أنا من فعل بك هذا … خسرتك إلي الأبد سأموت ولن أراك بعد الآن.
همهمة والده ونوحه المر آلمه كثيرا فلم يريد أن يبخل على والده فدخل المنزل … بحثت عيناه عن أبيه … سار بالمنزل كالشبح تبحث عيناه عن والده فرآه في الغرفة المجاورة ينظر إلي صورته القديمة التي هو ينظر بها ضاحك وتألم لأبيه الحزين الذي يبكي له فأراد أن ينهي حزن أبيه فناداه بصوت مخنوق العبرات: أبى ؟؟؟ أبى؟؟؟ أنا هنا …
التفت الأب إليه وهرع إليه ليحضنه ويقبله ويشبع شوقه به فبكيا معاً كالأطفال من كثر الشوق…..
لم يأتي الظهر حتى علمت البلدة بعودة عدي أخيراً إلى المنزل وأتى الجميع ليباركوا أباه بهذه العودة الجميلة . الوالد كان يشكرهم ويضحك معهم لكنه كان ينتظر أن يفرغ هذا المجلس حتى يجلس مع ابنه ليسأله عما جرى معه طوال تلك السنوات الخمس بعيدا عنه فمال بصره إلى ابنه فرآه يضحك مع بعض الأطفال و أصحاب الطفولة فمسكت ضحكاته لسانه بما قد قرر أن يسأله … وترك الأمر لابنه متى تفرع سيقول له ماذا جرى
لم يأتي الليل حتى تلألأت البلدة بالمصابيح الملونة … فالحفل تثنى .. فهي حفلة حناء ليلى وحفلة عودة عدي إلى البلدة. توجه عدي ناحية الحفل وهو يحاول أن يتملص من أصحابه الذين اثنوا على شكله الذي لم تغيره الظروف التي مرت به فالفتيات كن يذهبن ويعودن فقط من أجل لفت انتباه هذا الرجل الوسيم العائد من الحرب كالبطل والشباب يكادون يختنقون من الغيرة ولكن الغيرة كانت شفافية واكتفوا بالتعبير عنها باللوم البسيط له وهو يضحك ولا يرد عليهم
واصل المسير حتى مجلس الرجال لكنه وقف فجأة …. نفس الصوت سمعه … ذلك الخلخال الناعم … يعود الصوت إلى أذنه إلى ذلك الطيف الجميل …. التفت إلى الصوت ….أنها هي … الفتاة نفسها ولكن … أنها حقيقية وليست خرافية تمعن فيها فتذكر ملامح يعرفها فالعيون الجميلة والخدود… المشية…. ااااااااخ اختفت .. ولكن ليس كالطيف بالغابة بل دخلت إلى مجلس النسوة انزل نظره متحيرا عنها وهو يضرب برجله على الارض متحسرا على حظه المتعثر فرفع رأسه متحيرا فرآها واقفه على بعد قريب منه هي تنظر إليه بكل براءة وروعة وهدوء … للحظه عرفها وعرف هذه النظرة الجريئة الهادئة … أنها هي … أنها هي …. تبسم ثغرها له فجن جنونه على ما قارب لها … أنها هي … أنها عائشة الصغيرة……………………
*(( ام سداح ))*