في عام 1947م، اقترح الكونجرس التعديل الثاني والعشرين، والذي من شأنه أن يُقصّر رسميًا من الولاية الرئاسية لكل رئيس أمريكي على فترتيْن مدتهما أربع سنوات. لكن في حين أن الحد الأقصى للولايتيْن كان جديدًا، إلا أن طول كل فترة رئاسية لم يكن كذلك، فالرؤساء الأمريكيين كانوا يتولّون الحكم لمدة أربع سنوات في كل مرة منذ عهد الرئيس جورج واشنطن.
لماذا تمتد فترة الولاية الرئاسية لمدة أربع سنوات في معظم الدول؟
عند النظر في السبب خلف قانون خدمة الرئيس المنتَخب مدة أربع سنوات في معظم الدول التي تتناقل خلالها السلطة عبر الانتخابات الرئاسية، فإن السبب الرئيسي في تحديد مدة الرئاسة مرتبط بشكلٍ وثيق في القانون الأمريكي.
تعود الأحداث إلى مايو 1787م، عندما اجتمع ممثلون من كل ولاية عدا ولاية رود آيلاند في فيلادلفيا لحضور المؤتمر الدستوري. حيث خططوا لتحديث مواد الاتحاد ومنح المزيد من السلطة للحكومة الفيدرالية العاجزة عمليًا.
ما فعلوه في النهاية هو صياغة وثيقة جديدة -وثيقة الدستور- وإصلاح النظام السياسي بأكمله. وكان من أهم التغييرات إنشاء فرع تنفيذي لتوفير الضوابط والتوازنات للسلطات التشريعية والقضائية.
نظرًا لأن المندوبين كانوا قلقين من أن ينتهي بهم الأمر مع حاكم يشبه الملك، فقد كان هناك نقاش حيوي حول المدة التي ينبغي أن يُسمح للرئيس بالخدمة فيها.
دعم البعض، مثل هيو ويليامسون من نورث كارولينا، فترة الولاية الرئاسية لمرة واحدة مدتها سبع سنوات، مع عدم وجود فرصة لإعادة الانتخاب. بهذه الطريقة، كما قال، يمكنهم تجنب “الملك المنتخب”، الذي “لن يدخر جهدًا في البقاء على قيد الحياة مدى الحياة، و يضع قطارًا لخلافة أطفاله”.
إذا كان بإمكان الرئيس أن يخدم فترة ولاية واحدة فقط، فإن ويليامسون لم يكن ضد فترة 10 أو حتى 12 عامًا. اقترح زملاؤه أطوالًا أخرى، من ست سنوات متواضعة وصولًا إلى “مدى الحياة”. كان ألكسندر هاملتون من بين أولئك الذين دافعوا عن فترة ولاية مدى الحياة، معتقدين أنها ستمنع الرئيس من التركيز الشديد على إعادة الانتخاب لاتخاذ قرارات جيدة.
كان المندوبون يواجهون نفس القدر من الصعوبة في تقرير ما إذا كان ينبغي على الكونجرس أو عامة الناس اختيار الرئيس. استمرت هذه المناقشات خلال صيف ذلك العام، حتى قام المندوبون بتعيين 11 عضوًا “لجنة الأمور المؤجلة” للتوصل إلى حل نهائي.
بموجب خطة اللجنة، سيتم انتخاب الرئيس من قبل هيئة انتخابية – حل وسط واضح بين السماح للكونغرس باختيار شخص ما وترك الأمر بالكامل للناخبين. سيخدم الرئيس لمدة أربع سنوات، ويمكن أن يترشح لإعادة انتخابه. في أوائل سبتمبر، وافق المندوبون المنهكون على الخطة. (كانت ولاية كارولينا الشمالية هي الولاية الوحيدة التي صوتت ضد فترة الأربع سنوات).
لماذا يُمكن للرئيس أن يرأس الحكم لفترتيْن متتاليتيْن فقط؟
على الرغم من أن المؤتمر الدستوري قد اتفق على عدم وضع حدود لفترة ولاية الرئيس، إلا أن جورج واشنطن وتوماس جيفرسون أرسيا سابقةً من خلال الانسحاب بعد عامين فقط. تبعه معظم الرؤساء المستقبليين، والذين لم يفشلوا في الفوز بولاية ثالثة على أي حال.
أوليسيس س. جرانت، على سبيل المثال، أخذ استراحة بعد انتهاء ولايته الثانية في عام 1877، وقام بحملة لولاية ثالثة في عام 1880. كاد أن يفوز بالترشيح في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ذلك العام، لكنه خسر أمام جيمس جارفيلد.
كما رفض ثيودور روزفلت السعي لولاية ثالثة بعد انتهاء فترتيه، فقط ليغير رأيه بعد سنوات قليلة. ترشح كمرشح ثالث لحزبه التقدمي الجديد في عام 1912، لكن الديموقراطي وودرو ويلسون جاء في المقدمة.
تغيرت الأمور في الأربعينيات، عندما انتزع الديمقراطي فرانكلين ديلانو روزفلت فوزه الرئاسي الثالث ثم الرابع. بين تداعيات الكساد الكبير وتدخل الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، كان بعض الناس (الجمهوريون على وجه الخصوص) غير مرتاحين لمثل هذا الحكم الطويل. توماس ديوي، الذي خاض الانتخابات ضد روزفلت عام 1944، وصفه بأنه “أخطر تهديد لحريتنا على الإطلاق”.
توفي روزفلت في المنصب بعد أشهر قليلة من ولايته الرابعة، وسرعان ما بدأ أعضاء الكونجرس العمل على تعديل دستوري لمنع هذا النوع من السلالة السياسية التي كان ويليامسون قلقًا بشأنها في عام 1787. وقدموا التعديل الثاني والعشرين في مارس 1947، وتم التصديق عليه في فبراير 1951.
وبذلك، أصبحت القاعدة العامة لكل رئيس منتَخب في الولايات المتحدة الأمريكية أن يتولى الحكم لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لولاية ثانية، ثم لا يحق له الترشح لولاية ثالثة تالية. هذه القاعدة سارت على نهجها العديد من الدول بعد ذلك، سواء عربية أو غربية.
اقرأ أيضًا:
ما وظيفة الزر الأحمر على مكتب الرئيس الأمريكي ترامب؟
ماذا يحدث لحساب الرئيس الأمريكي على تويتر بعد انتهاء ولايته الرئاسية؟
أمور تجعل رئيس الفلبين أكثر رؤساء العالم جنونًا