تستند العديد من التحقيقات في مسرح الجريمة إلى فكرة أن لا شيء يختفي بدون أثر. ينطبق ذلك بشكلٍ خاص على ضحايا جرائم العنف والقتل. يمكن للقاتل أن يتخلص من جسد الضحية ويمسح الدم المتناثر، لكن بدون مواد تنظيف كيماوية ثقيلة، ستظل بعض الأدلة.
فجزيئات الدم الدقيقة ستتشبث بالأسطح لسنوات وسنوات، دون أن يدرك أحد وجودها!
لماذا يتوهج الدم عند التحقيق في مسرح الجريمة؟
هنا، برز تحليل جنائي يُسمى اللومينول، يستخدم للكشف عن هذه الآثار الدقيقة من خلال تفاعل كيميائي يُنتج ضوءًا متوهجًا عندما ترتبط مادة التفاعل مع الهيموغلوبين، وهو بروتين يحمل الأكسجين في الدم.
في هذا التفاعل بالتحديد، تحتوي المادة المتفاعلة على طاقة أكثر من النواتج. حيث تتخلص الجزيئات من الطاقة الزائدة على شكل فوتونات ضوئية مرئية.
هذه العملية تُعرف باسم التلألؤ الكيميائي، وهي نفس الظاهرة التي تجعل اليراعات وحشرات أخرى متوهجة في الطبيعة.
يقوم المحققون برش منطقة مشبوهة في مسرح الجريمة بمادة اللومينول، ثم إطفاء كافة الأضواء والبحث عن ضوء مشع أزرق. إذا ظهر الضوء، فذلك يعني أن آثار الدم كانت تغطي المكان المشع، وتوهجت بالظلام.
كيف يحدث تفاعل اللومينول؟
إذا كان هناك آثار للدم في المكان، يحدث أن تترابط جزيئات الهيموجلوبين، مهما كانت قليلة وباهتة، مع مادة اللومينول.
قد يستخدم المحققون مواد كيميائية أخرى بدلًا من اللومينول، مثل الفلورسين. تعمل هذه المادة بذات المبدأ الكيميائي، لكن الإجراء قد يختلف.
على الرغم من أن ظهور التوهّج يدل على وجود بقايا دماء في المنطقة، لكن لا يكفي هذا التحليل للحكم على أن دمًا كان هنا، بل يلزم إجراء اختبارات أخرى للتأكد من أنه دم بشري حقًا.
فاللومينول بحد ذاته لن يحل عادةً قضية القتل، لكنه خطوة أساسية في عملية التحقيق، ويمكن أن يكشف عن معلومات هامة تؤدي إلى استئناف التحقيق المتوقف مرةً أخرى.
على سبيل المثال، يمكن أن تساعد أنماط الدم المخفية المتناثرة المحققين على تحديد مكان الهجوم، وحتى نوع السلاح المستخدم – فالرصاصة تجعل الدم يتناثر بشكل مختلف تمامًا عن القتل بالسكين.
قد يكشف اللومينول كذلك عن آثار الدم الملتصقة بالأحذية، ما يمنح المحققين معلومات قيمة حول هوية المعتدي وما فعله بعد تنفيذ الجريمة.
مشكلات مرتبطة باستخدام اللومينول في مسرح الجريمة
إحدى أبرز المشكلات المتعلقة باستخدام اللومينول في الكشف عن الدم في مسرح الجريمة، أنه قد يدمّر الأدلة الأخرى في المكان.
لهذا السبب، لا يستخدم المحققون اللومينول إلا بعد استكشاف العديد من الخيارات الأخرى. بالرغم من أنه أداة فعّالة بيد الشرطة، لكنه ليس بالتقنية الشائعة في التحقيقات الجنائية كما يُروّج له عبر البرامج التلفزيونية. فالشرطة لا تدخل لمسرح جريمة وتقوم برش المادة على كل سطح مرئي كما نشاهد على التلفاز!
اقرأ أيضًا:
حقائق مذهلة عن مسلسل الجريمة Breaking Bad
كيف يتم صناعة الدماء المزيفة “Fake Blood” في الأفلام؟
5 حيوانات تمتلك دماء ذات ألوان غريبة!