مع استمرار تفشي فيروس كورونا في الصين، لا تزال أرقام الوفيات في تزايد والإصابات بعشرات الآلاف. لكنّ الناظر في حال مُصابي الفيروس يُلاحظ أن هناك فئة معيّنة كانت الأقل ضررًا، وهي فئة الأطفال.
بالتأكيد، يُمكن أن يُصاب الشباب بالفيروس، وكان من بين الإصابات عدد قليل للغاية من الأطفال حديثي الولادة، وفقًا لمسؤولي الصحة الصينيين. لكن قلة من الأطفال كانوا بين صفوف المرضى المشخّصين بفيروس كورونا.
ما السبب في قلة عدد الأطفال المصابين بـ “فيروس كورونا” في الصين بالتحديد؟
وفقًا لتحيلات الأرقام التي تتغيّر باستمرار، يتوسّط عمر المرضى بفيروس كورونا في الصين من تتراوح أعمارهم بين 49 و 56 عامًا. ليس من الواضح تمامًا لماذا يبدو أن الأطفال يتجاوزون الإصابة بالفيروس، لكن الدكتور أندرو بافيا، رئيس قسم الأمراض المعدية عند الأطفال في جامعة يوتا، قال أن ظاهرة تجاوز الأطفال للعدوى قد تكون مرتبطة باختلاف الاستجابة المناعية عند الأطفال مقارنةً بالبالغين.
إحدى الفرضيات هي أن الاستجابة المناعية الفطرية، وهي الاستجابة المبكّرة التي تستهدف نطاق واسع من مسببات الأمراض، تميل إلى أن تكون أكثر نشاطًا عند الأطفال.
الجهاز المناعي الفطري هو خط الدفاع الأول ضد مسببات الأمراض. تستجيب الخلايا الموجودة في هذا النظام فورًا للغزاة الأجانب. وعلى العكس من ذلك، يتعلّم نظام المناعة التكيّفي التعرف على مسببات أمراض محددة، لكنه يستغرق وقتًا أطول للانضمام إلى المعركة.
إن كانت الاستجابة المناعية الفطرية أقوى عند الأطفال المعرّضين لفيروس كورونا، فقد يتغلّبون على العدوى بسهولة أكبر من البالغين، ويُعانون من أعراض خفيفة فقط.
عالمِ الأوبئة في كلية الصحة العامة بجامعة تمبل، كريس جونسون، قال إن الفيروسات التاجية الأخرى، بما فيها فيروس السارس وفيروس كورونا، تُظهر أيضًا هذا النمط. وأضاف أن الحالة التي نراها مع فيروسات كورونا الناشئة لا تعني أن الأطفال ليس لديهم أعراض على الإطلاق للمرض، إنما هم مصابون بالفعل بالتهاب رئوي فيروسي كما يبدو من السوائل في الرئتين. لكن أجهزتهم المناعية قادرة على التغلب على المرض قبل تطوّره وتغلّبه على الأجسام المضاد بطريقة أفضل من عمل أجهزة المناعة عند البالغين.
بالمثل، قال جونسون أن البالغين أكثر عرضة بنسبة 25 مرة للوفاة بسبب جدري الماء مقارنةً بالأطفال. وقال جونسون أنه وعلى الرغم من أن الإنفلونزا قد تكون مدمرة للرضّع، إلا أن الأطفال الأكبر سنًا يختبرون أعراضًا أخف وبسهولة أكبر من البالغين. حيث تبلغ معدلات الوفيات الناجمة عن فيروس الإنفلونزا عند البالغين 10 أضغاف معدل الوفيات عند الأطفال.
الشيخوخة والجهاز المناعي..
من الصعب معرفة عدد الأطفال المُصابين بفيروس كورونا الجديد في الصين الذي ظهر في مدينة ووهان في ديسمبر الماضي. عدم اليقين في الأعداد يعكس حقيقة أن الأطفال قد يكونوا أصيبوا بالعدوى لكنهم يُعانون من أعراض خفيفة ولم يتم اختبارهم لتأكيد إصابتهم بالفيروس.
أضف إلى ذلك أن هناك أسباب محتملة أخرى عدا قوى الجهاز المناعي الفطري للأطفال. منها أن الأطفال أقل تعرضًا لدخان السجائر وتلوث الهواء بالنسبة للبالغين، ما يجعلهم يُعانون من مشاكل أقل حدة في الجهاز التنفسي. فالأطفال يتمتّعون بصحة عامة أفضل، مع وجود حالات صحية مزمنة أقل.
كما أن البالغين أكثر عرضة للاستجابة المناعية الضارة التي تُسبب حالة تُسمى “متلازمة الضائقة التنفسية الحاد ARDS”. هذه المتلازمة تنشأ بسبب خلل معقّد في نشاط الخلايا المناعية ما يزيد من الاتهاب في الجهاز التنفسي، ويؤدي إلى تجمّع سوائل في الحويصلات الهوائية والقنوات التنفسية. حيث تتوقف كريات الدم الحمراء عن التدفق إلى هذه الحويصلات لحمل الأكسجين، ما يؤدي إلى ضائقة تنفسية حادة ويتوقف الشخص عن التنفس.
متلازمة ARDS كانت قاتلة في كثيرٍ من الأحيان لدى البالغين المصابين بفيروس كورونا. وعلى الرغم من الأطفال “المُصابين بالسارس” أُصيبوا بالتهاب رئوي، إلا أنهم لم يُصابوا بالمضاعفات المناعية الخطيرة التي يُصاب بها عادةً البالغون.
اقرأ أيضًا:
أشهر الخرافات الحاليّة حول فيروس كورونا !
هل يُمكن أن ينتقل فيروس كورونا عبر الطرود البريدية؟