ماذا سيحدث إن اعتمد كل شخص في العالم على نظام غذائي نباتي، بدون لحم أو ألبان أو عسل أو أي طعام آخر من مصادر حيوانية؟ سؤال افتراضي، لكنه بحاجة إلى إجابة شافية!
فكرة أن يتبع الجميع نظام غذائي نباتي قد تبدو مستحيلة، لكن في العقد الماضي، ارتفع عدد الناس الذين اتبعوا نظام غذائي نباتي في المملكة المتحدة بنسبة 340%! ويوجد أكثر من نصف مليون شخص نباتي في بريطانيا وحدها، من بينهم 20% تتراوح أعمارهم بين 16 و 24 سنة.
يقول أندرو جارفيز، من مركز كولومبيا الدولي للزراعة الإستوائية: “إنها قصة عالمين. ففي البلاد النامية، تحقق الحمية النباتية جميع أنواع الفوائد الصحية والبيئية. أما في الدول المتقدمة، فسيكون هناك آثار سلبية تتعلق بالفقر”.
ويفترض جارفيز وغيره من الخبراء في ذلك المركز ما الذي يمكن أن يحدث إذا أُسقط اللحم من قائمة طعام البشر بين عشية وضحاها، كما جاء في تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية BBC على موقعها على الإنترنت.
هذا ما سيحدث إن تحوَّل العالم إلى نظام غذائي نباتي فقط!
التأثير على المناخ
هل تعلم أن الغذاء هو المسؤول عن أكثر من ربع انبعاثات غازات الدفيئة؟ علاوةً على ذلك، تُشكل اللحوم ومنتجات الألبان الغالبية العظمى من تلك البصمة الكربونية. حيث تُمثل الثروة الحيوانية المستزرعة 14.5% من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ما يعني أن اتجاه البشرية بأكملها لاتباع نظام غذائي نباتي يعني انخفاض انبعاث الغازات بنسبة 70% بحلول عام 2050، وذلك وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS).
وإن تحولنا جميعًا إلى نباتيين، فسوف نخصص 80% على الأقل من المراعي الخاصة للماشية لإعادة الأراضي العشبية والغابات إلى سابق عهدها، والتي يمكنها أن تمتص غاز الكربون، وتخفف في المستقبل من حدة التغير المناخي.
الصحة
كونك نباتيًا لا يعني بالضرورة تناول طعام صحي، بطبيعة الحال، الحمية النباتية هي حمية منخفضة الكالسيوم وفيتامين B12 والحديد وفيتنامين د والزنك وأوميجا 3 والأحماض الدهنية.
وإن كنت تتبع نظام نباتي، عليك أن تحرص على تناول أطعمة غنية بالأحماض الدهنية كالمكسرات والبذور والفاصولياء والبقول، إضافةً إلى المكملات الغذائية. وعلى الرغم من المخاطر الصحية التي تنطوي على اتباع أي نظام غذائي، إلا أن تناول اللحوم المُصنعة من أكثر مُسببات السرطان، جنبًا إلى جنب مع الزرنيخ، الإسبستوس، والكحوليات، وذلك وفق تقرير منظمة الصحة العالمية في عام 2015.
ويبدو أن اتباع حمية نباتية سجّل تراجعًا في حالات التعرض لأمراض القلب والشريان التاجي والسكتات الدماغية والسكري النوع الثاني وبعض أنواع السرطان.
لكن الوصول إلى تلك الفوائد النظرية سيحتاج إلى استبدال اللحوم ببدائل غذائية ملائمة. فالمنتجات الحيوانية تحتوي على مواد غذائية في كل سعر حراري أكثر من المنتجات النباتية مثل الذرة والأرز، لذلك فإن اختيار البديل المناسب أمر مهم خصوصًا بالنسبة لحوالي ملياري إنسان يعانون من سوء التغذية في العالم.
المجاعة العالمية
هل يُمكن أن يُساهم النظام النباتي بوضع حد لتاريخ الفقر الغذائي؟ قد يبدو الأمر منطقيًا إن ركَّزنا على حقيقة أننا نستعمل نسبة كبيرة من الأراضي الزراعية لإطعام الماشية وليس البشر! وفقًا للدكتور والت ويليت، أستاذ الطب في جامعة هارفارد، فإنه بالإمكان القضاء على أسوأ حالات المجاعة في العالم بحوالي 40 مليون طن من الأغذية، في حين تستهلك حيوانات المزرعة 760 مليون طن سنويًا!
إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة وضع حد للمجاعة، فأسباب حصول المجاعات مرتبطٌ بالسياسة والتجارة أكثر من الغذاء نفسه! لذلك، ليس من الدقة أن نعتبر أن مسألة الجوع يُمكن حلها إن تحوّل العالم إلى نباتي!
المهن المرتبطة باللحوم
الانتقال إلى نظام نباتي سيعمل على إلغاء العديد من الوظائف في القطاع الحيواني، بالمقابل خلق فرص عمل جديدة للمساعدة في إعادة تشجير الغابات واستصلاح الأراضي الزراعية، أو إنتاج الطاقة البيولوجية من الأعلاف التي كانت مخصصة لحيوانات الماشية.
لكن الجانب الآخر من هذا الافتراض، هو صعوبة إيجاد بدائل كاملة عن الثروة الحيوانية للجميع. فحوالي ثلث مساحة الأرض في العالم أراضٍ قاحلة أو شبه قاحلة يمكنها فقط دعم الزراعة الحيوانية. حتى أولئك الذين لا تعتمد معيشتهم كليًا على الثروة الحيوانية سيعانون. فاللحم جزء مهم من التاريخ، والتقاليد، والهوية الثقافية أيضًا!
الاعتدال أساس كل شيء!
من حسن الحظ أن العالم لا يحتاج إلى أن يتحوَّل كليًا إلى نظام غذائي نباتي، لكن بدلًا من ذلك، يُمكن الاعتدال في تناول اللحوم بما يُساعد على تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة وتجنب التأثيرات السلبية على الصحة.
اقرأ أيضًا:
لدغة من هذه الحشرة الصغيرة من شأنها تحويلك إلى شخص نباتي بالكامل
روعة ومناظر تحفة