كم هي الأخطاء الصغيرة التي تسببت بكوارث كبيرة راح ضحيتها عدد كبير من الضحايا، وهذا ما حصل تمامًا في بناء أولى النسخ للطائرات والمباني والجسور. ولولا هذه الأخطاء لَمَا تمكّن البشر من تفاديها لاحقًا، فقد كانت بمثابة دروس مستفادة في سبيل الحياة بشكل أفضل. وقد عرضنا مجموعة سابقة لأسوأ الكوارث الهندسية التي شهدها العالم، ونعرض اليوم الجزء الثاني منها.
تحطم طائرة ركاب بسبب نوافذها مربعة الشكل
شهدت الخمسينيات تطوير طائرات الركاب النفاثة، والتي كانت في مقدمتها “دي هافيلاند كومت” والتي ضمّت العديد من المزايا التي لم تكن موجودة من قبل، مثل المقصورة المضغوطة والتي تسمح بالطيران لارتفاعات أعلى وأسرع أكثر من أي طائرة أخرى. وللأسف، في عام 1954م تفككت طائرتان من هذا النوع، دون أي سبب واضح، ما أدى لمقتل 56 شخصًا.
الخطأ
كان الخطأ في النوافذ مربعة الشكل، وهو ما لم تحتمله الطائرة عند وقوع الضغط عليها، ما أدى لهذه الكارثة. وهو ما غفل عنه مصممو الطائرة. فهل لاحظت من قبل الزوايا بيضاوية الشكل لنوافذ الطائرة؟ فهي التي تحفظ الطائرة من التفكك خلال الطيران في الجو، وذلك لأنها توزع الضغط على كل زوايا النافذة بدلًا من التركيز على نقطة واحدة. هذا الأمر لم يتوصل إليه الخبراء بسهولة إلا بعد اختبارات عديدة. وقالت شركات مثل بوينج ودوجلاس أن مهندسيها لم يفكروا في هذا الشيء من قبل، وإن لم تكن طائرات كومت هي أول من تعرض لحوادث، لكانت طائراتهم هي التي ستتعرض للتحطم!
تحطم طائرات مقاتلة بسبب زاوية مهبط الطيران
ربما لم نعلم كم أن هبوط الطائرة يكون صعبًا على قبطان الطائرة، فالمهبط مساحته صغيرة ومزدحمة بالطائرات، وهذا يتم بمساعدة أجهزة وحواسيب وإشارات لإرشاد الطائرة. لكن الطائرات القديمة لم توجد بها تلك الأشياء، إلا أن المشكلة لم تكمن هنا.
الخطأ
كانت الطائرات التي تنتظر الإقلاع موجودة في نهاية الطرف الآخر من المدرج الذي تحاول طائرة أخرى الهبوط فيه كما يظهر في الصورة أعلاه. فإن لم تتوقف في الوقت المناسب فستحصل الكارثة، وإيقاف الطائرة لم يكن شيئًا صغيرًا. وفي النهاية تم وضع شبكات تساعد على إيقاف الطائرة. لكن من غير المألوف أن الطائرات ترتد عند مثل هذه الشبكات.
فما الحل الذكي؟
فقد تم بناء المهبط بزاوية 9 درجات، ربما تعتقد أن ذلك شيئًا سهلًا، لكنه في الحقيقة استغرق سنوات عديدة، وقد يعد من أهم ما قد تم التوصل إليه. فقد كان هبوط الطائرات يشكل خطورة كبيرة، وظل الحال على ذلك حتى عام 1952م، وقت بناء المهبط الجديد؛ الأمر الذي سهّل هبوط الطائرات وإقلاعها. فيمكن للطائرات التي تفقد الإشارات أن تتخذ موقعًا مناسبًا لها بعد بناء المهبط بـ 9 درجات، أي أصبحت هناك مساحات أكثر اتساعًا للهبوط والإقلاع.
وفاة المئات بسبب باب ملهى ليلي
كان “كوكانت جروف” في بوسطن أشهر النوادي الليلية في الثلاثينيات والأربعينيات، وقد وصلت طاقته الاستيعابية لأكثر من 460 شخصًا. لم يكن في الملهى أي إشارات أو لافتات ملصقة تتعلق بالسلامة. وظل الأمر كذلك حتى عام 1942م حين قُتل داخل الملهى 492 شخصًا، وذلك ليس على إثر حريق فقط إنما بسبب الباب!
الخطأ
كان هناك نادل يحاول البحث عن مقبس كهربائي، فأشعل عود ثقاب ليرى، لكنها فجأة سرعان ما أشعلت النيران في الديكورات المحيطة، والتي كانت قابلة للاشتعال، وسرعان ما امتدت النيران في كافة المكان.
ومع عدم وجود احتياطات السلامة، وعدم قدرة المكان على احتمال العدد الكبير من الناس، وكذلك تزيينه بأدوات قابلة للاشتعال، والأهم عدم وجود باب للخروج في مثل هذه الظروف، حصلت الكارثة. الباب الوحيد الذي كان موجودًا هو الباب الدوار الذي سرعان ما أصبح مكتظًا بالناس. اندفع الجميع نحو هذا الباب، وحصل ضغط شديد. ولو كان في المكان أبواب تفتح في الاتجاهين لكان على الأقل قد نجا 300 شخص. ولم تكن هذه الحادثة هي الأولى من نوعها، فقد حصل في كثير من الأماكن حرائق، ارتبطت الوفيات فيها بعدم وجود أبواب تفتح باتجاهين.
المروحة الدافعة المركزية لسفينة تايتانيك لم تكن تعمل باتجاهين
هناك العشرات من النظريات التي تحدثت عن أنه كيف كان بالإمكان منع سفينة تايتانيك من الغرق. وتركزت معظم الانتقادات على عدم وجود تجهيزات السلامة، لكن هناك عيبًا آخر تسبّب بالكارثة.
الخطأ
كان الخطأ في عدم عمل المروحة الدافعة المركزية في الاتجاه المعاكس، فقد كان للسفينة ثلاثة مراوح تعمل بالبخار، مع اثنتين خارجيتين مدفوعتين بمكبس، أما المروحة المركزية فكانت تعمل بمحرك توربين بخاري. وكانت التوربينات البخارية أصغر وأكثر كفاءة من التوربيات العاملة بالمكبس، لكن عيبها أنها كانت تعمل باتجاه واحد. فالبخار يتدفق إلى الأمام، ويتحرك التوربين فقط باتجاه واحد.
وفي الوقت الذي بدا الاصطدام بالجبل الجليدي قريبًا كانت هناك محاولة لتوجيه السفينة بعيدًا، فدارت اثنتان من المراوح الخارجية إلى الاتجاه الآخر، أما المركزية منها فتوقفت تمامًا. وهذا ما حصل للسفينة حيث أرادت الرجوع حتى لا تصطدم إلا أن المروحة الدافعة المركزية كانت تدفعها للأمام وهو ما تسبب بغرقها.
كما أن المروحة المركزية كانت موجودة في مقدمة دفة السفينة، وإغلاقها يعني مياه أقل تجري عند الدفة، وهو ما شل قدرة التعامل مع السفينة.
اقرأ أيضًا:
أسوأ الكوارث الهندسية في العالم