تتكون أمعاؤك من تريليونات من البكتيريا التي تساعد على هضم الطعام والحفاظ على صحة نظام المناعة الخاص بك، والتي يطلق عليها اسم النبيت الجرثومي المعوي. وتشير أبحاث حديثة مثيرة للاهتمام إلى أن النبيت الجرثومي المعوي يمكن أن يلعب دوراً في تحسين المزاج والصحة العقلية، كما أن تناول البروبيوتيك يمكن أن يساعد في ذلك. وقد أطلق على هذا المجال الناشئ اسم “سيكوبيوتكس” psychobiotics.
نحن نعرف جميعًا بأن ما نأكله من شأنه تحديد مدى سلامة صحتنا الجسدية، لكن من الغريب أن نكون أقل وعيًا بكيفية تأثير ذلك الطعام علينا على الصعيد النفسي. وفي الوقت الراهن، بات هناك مجموعة متزايدة من الأبحاث المثيرة للاهتمام التي تشير إلى أن تحقيق المزيد من التوازن بين البكتيريا المفيدة في أمعائنا يمكن أن يساعد في تعزيز مزاجنا، فضلاً عن تقليص حالة ضباب الدماغ، والتعامل بصفة أفضل مع التوتر، وخفض مستويات القلق والاكتئاب.
كيف يمكن أن يؤثر طعامك على مزاجك؟
شرحت عالمة النفس ميغان أرول أن “محور القناة الهضمية – الدماغية، يعد نظام اتصال ثنائي الاتجاه بين النبيت الجرثومي المعوي والدماغ الخاص بك”. وأضافت أرول أن “هذا التطور مثير، حيث بات باستطاعتنا التأثير بشكل فعّال على بيئة الأمعاء، الأمر الذي يحيل إلى طرق جديدة محتملة لتطبيق مجموعة من العلاجات”.
وقد أظهرت دراسة على نطاق ضيق أجريت سنة 2017 من قبل جامعة ماكماستر في كندا، التي شملت 44 شخصاً بالغاً الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي والقلق المعتدل والاكتئاب، أنه بعد 6 أسابيع، تراجعت أعراض القلق والاكتئاب لدى 64% من المجموعة التي خضعت لعلاج البروبيوتك مقارنة بحوالي 32% من الذين خضعوا لعلاج وهمي.
كما أكدت إحدى النظريات أن البكتيريا السليمة تنتج ناقلات عصبية رئيسية، مثل السيروتونين، الذي يعد من المواد الكيميائية التي تسهم في تعديل المزاج التي يقال إنها لها تأثيرات مشابهة لبعض مضادات الاكتئاب على غرار مثبطات استرداد السيروتونين الاختيارية.
ومن المتعارف عليه هو أن السيروتونين يعزز شعورك بالتفاؤل والثقة بالنفس، فضلاً عن السعادة بشكل عام.
ما يزيد المشكلة تعقيدًا هو تأثر الميكروبيوم، الذي يعيش داخل معدتك، ليس فقط بحميتك الغذائية، بل كذلك ببيئتك الخارجية، وسنك، وجنسك، بالإضافة إلى الأدوية التي تتناولها، ونمط الحياة الذي تتبعه، والإجهاد والتوتر المزمن، ناهيك عن اضطرابات النوم.
عدا عن ذلك، تختلف أنواع البكتيريا المعوية بشكل كبير من شخص لآخر، لذلك نجد أن أنواعًا من الأطعمة التي تحتوي على البريبيوتيك أو على البروبيوتيك أو حتى المكملات الغذائية قد لا تعود بنفس القدر من الفائدة على شخص مقارنة بغيره. مع ذلك، تظل محاولات تعزيز البكتيريا المعوية، من خلال تناول أطعمة أو مكملات غذائية محددة، مفيدة لصحتك بشكل عام.
ودون شك، أظهرت الأبحاث أن أولئك الذين يعانون من الاكتئاب ويتناولون كميات كبيرة من الأغذية المصنعة في الآن ذاته، لديهم بكتيريا معوية أقل تنوعًا مقارنة بتلك التي يتمتع بها أولئك الذين يتبعون نظام غذائي أكثر توازناً وصحة. وأوضح رئيس قسم التغذية في شركة Healthspan، روب هوبسون قائلاً: “نحن بحاجة إلى نظام غذائي متنوع من أجل ضمان تنوع البكتيريا المعوية”.