أكثر ما يُزعج الركاب أثناء رحلات الطيران الطويلة هو بلا شك الطعام، كما أن أوقات الوجبات لا تناسب الكثيرين نظرًا لاختلاف جنسياتهم. وقد كشف الطاهي البريطاني الشهير غوردن رامزي، أنه لا يفضِّل طعام الطائرات، ويرفض تناول الطعام على متن الطائرات، بل ويجلب معه طعاماً يكفيه طوال الرحلة.
وأضاف رامزي أنه عمل لعشرة سنوات لدى خطوط الطيران، لذلك فهو يعلم من أين جاء هذا الطعام وإلى أين سيذهب، وكم من الوقت استغرق قبل أن يُصبح على متن الطائرة. هنا مجموعة من الحقائق حول طعام الطائرات بالإضافة إلى بعض الحيل التي يلجأ إليها طهاة خطوط الطيران في محاولة لجعل الطعام أفضل.
حيل الطهاة لجعل وجبات الطائرة أفضل!
لا تنخدع بالوجبات “الطازجة” فبعضها مُعد من ثلاثة أيام
مُعظم طعام الطائرات يُعد قبل تقديمه للركاب بفترة طويلة، على الرغم من اللاصقة المدوَّن عليها “صنع حديثاً”. عادة تُطبَخ الوجبات قبل الرحلات بـ12 إلى 72 ساعة. يقول بيتر جونز، الأستاذ المتقاعد في خدمة تموين خطوط الطيران بجامعة سري البريطانية، إنه “يمكن الحفاظ على الوجبات مُجمَّدة لنحو خمسة أيام وفقاً للمعايير الغذائية المعترف بها دولياً”.
وتوضع السَّلطات، والحلويات، وأرغفة الخبز، وأدوات الطعام البلاستيكية، والفوط على الصواني في وحدات حفظ على الأرض، ثم تُكدَّس في عربات تقديم الطعام المجهزة بعجلاتٍ من الأسفل لتسهيل نقلها عبر ممر المقصورة.
وتطبخ الأطباقُ الساخنةُ في قدورٍ كبيرة، وتُفرَّغ في علبٍ بلاستيكية ذات أغطية معدنية رقيقة، قبل أن تُجمَّد عند درجة حرارة 5 مئوية في عمليةٍ تستغرق 90 دقيقة، وتُكدَّس العلب بعد ذلك في صناديق معدنية مُبرَّدة لحين نقلها إلى الطائرة.
العبوات بلاستيكية
يجد ركاب الدرجة الأولى بأن الطعام المُقدم بأطباق راقية، لكن الحقيقة أن طعامهم أيضاً لا يُعد على متن الطائرة، لذلك فإنه من أجل جعل الطعام أكثر جاذبية فمن الأفضل تقديم الطعام بأسلوب يليق بأصحاب هذه الدرجة حتى لو كان مصدر الطعام واحد، وهذا نهج يتبعه بعض الطهاة.
إذ إن رُكاب الدرجة الأولى يتمتعون برفاهية أدوات الطعام المعدنية من سكاكين وشوكات، على عكس تلك البلاستيكية الرديئة التي تُقدَّم لركاب الدرجة الاقتصادية.
وقد توصل العلماء إلى أن الأواني البلاستيكية تجعل مذاق الطعام أسوأ، وذلك وفقاً لظاهرة “تحوُّلِ الإحساس” التي تفترض أنَّ الإحساس البصري السيئ يتحوَّل إلى طعمٍ سيئ.
الملح والفلفل
الظروف المحيطة بنا على متن الطائرة تؤثر سلباً على حواسنا.
يقول باري سميث، أستاذ بمركز دراسة الحواس بجامعة لندن، إنَّ “البيئة المحيطة بالراكب على متن الطائرة هي الأكثر عدائية لأي تجربة طعام جيدة”.
فنسبة الرطوبة على ارتفاع 30 ألف قدم، أقل من 12 بالمئة، أي أجف من معظم الصحاري. وهذا يؤدي إلى جفاف أنفنا، ما يجعل تمييز رائحة الطعام وتقدير مذاقه أكثر صعوبة، في الوقت الذي يُخدِّر ضغط الهواء المنخفض حاسة التذوق لدينا”.
وأظهرت دراسة أُجرِيَت في العام 2010 بمعهد فراونهوفر الألماني لفيزياء البناء، أن قدرتنا على تحديد ملوحة الطعام تقل بنسبة 30 بالمئة على متن الطائرة، في حين ينخفض إحساسنا بحلاوة الطعام بنسبة 20 بالمئة. لذلك، حتى إذا كان الطعام مُعداً ومُتبَّلاً بشكل مثالي في المطابخ على الأرض، ففي الهواء (على متن الطائرة) قد يكون بلا طعم، وهذا يعني أن هذه الأكياس الصغيرة من الملح والفلفل وحتى صلصة تباسكو قد تكون مفيدة للغاية.
ويُعوِّض طهاة خطوط الطيران الأمر بإضافة توابل حارة، مثل الفلفل الحار والوسابي.
المشروب الساخن
انخفاض الضغط في المقصورة يعني أن الماء سيغلي عند درجة 90 مئوية بدلاً من 100 كما هو معتاد، ويؤدي ذلك إلى الحصول على كوبٍ شايٍ سيئ. في الوقت نفسه، يتسبب جفاف الجيوب الأنفية للركاب في تغيير طعم القهوة، يُضاف إلى ذلك أنَّ القهوة لا تعد دائماً على متن الطائرة من مياه معبأة، لكن من المياه المخصصة للشرب وهي بالرغم من نظافتها تفتقر للجودة العالية.
وعوضت بعض خطوط الطيران الأمر باختراع مزيج مختلف لمشروباتنا الساخنة المفضلة. فاخترعت خطوط طيران سنغافورة قهوة معدة خصيصاً للشرب على متن الطائرة، تحتوي على نسبة من حبوب قهوة الروبستا، أكبر من تلك الموجودة في الخلطة العربية. فيما صنعت شركة تويننغز الإنكليزية شاياً يكتسب مذاقاً أفضل عندما يُعد في درجة حرارة منخفضة.
الاستمتاع بالطعام ومحرك الطائرة يعمل ليست فكرة صائبة
ضجيج محرك طائرة كبيرة يمكنه إفساد أي وجبة جيدة. لأنه أقرب إلى الضوضاء البيضاء وهي مجموعات عشوائية من الأصوات ذات ترددات مختلفة، التي تشتت العقل البشري وتُضعف حاسة التذوق. هناك سبب علمي خلف ذلك، ويرجع ذلك إلى تأثير ضغط المقصورة على حواسنا. إذ يكون تحديد المذاق الحلو والمالح أصعب بـ30%، وفقاً لدراسة أجراها معهد فراونهوفر للفيزياء في ألمانيا عام 2010، حيث يقول العلماء إن صوت محرك الطائرة يؤثر على حاسة التذوق. وتصبح حاسة التذوق لدينا أقل حساسية في الارتفاعات الشاهقة أثناء الطيران، وبذلك لا نتحكم بها بدرجة كبيرة.
لذلك ينصح الخبراء إلى الاستماع إلى موسيقى هادئة أو استخدام السماعات التي تعزل الصوت لمقاومة تأثير محركات الطائرة الممل. في عام 2014، وضعت الخطوط البريطانية قائمة موسيقى لرحلاتها الطويلة ليستمتع بها الركاب أثناء تناول الوجبات.
تناول الشوكولاتة قبل ذوبانها
تُستخدم الشوكولاتة بشكل دائم على الطائرات لأنها تعمل كغراءٍ يُبقي طبقات الكعك أو الموس متماسكة معاً ويمنع تَفككها قبل إقلاع الطائرة. وتَكمن المشكلة الوحيدة في أن الشوكولاتة تذوب عندما توضع بجانب الطبق الرئيسي الساخن، ما يعني أن كل أطباق الحلوى تُجمَّد قبل أن تُقدَّم للركاب.
واكتشف العلماء أن التوابل المعقدة مثل الهيل والزنجبيل والقرفة يصبح مذاقها أقوى عند تناولها أثناء الطيران، وتوجد عادة هذه التوابل في حلوى البودينغ التي تقدم على متن الطائرة.
المشروبات الفوارة هي الخيار الأفضل
المشروبات ذات المذاق الشهي على الأرض قد تفقد كل نكهتها في وسط رحلة الطيران. وذلك نتيجة تطاير نكهة الفاكهة، لأن السائل يصبح أقل حجماً في الهواء نتيجة لتَغير الضغط الجوي. لذلك تلجأ شركات الطيران إلى تقديم مشروبات طازجة أكثر. ويقول سميث إنَّ أفضل العصائر التي تقدم على الطائرة هي تلك التي تصنع في ضغط مقارب لذلك الموجود في مقصورة الطائرة. والأفضل منها المشروبات الفوارة، إذ يقول سميث: “الفقاعات ترتفع في الفم والأنف وهي مغلفة بالسائل، لذلك يكون لديها نظام لتوصيل الطعم خاص بها”.