بدء عمليات التشغيل في أول منشأة بحثية في العالم لإنتاج الوقود الحيوي والغذاء في البيئة الصحراوية
المنشأة البحثية تضع الإمارات في مكانة رائدة كوجهة عالمية للاستدامة وتطوير تكنولوجيا الإنتاج المستدام للوقود الحيوي والغذاء
أبوظبي، 6 مارس 2016: بدأت أول منشأة بحثية في العالم لإنتاج الوقود الحيوي والغذاء في الأراضي الصحراوية المروية بمياه البحر، اليوم عملياتها التشغيلية في موقع يمتد على مساحة هكتارين في مدينة مصدر بأبوظبي. ويجري تمويل المنشأة، التي يديرها معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، من قبل “اتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة” الذي يضم عدة أطراف عالمية تهدف إلى تعزيز التزام قطاع الطيران بالحد من انبعاثات الكربون عبر تطوير إمدادات مستدامة من الوقود النظيف.
وشهد معالي الدكتور ثاني أحمد الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة، بدأ العمليات التشغيلية في المنشأة البحثية لإنتاج الوقود الحيوي والغذاء باستخدام مياه البحر بحضور كلاً من محمد جميل الرمحي، الرئيس التنفيذي لشركة “مصدر”، والدكتورة بهجت اليوسف، المدير المكلّف في معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا والعضو المؤسس في اتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة، ومارك الان، رئيس شركة بوينج إنترناشيونال، وريتشارد هيل، رئيس شؤون العمليات التشغيلية في الاتحاد للطيران، وفريد الجابري، نائب رئيس التوريد لشركة تكرير، وعدد من ممثلي الشركات وأعضاء “اتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة”.
وقال معالي الدكتور الزيودي: “توفر البحوث والابتكارات دعماً كبيراً لدولة الإمارات في مساعيها للتصدي للتحديات البيئية والاجتماعية، مثل ضمان الأمن الغذائي والمائي، فضلاً عن حماية النظم البيئية في البلاد سواء الساحلية منها أو الصحراوية”. وأضاف معاليه: “وتوفر تلك التحديات فرصاً مهمة وواعدة، وهذا ما تسعى المنشأة البحثية لتأكيده. فإلى جانب إنتاج الطاقة الحيوية المستدامة، ستوفر المنشأة مساراً محدداً لتنمية قطاع تربية الأحياء المائية، وهذا بالتالي سيدعم أمننا الغذائي”.
وتستورد دولة الإمارات اليوم ما يقرب من 90 في المائة من احتياجاتها الغذائية بتكاليف من المتوقع أن تزداد بنحو 300 في المائة خلال العقد المقبل مما يستوجب إيجاد حلول مبتكرة لضمان الأمن الغذائي، ويمثل هذا التحدي فرصة غير مسبوقة لتحفيز وطرح أفكار وابتكارات جديدة تساعد على تطوير حلول مستدامة ومجدية اقتصادياً. وهذا ما يعمل عليه معهد مصدر بالتعاون مع شركائه في المشروع.
وقالت الدكتورة بهجت اليوسف، المدير المكلّف في معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، الجامعة البحثية المستقلة للدراسات العليا التي تركز على تقنيات الطاقة المتقدمة والتنمية المستدامة والعضو المؤسس في اتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة: ” يعد ضمان استدامة مصادر الطاقة والمياه والأمن الغذائي من المتطلبات الأساسية والمترابطة في دولة الإمارات، ونحن فخورون بإدارة هذه المنشأة البحثية التي تعمل على إنتاج طاقة حيوية بطرق مبتكرة، بالإضافة إلى انتاجها لمصادر غذاء كجزء من التزام معهد مصدر لدعم الأهداف الاستراتيجية للدولة وتنويع اقتصادها. كما تمثل المنشأة مركزاً لتدريب جيل جديد من المبتكرين”.
وأضافت الدكتورة اليوسف: “وتعزز هذه المنشأة البحثية من منظومة مدينة مصدر البيئية والتي تشجع على الابتكار وتعزز من الشراكات بين الأوساط الحكومية والصناعية والأكاديمية، وتوفر البحوث في هذه المنشأة مثالاً واضحاً لما يمكن التوصل إليه من نتائج حقيقية وقيمة عبر الشراكات بين الأوساط المختلفة مما يستقطب المزيد من المبادرات البحثية لإمارة أبو ظبي”.
وتعد تربية الأحياء المائية – الاستزراع الصناعي للأسماك أو القشريات – من أسرع قطاعات الأغذية نمواً في العالم، إذ يصل معدل نموه حالياً إلى نحو 6% سنوياً. وفي حين يمكن لنظم تربية الأحياء المائية أن تقلل من الاعتماد على استيراد المواد الغذائية الخارجية وأن تعزز الأمن الغذائي، إلا أنها تنطوي في الوقت نفسه على تحديات بيئية ناتجة عن التأثير السلبي الذي تخلفه النفايات الغنية بالمغذيات التي تصب في مياه المحيط. وتسعى هذه المنشأة إلى إيجاد حلول لهذه التحديات وتقليل البصمة البيئية لممارسات الزراعة التجارية.
وقال الدكتور كيفن فيتزسيمونز، أستاذ العلوم البيئية في جامعة أريزونا والخبير العالمي في أنظمة تربية الأحياء المائية: “إن أنظمة تربية الأحياء المائية قد أثبتت جدواها ولها دور مستقبلي مهم في ضمان أمن الغذاء. وإذ يقترب عدد سكان العالم من 9 مليارات نسمة، علينا أن نعمل على تطوير تقنيات تمكننا من إنتاج الأغذية على نحو مستدام. وتشكل هذه المنشأة في أبوظبي نموذجاً لما يمكن أن يحققه التعاون بين القطاعات من أبحاث متقدمة من شأنها أن توفر إمدادات من المواد الغذائية ووقود الطائرات بطريقة مستدامة وقابلة للتطوير”.
وتسعى المنشأة البحثية إلى الاستفادة من مياه البحر لتربية الأسماك والروبيان لاستخدامها كغذاء، في حين تقوم هذه المياه المليئة بالمغذيات بتخصيب النباتات الغنية بالزيوت التي يمكن استخلاصها والاستفادة منها في عملية إنتاج الوقود الحيوي الخاص بقطاع الطيران، إذ يمكن لهذه النباتات أن تعيش في مناطق قاحلة وظروف صحراوية قاسية لذلك فهي لا تتطلب المياه العذبة أو الأراضي الصالحة للزراعة لكي تنمو. وفي المرحلة الأخيرة من المنظومة، يتم تحويل تلك المياه قبل إعادتها إلى البحر لغابات أشجار القرم التي بدورها تعمل كمصفاة نهائية للعناصر الغذائية المتبقية، وكمصرف للكربون نظراً لاتساع جذور هذه النباتات.
وقال مارك الان، رئيس شركة بوينج إنترناشيونال: “في حين يسعى العالم إلى تحقيق أهدافه العالمية بشأن الحد من انبعاثات غاز الكربون، يقوم قطاع الطيران بدوره وقد أحرز بالفعل تقدماً كبيراً في هذا المجال. ومن المتوقع أن يكون للوقود الحيوي المستدام للطيران دور هام في تحقيق أهداف خفض الانبعاثات التي حددها القطاع. ونحن فخورون بأن نكون جزءا من هذا الاتحاد في أبوظبي والذي يرمي إلى تأسيس منشأة جديدة لأبحاث الوقود الحيوي. ولهذا الاتحاد إمكانات واعدة بشأن تحويل الصحاري الساحلية إلى أراض صالحة للزراعة ما من شأنه أن يعزز الأمن الغذائي ويساهم في الحفاظ على سلامة البيئة”.
وجاء تأسيس “اتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة” نتيجة التعاون بين معهد مصدر، وشركة الاتحاد للطيران، وشركة بوينج، وهانيول يو أو بي، بهدف خفض انبعاثات الكربون الناتجة عن قطاع الطيران من خلال تطوير مصادر نظيفة من الوقود البديل. وانضم إلى الاتحاد لاحقاً كل من تكرير، وسافران، وجنرال إلكتريك.
وقال السيد جاسم علي الصايغ، الرئيس التنفيذي لشركة تكرير: “إن عمليات تكرير وإنتاج الوقود الحيوي المستدام للطيران يعد تكملة لجهودنا الرامية إلى تلبية الطلب المتزايد على وقود الطائرات في دولة الإمارات. ونحن ملتزمون بتوجيه من شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) وبإشرافها بتقديم الدعم في مجال الأبحاث والتقنية لهذا المشروع الطموح”.
ويذكر أنه تم استخدام الوقود الحيوي المستدام والمخلوط مع وقود طائرات التقليدي في أكثر من 2000 رحلة تجارية منذ اعتماد الاستخدام التجاري لوقود الطائرات والناتج عن مصادر متجددة في عام 2011.
وقال جيمس هوجن، الرئيس والرئيس التنفيذي للاتحاد للطيران: “إن هذا الإنجاز يضع الإمارات في مكانة رائدة كوجهة رئيسية للعمل من أجل تطوير تكنولوجيا الإنتاج المستدام للغذاء والوقود الحيوي. إن تطوير وتسويق وقود الطائرات النظيف والأفضل أداء يعد خطوة أساسية لتخفيف اعتماد قطاعنا على الوقود الأحفوري، وفي نفس الوقت، دعم الابتكار الذي قد يكون له تأثيرات عالمية عميقة على صعيد مواجهة تحديات الطاقة والمياه والأمن الغذائي”.
وتهدف المنشأة البحثية إلى إبراز جدوى وفاعلية تطبيق نظام متكامل يتضمن إنتاج الغداء والوقود الحيوي والاستخدام المناسب للأراضي مع خفض انبعاثات الكربون وتنظيف المياه العادمة. وفي حال تم إثبات جدوى وفعالية هذه التكنولوجيا على نطاق مصغر، سيتم التوسع بها وصولاً إلى تطبيقها على نطاق أوسع في موقع ضخم يمتد على مساحة 200 هكتار.
وتجدر الإشارة إلى أن الأبحاث التي يجريها معهد مصدر تسهم في دعم الاستراتيجية الوطنية للابتكار في دولة الإمارات والتي تحدد الإطار العام لتحفيز وبناء الاقتصاد القائم على المعرفة في الدولة. وتسعى المنشأة البحثية لإنتاج الوقود الحيوي والغذاء باستخدام مياه البحر إلى استكشاف مجال بحثي جديد من شأنه أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة، بما في ذلك التوصل إلى طريقة لتعزيز الأمن الغذائي، وتحقيق براءات اختراع ذات قيمة عالية وقابلة للتطبيق في أماكن مختلفة، وتطوير التقنيات المناسبة للاستخدام التجاري.