ارتبط اللون الأصفر بباصات المدارس، وقد بدأ هذا التقليد في الولايات المتحدة. فهل هذا الأمر يتعلق بالشكل الخارجي للباص، أم له علاقة بشيء آخر؟ ولماذا لا توجد في هذه الباصات أحزمة الأمان؟
بحسب القانون الاتحادي في الولايات المتحدة فإنه بالإضافة للأضواء الساطعة وأجهزة السلامة، فإن باصات المدارس يجب أن تكون مطلية باللون الأصفر. وقبل اعتماد معايير اللون الأصفر لباصات المدارس فقد كان لونها أصفر أقرب إلى الليموني. اللون الأصفر للباصات ليس أصفر خالص، أو برتقالي، إنما خليط منهما، أقرب إلى لون المانجا من الداخل.
في عام 1939م عقد الدكتور “فرانك دبليو سير” مؤتمرًا لوضع المعايير الخاصة بباصات المدارس في الولايات المتحدة، والتي كان من بينها اختيار اللون الأصفر للباصات. يعتقد البعض أن اللون الأحمر هو الأكثر لفتًا للانتباه، فلافتات وأضواء التوقف لونها أحمر، ما يجعل البعض يعتقد أنها أكثر جذبًا للنظر. لكن في الواقع فإن اللون الأصفر يشد انتباهنا بشكل أسرع من أي لون آخر.
فإن لم تكن تنظر بشكل مباشر أمامك، فبإمكانك أن ترى الأجسام ذات اللون الأصفر، وهي ليست أمام نظرك مباشرة، وهو ما يُسمى بـ “الرؤية المحيطية” أي القدرة على رؤية الأشياء دون التركيز عليها مباشرة.
وقد وجد العلماء أن الناس قادرة على رؤية الأجسام الصفراء من خلال الرؤية المحيطية لزوايا العين أكثر بـ 1.24 مرة من الأجسام ذات اللون الأحمر. وخلافًا للون الأحمر، فإنه يسهل ملاحظة اللون الأصفر في البيئة المظلمة.
هذا هو السبب الذي تم الاعتماد عليه في اختيار اللون الأصفر لباصات المدارس. أما الكتابة باللون الأسود على الأصفر فهي الأفضل للسائقين للرؤية في عتمة الصباح الباكر، وهو الوقت الذي يجلبون فيه الطلاب إلى مدارسهم.
أما السؤال الذي يحتاج لإجابة مقنعة وهو لماذا لا توجد في باصات المدارس أحزمة الأمان التي تقي من الحوادث وتقلل المخاطر؟ هل هذا استخفاف بأرواح الأطفال؟
بالطبع الأمر ليس كذلك، فهل الولايات المتحدة مثلًا ستفرّط بحياة أطفالها؟ لا يطلب القانون الاتحادي في الولايات المتحدة أحزمة أمان للباصات التي يزيد وزنها عن 4535 كيلوجرامًا، فهذه الأحزمة مطلوبة للباصات خفيفة الوزن.
فباصات المدارس الحديثة غالبًا ما تكون ثقيلة، ويكون جلوس ركابها أعلى من مستوى الأرض؛ ما يعني أنهم بأمان. ينقل 400 ألف باص أكثر من 25 مليون طفل لمسافات طويلة جدًا في الولايات المتحدة، ويُتوفى سنويًا 10 طلاب فقط نتيجة حوادث باصات المدارس، فأحزمة الأمان لم تمنع حدوث هذه الوفيات. وبالمقابل فإن 800 طفل يُتوفى سنويًا خلال المشي أو ركوب الدراجة أو السيارة للوصول إلى المدرسة. فباصات المدارس أكثر أمانًا بـ 40 مرة من سيارة العائلة.
وقد صُممت حافلات المدارس لتكون آمنة، فالمقاعد لها خلفيات عالية، والكثير من التوسيد. فعند وقوع حادث فإنها تمتص الصدمة وتحمي الأطفال. وإن كانت هناك أحزمة أمان فليس هناك ما يضمن استخدامها من قِبل الأطفال الذين تُعرف عنهم حركتهم الكثيرة وعدم ثباتهم في مكانهم.