أصبح التخزين الرقمي للصور والملفات من ضروريات الحياة في الوقت الذي أصبح فيه من الصعب على الإنسان أن يحتفظ بالكم الهائل من الذكريات والأحداث في دماغه، فساعدته التكنولوجيا في توفير مساحات تخزين رقمية بحيث يُمكنه أن يُخزّن ذكرياته بطريقة أخرى واسترجاعها في الوقت الذي يشاء.
وعلى الرغم من تسهيل هذا الإجراء لحياة البشر، وتمكينهم من تخزين بيانات رقمية هائلة، لكن يبدو أنه فتح الباب أمام مشكلة حقيقية بات يُعاني منها الكثير من الناس، وقد تكون أنت واحدٌ منهم!
ما هو “داء التخزين الرقمي” ؟؟
بطريقة تُشبه إلى حدٍ كبير ما يُعاني منه بعض مرضى الوسواس القهري من تخزين الأغراض والحاجيات الضرورية وغير الضرورية وصعوبة التخلص منها، حتى يُصبح المنزل أشبه بمخزن لتكديس الأشياء، هكذا هم مرضى التخزين الرقمي، لكن بطريقة رقمية!
يُمكن وصف المُصابين بداء التخزين الرقمي بأنهم الأشخاص غير القادرين على التخلص من الملفات الرقمية، ما يجعلها تتكدّس على الأجهزة ويصعب ترتيبها أو فرزها ما يُسبب قلق مُلازم للشخص وتوتر وضيق بعد فقدان السيطرة على الملفات. ليس ذلك فحسب، فالتخزين المُتراكم للملفات وصعوبة ترتيبها قد يُعرّض صاحبها إلى مخاطر على صعيد الأمن المعلوماتي، وصعوبة العثور على ملفات معيّنة بين الكم الهائل من الملفات وتزايد العدد في التخزين الرقمي.
مُصطلح “داء التخزين الرقمي” ظهر للمرة الأولى في ورقة بحثية عام 2015 عن رجل هولندي الجنسية كان يُخزّن المئات من الصور على الكمبيوتر، لكنه لم يستفِد من تلك الصور البتّة ولم ينتفع بها مستقبلًا بعد تكدّسها بعدد هائل، لكن ظلّ مقتنعًا بضرورة بقائها على حالها في الجهاز، بحسب وصف الخبراء.
وبحسب تعريف الخبراء، فإن داء التخزين الرقمي يعني: تراكم الملفات الرقمية إلى حد التشتت، ما يؤدي في النهاية إلى الشعور بالتوتر والفوضى والضغط”، وربط العلماء بين هذا الداء الجديد ومرض اكتناز وتخزين الأشياء القهري.
أما عن سبب اكتناز الملفات الرقمية ورفض التخلص منها، فقد أشارت هيئة الإذاعة البريطانية BBC في تقريرٍ لها إلى دراسة بحثية عن داء التخزين الرقمي وأوجه التشابه بينه وبين داء تخزين الأشياء المعروف والشائع. وكان 45 شخصًا ممّن شملتهم الدراسة قد عدّدوا أسبابهم التي تمنعهم من التخلص من الملفات الرقمية من صور ورسائل إلكترونية وما إلى ذلك. من هذه الأسباب: التكاسل في حذف الملفات القديمة، أو الاعتقاد أنها قد تكون مفيدة في المستقبل، أو خشية التضرر من حذف ملف ما لاحقًا، أو حتى استعمال بعض هذه الملفات كسلاح ضد بعض الأشخاص.
وكان السبب الأكثر شيوعًا بين المشتركين هو الاعتقاد أنه هذه الملفات ستكون ذات فائدة في المستقبل، ما منعهم بقوة من التخلص منها. وأظهرت الدراسة أن رسائل البريد الإلكتروني هي أكثر ما تم تخزينه، حيث وصل متوسط عدد الرسائل غير المقروءة في البريد إلى 102 و331 رسالة مقروءة.
وبحسب الدراسات التي أُجريت على هذا المرض، فإن داء التخزين الرقمي غير مرتبط بالضرورة بعدد الملفات التي تحتفظ بها في أجهزتك الإلكترونية، إنما بصعوبة التخلص منها وشعورك بأن هذه الملفات هي من تُسيطر عليك وليس العكس، بحسب رأي أستاذ تكنولوجيا المعلومات وعلوم الأعمال في جامعة ويسكنسن-وايتووتر، جو آن أورافيتش.
أما عن شعور المصاب بداء التخزين الرقمي، بحسب إفادة العديد منهم فإن رؤية الكم الهائل من الملفات على حواسيبهم يُصيبهم بالغثيان وانعدام التوازن بالرؤية والعديد من الأعراض النفسية الأخرى كالاكتئاب والقلق والأرق، ما يعني أنها مشكلة بحاجة إلى علاج.
ومع تزايد المسؤوليات والمهام التي تُنجز بطريقة إلكترونية، أصبح داء التخزين الرقمي شائعًا هذه الأيام بين آلاف المستخدمين، لكنهم قد لا يروْن أن هذه المشكلة جدّية وبحاجة إلى مساعدة وعلاج، وقد تكون أنت واحدٌ من هؤلاء!
المصادر
اقرأ أيضًا:
ماذا تعرف عن التخزين السحابي ؟ وما هي أهم الطرق الحديثة لتخزين البيانات ؟