أنقل لكم هذه المقالة .. وهي للدكتورمحمد الحضيف .. لعل فيها دواء لمن به داء
لقد تحولت بعض المنتديات ، على يد بعض ( الاشباح إلى ما يشبه ، الذي تحدث عنه البرفسور ( بارسونز ) . تذكرت كلامه ، وانا ارى كيف انه باسم ( حرية التعبير ) ، يتم ( الاعتداء ) على الاشخاص ، و على الافكار ، بلغة رديئة ، أشبه بالفاظ الشوارع ، التي تملأ الجدران … إنه ذلك ( الصفير ) ، وتلك ( المقاطعات ) ، التي سماها البروفسور ( بارسونز ) بـ ( الزبالة ) .
لي صديق يشرف على احد المنتديات ، حدثني اكثر من مرة ان اشارك معهم . عندما عزمت دخلت المنتدى متصفحا ومتجولا ، فهالني مارايت . كتبة باسماء مستعارة ، نزلوا بالحديث الى لغة الشوارع ، وانحطوا بالحوار الى حضيض الشتائم وقاموس البذاءات . استهدفوا شخصيات لها قيمتها الاعتبارية، ومنظومات فكرية نقشت اثارها الاصلاحية في جبين التاريخ . .. ثم كانت هذه الرسالة ……….
أخي الحبيب ..
دعني أقدم لحديثي بهذه القصة … يوم كنّا طلابا في امريكا ، زار الجامعة ، التي كنت أدرس فيها ، وزير الخارجية السابق ، ( كاسبار واينبرقر ) .. هذا الرجل الذي يقول عنه الأمريكان ، انه من اعظم العقول التي مرت على امريكا . يزن كلامه بميزان ذهب ، وتستفيد من كل كلمة يقولها ، وليس من كل جملة ، كما يقول عنه الأمريكان .
امتلات القاعة الكبرى بالحضور . . دخل ( واينبرقر ) ، و بدا يقدم كلمته . ثم … بدات المقاطعات من قبل بعض الحضور . مرّة بالكلمات ، وتارة بالصفير … وأحيانا بأصوات من نوع ( أووو ) . عند كل مقاطعة ، كان الوزير يتوقف ، و يقول : ـ من فضلكم .. بدون مقاطعة .. دعونا نسمع التعليقات ( الايجابية ) ، بعد نهاية الحديث . كنت انا شخصيا ، مفتون بامريكا ، و ديموقراطيتها ، و حرية التعبير .. وهي لا شك اشياء جميلة و سامية … … و كم ( ثمنت ) و ( قدرت ) تلك المقاطعات ، من قبل بعض الحضور .. على شخصية بهذا الوزن . … و قلت في نفسي : ما أجمل ان تملك أن تقول ( لا ) ….. دون خوف .
بينما أنا سابح في أحلامي ، و خيالاتي ، متفاعلا مع محاضرة (كاسبار واينبرقر) و معارضيه ، إذ دخلت قوة مدججة من الشرطة ، ووضعت القيود في أيدي بعض الحضور ، و اقتادتهم خارجا .
صدمت أنا ، عاشق الديمقراطية ، و حرية التعبير … يحدث هذا في إمريكا.. ( جنة الديموقراطية ) ، و ( مهوى الافئدة ) للباحثين عن حقوق الانسان الاساسية ، و في مقدمتها حرية التعبير . من الغد قابلت استاذي ، البروفسور ( بارسونز ) استاذ مادة.. (الاتصال عبر الثقافات ) ، الذي بادرني قائلا : ـ لقد لمحتك البارحة في محاضرة ( واينبرفر ) .. ما رأيك .. ؟
قلت له إنها جيدة … ثم بينت له ( صدمتي ) من الاسلوب الذي تم التعامل به مع المعارضين ، وهو ما يتنافى مع حرية التعبير ، التي كفلها الدستور الامريكي ، في مادته الاولى …
قال لي :
Mohammad ..this is rubbish …
It has nothing to do whith freedom of speech .
الذي حدث زبالة .. لا علاقة لها بحرية التعبير .
بقيت عبارته محفورة في ذاكرتي ، حيث استكملت النقاش معه ، حول هذه المسألة ، في وقت لاحق ..
حرية التعبير لها منهجية .. لها ضوابط .. هناك فرق بينها .. و بين هذيان مخمور في نادي ليلي .. كما يقول الدكتور ( بارسونز ) ..
لقد تحولت بعض المنتديات ، على يد بعض ( الاشباح ) إلى ما يشبه ، الذي تحدث عنه البرفسور ( بارسونز ) . تذكرت كلامه ، وانا ارى كيف انه باسم ( حرية التعبير ) ، يتم ( الاعتداء ) على الاشخاص ، و على الافكار ، بلغة رديئة ، أشبه بالفاظ الشوارع ، التي تملأ الجدران … إنه ذلك ( الصفير ) ، وتلك ( المقاطعات ) ، التي سماها البروفسور ( بارسونز ) بـ ( الزبالة ) .
ذلك ( الصفير ) ، و البذاءات ، التي زعم كتابها الاشباح ، أنها مداخلات ( علمية ) ، وهي اشبه بصلاة المشركين عند البيت ، ( مكاء و تصدية )..
اخي الحبيب …
أنها ليست مسألة رأي اخر ( تتسع ) له صدورنا … إننا حيال لغة رديئة منحطة ، و هجوم منظم مقصود على ( منظومة فكرية ) ، لها قيمتها ، و إعتبارها .. وتاريخها المشرف .. ليس هولاء ( الاشباح ) ، هم الذين يعلموننا (إحترام ) الرأي الاخر …
تذكر.. أخي الفاضل ، يوم كنا طلابا في امريكا ، و بريطانيا ، نحن و كثير من الزملاء ، دخلنا في نقاشات و حوارات ( راقية ) ، مع افراد من تيارات فكرية ، من مختلف الاتجاهات ، و ( اتسعت ) لهم قلوبنا ، وليس فقط صدورنا :
القوميون بمختلف فئاتهم ، اليسا ريون ، الشيعة ، بل حتى النصارى .. و( العبثيين ) ….
دخلنا في حوارات راقية … رغم الاختلافات الكبرى … و حافظ كل طرف على كرامة الاخر .. و حفظ له احترامه.. .. و اثمرت تلك الحوارات الراقية عن ( بناء ) فكري ، له قيمته و إعتباره …
كانت حوارات راقية .. و ليست ( مكاء و تصدية ) ، كما يفعل هولاء الاشباح .
أخي و حبيبي ..
استطيع ان اقول عن الشيعي : انت رافضي .. خبيث .. منحط .. سافل .. مجوسي .. لكن ..
هل يحق هذا حقيقة .. ؟
هل يثمر حوارا بناءا ، يؤدي إلى الحقيقة .. ؟
ماذا يصنع ( حوار ) لا يحترم (الانسان ) في الاخر…؟ ألسنا طلاب حق .. و حملة حقيقة ناصعة ، نريد ان نقدمها للناس .. لينعموا بذلك اليقين الذي وصل إليه ( ربعي بن عامر ) ، في حواره المشهور مع رستم …؟
إن نموذج الخطاب ، الذي ضربته لك مثلا للحوار مع الشيعة ، هو ما يمارسه هؤلاء (الأشباح ) معنا .. و مع منظومتنا الفكرية .. إنني إذا كنت أرفض لغة خطاب (رديئة) للحوار مع الشيعة ، أو مع غيرهم .. فإنني لا أقبلها من أحد معي .. و مع ما أمثله من فكر . قد أختلف مع بعض أتباعه في بعض المسائل) … .. ما هو ( الفكر النجدي او الوهابي ) ، الذي يشن عليه هؤلاء (الأشباح) هجوما قذرا ، يفتقد لأدنى المعايير الأخلاقية ، ناهيك عن المعايير العلمية ..؟
هل هناك شيء إسمه (الفكر النجدي)..؟
إن (الفكر النجدي)، لا وجود له ، إلا في العقول المريضة لهؤلاء.. إني اتكلم عن منظومة فكرية ، مارست ، في فترة من فترات التاريخ ، دورا إصلاحيا لا يمكن أن ينكره عظماء مؤرخي الحركات الفكريه .. دع عنك هؤلاء (الأشباح) ، الذين لم نعرفهم إلا في منتديات الأنترنت … إن هذه المنظومة الفكرية ، جهد بشري ، يعتوره ما يطال أي جهد بشري من نقص ، و لم يزعم له أصحابه (العصمة) …
أخي ..
أنا لا أدافع عن آراء و مواقف بعض الأخوة ، التي يتسم بعضها بضيق الأفق ، أو التشنيع على المخالف .. لكني.. أرفض أي خطاب ردئ ، أيا كان مصدره .. و أرفض التطاول على الشخصيات الإعتبارية .. لمجرد الإختلاف معها في رأي من الآراء.. إن الخطأ يرد عليه بمنهجية ، و نقد بناء .. و ليس الوصم بـ (الجهل)، ).. و غيرها من مفردات قاموس الشتائم .. و الرذائل .. التي لا تليق بمنتدى (فكري) .. بل .. بجلسة ( كيف )..