تحل ذكرى يومنا الوطني المجيد كل عام بثوب جديد وبذكرى عطره، نعيش أجواءها الوطنية الصادقة بكل فخر واعتزاز وأن إنتماءنا إلى تلك البقعة المباركة من العالم تحت ظل تلك القيادة الرشيدة المباركة.
وما تذكر تلك المناسبة وتفعيلها والاحتفاء بها إلا تأكيدًا لما قام به موحد ومؤسس هذا الكيان الكبير الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – في تأسيس المملكة وإرساء قواعدها المتينة، التي نسعد ونمتن اليوم بمعالم نهضتها الكبيرة وتطورها وازدهارها المستمر في مختلف المجالات التي تعيشها بلادنا الغالية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله –.
ومما جعلني أعيش نشوة الفخر والاعتزاز بوطني المملكة العربية السعودية ما سمعته من أبناء المسلمين في المملكة المغربية، وجمهورية السنغال؛ حيث كنت في زيارة لهما الأسبوع الماضي، وما قالوه عن بلاد الحرمين من ثناء عاطر وإجلال لقيادتها ممثلة بشخص والدنا وقائد نهضة بلادنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله ورعاه – وشعورهم بالفخر والاعتزاز بمشروعات التوسعة الجديدة للحرمين، وساعة مكة التي يفخرون بها لكونها معلمًا إسلاميًا جديدًا للعالم الإسلامي وليس للمملكة العربية السعودية فحسب، وكذا أحاديثهم عن المشاريع العملاقة في مكة والمدينة والمشاعر المقدسة وقطار الحرمين، التي شاهدوها عند قدومهم للحج والعمرة؛ بل أن أحد الأخوة من المغرب قال : "لا تعتقد بأن الملك عبدالله ملك السعودية فحسب، بل هو ملك العرب والمسلمين كلهم دون استثناء".
فمن قابلتهم كثير ومن حدثوني عن بلادي ومشاريعها التي يفخرون بها كثير، ولعلي أذكر هنا ذاك الرجل من السنغال، الذي قال لي أنه حصل على منحة دراسية للدراسة في المملكة من الصف الثالث متوسط إلى نهاية الجامعة، ثم حظي بكفالة للعمل داعية في عدد من الدول في أفريقيا إلى أن استقر به المقام في بلاده، فهو اليوم يعيش في عز ورخاء ومن وجهاء بلاده ويُرجع ذلك كله بعد الله – سبحانه وتعالى – إلى المملكة التي حضنته طالبًا ثم كفلته داعية، وذكر لي العديد من المشروعات والأعمال الشامخة التي تقدمها المملكة في عدد من الدول الأفريقية والتي وقف هو عليها وعرفها؛ ولكن دون أي ضجيج إعلامي أو منة على من قدمته له من الدول والشعوب، ويتابع ويقول: "بعض الدول متى قدمت فرنكًا، صرفت بموازاته (10) فرنكات وقد تزيد للتغطية الإعلامية والإعلان عن هذا العمل، بينما المملكة تصرف الملايين ولا تصرف أي فرنك لنشر خبر واحد عن هذا العمل، وما هذا إلا لأنها تريد من ذلك وجه الله وحده وخدمة الإسلام والمسلمين في كل مكان.
وأخذني في زيارة لأحد المؤسسات التعليمية في السنغال (والتي شيدتها أحد الدول العربية الشقيقة هناك، وتحمل اسم قائدها) وأخبرني بأن المكتبة العلمية التي تحتوي على أمهات الكتب والمراجع العلمية والعناوين المختلفة التي يقصدها ويستفيد منها طلبة العلم والمثقفون في السنغال، هي هدية من المملكة العربية السعودية، وقدمتها ولم تعلن ذلك ولا أحد يعلم بأنها من المملكة إلا قليل؛ بل أن روادها يعتقدون أنها من تبعات المشروع الذي شيدته تلك الدولة العربية" وأكد: أن المملكة لم تضع أي إشارة في المكتبة إلى أنها هي من قام بذلك، وغير ذلك من القصص والروايات التي سمعتها جعلتني كما جعلت كل أبناء هذه البلاد يفخرون بوطنهم الذي عني واهتم بهم مع عدم إغفاله شعوب العالم الإسلامي في كل أقطاره، فبلادنا قبلة المسلمين، وهي حاملة لوائه والداعية إليه، وهي من تولي الشعوب العربية والإسلامية وأبناء الأمة الإسلامية جل عنايتها واهتمامها، بين عمارة لبيوت الله وللمراكز الإسلامية وكفالة الدعاة وتقديم المنح الدراسية والمعونات الإغاثية والإنسانية، فضلاً عن خدمتها للحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة من مشروعات عملاقة وتوسعات كبرى؛ كل ذلك خدمة لضيوف الرحمن وحرصًا على راحتهم وحملهم على كفوف الراحة لينعموا بالأمن والأمان والطمأنينة ويتفرغوا لعباداتهم التي تكبدوا الغالي والنفيس من أجل القدوم لتلك البقاع وأداء عباداتهم على الوجه الذي يرضي الله – سبحانه وتعالى –. وبلادنا قد نذرت نفسها لخدمة الإسلام تضطلع بحمل لواء الدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية والعربية، وتنسيق العمل وتوحيد الآراء وجمع الكلمة وتوحيد الصفوف، ردعًا للصدع وأسباب الخلاف بين الدول العربية والإسلامية، وحقنًا للدماء وحفاظًا على وحدة تلك الدول وقطعًا لأي طريق يؤدي إلى التقسيم والشتات .
ولعل من شواهد هذا التضامن وروح الأخوة والألفة ما نعيشه تلك الأيام من وقفة صادقة مع شعب الصومال الشقيق لمواجهة ما لحق بهم من جوع وأمراض وأضرار جراء الجفاف والحروب التي يعيشون ويلاتها، وما يقاسونه من تشريد وهلاك للزرع والنسل ودمار لمقدراتهم؛ حيث جاء التوجيه الإنساني من الأب الحاني عبدالله بن عبدالعزيز، بحملة مفتوحة لجمع التبرعات لإغاثة الشعب الصومالي، بجانب الدعم الحكومي غير المحدود من تسيير جسر جوي إغاثي، وكذلك وقوف المملكة بجانب الأشقاء في الدول العربية والمحن التي تمر وتعصف بها كما في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا ومملكة البحرين، مع استمرارها في دعم القضية الفلسطينية وشعبها، إلى جانب ترسيخ مبدأ الحوار بين أتباع الأديان، إلى غير ذلك من المواقف التي لا يتسع المقام لذكرها لأنها تحتاج إلى مجلدات ومجلدات، ولكن هذه إشارات وبعض رؤوس أقلام للتذكير فحسب .
إن المملكة العربية السعودية عندما تحل بها مثل تلك المناسبات والذكريات التي نتذكر من خلالها هذا السجل الذهبي الحافل لما تقوم به من أعمال عظيمة وجليلة وعملاقة، بؤّأها مكانة عالمية مرموقة، جعلنا ننتظر هذا اليوم بكل شوق لنفخر ونفاخر بوطننا ومنجزاته الحقيقية الشامخة، تلك المنجزات التي نفخر بها كل لحظة ولحظة؛ لأنها قامت بما قامت به من أعمال ومواقف وخطوات اتجاه أبنائنا والأمة الإسلامية والعربية والعالم بأسره، عن قناعة ومبادئ راسخة وقوية ومتينة تنطلق منها للاضطلاع بتلك المسؤوليات الجسام .
وختامًا نسأل الله أن يحفظ على بلادنا أمنها واستقرارها ورخاءها ، وأن يتغمد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ، بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته ، وأن يغفر ويرحم لمن توفي من أبنائه وأن يطيل بعمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وسمو النائب الثاني، وأن يجعلهم ذخرًا لهذا الوطن وأن يعينهم على حمل المسؤولية وأداء الأمانة ومواصلة المسيرة .
شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الدار البيضاء
sssm1389@gmail.com
تابعوا جديد شبكة أبونواف على فيس بوك وتويتر