تقنية حفظ الأغذية بالتشعيع
وفوائدها ومزاياها
إن إستخدام تقنية التشعيع في حفظ الاغذية يقصد بها تعرض الغذاء إلى أحد مصادر الطاقة الإشعاعية ، إما من نظائر مشعة أو من أجهزة تنتج كميات محكمة من أشعة الإلكترون أو الأشعة السينية والتي تعمل على امتصاص الغذاء لجرعة محددة وفعالة بهدف حفظ الغذاء وتقليل الفاقد وإطالة فترة صلاحية الغذاء بالقضاء على مسببات الفساد والتلف .
وتتميز طريقة الحفظ بالإشعاع بكونها سريعة وقليلة النفقات ولا تسبب أي اثر ضار للإنسان كل ذلك بدون رفع درجة حرارة الغذاء ولهذا السبب يطلق عليه (بالتعقيم البارد).
والفعل الحافظ للإشعاع هو تنشيط أو تحطيم خلايا البكتيريا والكائنات الحية الدقيقة الأخرى الملوثة للغذاء فعند مرور الإشعاع ونفاذه فانه يعمل على تأين وتهيج ذرات المادة وينتج عن ذلك عملية تبديل وتحوير تسبب في تكوين جزيئات كبيرة قاتلة داخل خلايا البكتريا والكائنات الحية الأخرى مما يتسبب في تحطيمها . ويكون تأثيرة على التغيرات الكيميائية قليلا و لا يتسبب تأين وتهيج بعض ذرات مكونات الغذاء اكتسابها خاصية الإشعاع .
وبصفة عامة تنقسم طريقة المعاملة بالاشعاع إلى طريقتين رئيسيتين :
الأولى : تعرف باسم البسترة بالاشعاع وتجري باستخدام الجرعات المنخفضة من الاشعاع الذري لتاخير الفاسد في بعض الاغذية الطازجة السريعة التلف مثل الاسماك والقشريات والدواجن وتخفيض اعداد الاحياء الدقيقة في البهارات والقضاء على بعض البكتيريا ( مثل السالمونيلا ) والطفيليات واطالة فترة صلاحية الفواكه مثل الفراولة بتاخير نمو الفطريات .
الثانيةً : تعرف باسم التعقيم وهذه تتطلب استخدام جرعات مرتفعه للقضاء على كافة الاحياء الدقيقة الموجودة في الغذاء وهذه المعاملة شبيهه بالتعليب الذي يستخدم فيه معاملات حرارية لحفظ الغذاء كما تشمل تطبيقات التشعيع الحد من الاصابات الحشرية باستخدام جرعات منخفضه من التشعيع لقتل الحشرات في الحبوب والاغذية المخزنة الاخرى مثل التمور وبالامكان إحلال التشعيع لقتل الحشرات بدلاً من المواد الكيميائية المبخرة مثل ايثيلين ثنائي البروميد والذي سوف يحظر استعماله دوليا لما يسببه من تلوث بيئي واضراراً على طبقة الاوزن .
كما ان استخدام التشعيع في هذه الحالة سوف يسهل من التبادل التجاري للمنتجات الغذائية الزراعية بين الدول ، حيث ان كثير من الدول تمنع استيراد الاغذية المصابة او المشتبه في اصابتها بالحشرات خوفاً من دخول او حدوث اصابات جديدة في بلدانها .
ومن تطبيقات التشعيع ايضا منع الإنبات ( التزريع ) في الخضروات مثل البطاطس والبصل والثوم وتاخير انضاج العديد من الفواكه مثل استخدام التشعيع لتاخير انضاج الموز والمانجو والجوافه ، وتحسين الصفات الفيزيائية باحداث تغيرات فيزيائية مرغوبة مثل زيادة ذوبان الخضروات المجففه في الماء بدرجة كبيرة .
فكرة تقنية الحفظ بالتشعيع :
ومن الجدير بالذكر أن فكرة تقنية تشعيع الغذاء قد بدأت منذ اكثر من ستين عاما ومرت بتجارب بحثية ودراسات مستفيضة لم تحظى بها أي طريقة من طرق حفظ الاغذية . وظلت دول الخليج طيلة الفترة السابقة تتابع باهتمام شديد جميع المستجدات المتعلقة باستخدام هذه التقنية خاصة مع تنامي استخدامها على المستوى الدولي حيث أصبحت في الوقت الحالي مستخدمة في أكثر من أربعين بلداً في العالم . فعلى سبيل المثال أجازت الولايات المتحدة الامريكية تشعيع الدواجن المبردة واللحوم المبردة وبعض الفواكه والبهارات ، وأجازت فرنسا تشعيع الدواجن المبردة والجمبري والبهارات واجازت إندونيسيا تشعيع البهارات والأرز وأجازت اليابان تشعيع البطاطس ، كما أجازت بعض الدول العربية ومنها سوريا والجزائر تشعيع الدواجن والبطاطس والبهارات وتنص تشريعات الاغذية في بعض هذه الدول على وضع علامة في بطاقة المنتج تدل على تشعيع الغذاء .
وقد أهتمت بموضوع تشعيع الاغذية عدة منظمات دولية كاللجنة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الصحة العالمية والمركز الدولي لتقنية تشعيع الاغذية بهولندا والمجموعة الاستشارية الدولية لتشعيع الاغذية والاتحادات والجمعيات الخاصة بالمستهلكين ، وخلصت لجنة دستور الاغذية ( الكودكس ) إلى ان الاغذية المشععه تعتبر امنة كما خلصت لجنة خبراء سلامة الاغذية والتغذية التابعة لمعهد تقنية الاغذية والذي يعتبر المؤسسة الرئيسية في مجال علوم الاغذية بامريكا إلى القول ( ان تشعيع الاغذية يعتبر امناً وقد يفيد المستهلك في الحصول على اغذية عالية الجودة ) .
الفرق بين تقنية التشعيع والتلوث الاشعاعي :
اما فيما يختص بالفرق بين تقنية التشعيع في حفظ الاغذية والتلوث الاشعاعي فهناك التباس لدى المستهلكين بشأن التفرقة بين تقنية تشعيع الاغذية بغرض حفظها والتلوث الإشعاعي وقد يكون سبب ذلك إلى الكوارث النووية التي نشأت بسبب الحروب او نتيجة للانفجارات النووية كما هو الحال في حادثة تشيرنوبل فالأغذية النشطة إشعاعيا هي الاغذية التي تعرضت للتلوث الإشعاعي بصورة عرضية مثل حوادث المفاعلات النووية وهذا النوع من التلوث غير مرغوب فيه وليس له علاقة بتشعيع الاغذية .
وقد تم اصدار عددا من المواصفات القياسية السعودية التي تحدد الحدود القصوى للمستويات الإشعاعية المسموح بها في الاغذية والأعلاف وطرق كشفها وتقديرها وتتولى الجهات الرقابية التأكد من تطبيق هذه المواصفات .
* الجرعة الاشعاعية :
ومن الأهمية بمكان فى هذا الصدد تعريف الجرعة الاشعاعية وهى كمية الطاقة الاشعاعية الممتصة بواسطة الغذاء المعرض للمعالجة بالتشعيع ويجب ان يكون الحد الادنى للجرعة الممتصة لتشعيع أي غذاء كافية لتحقق من خلاله الغرض التقني وان يكون الحد الاعلى للجرعة الممتصة اقل من تلك التي تحدث تأثيرات العكسية على الخصائص الوظيفية او الخواص الحسية للغذاء ، وعادة تقاس الجرعة الاشعاعية بالكيلوجراي وهي وحدة لقياس الاشعة المؤينة في الغذاء المشعع ، وقد تغير مفهوم علاقة الجرعات الاشعاعية المستخدمة لسلامة الغذاء بعد ان كان الحد الاقصى المسموح به للاستخدام 10 كيلوجراي في عام 1980 ولم يعد الخوف من الجرعات الاعلى يشكل اهمية بعد ثبوت المعالجة الاشعاعية بغض النظر عن الجرعة او المنتج او مجال التطبيق وقد اكد المؤتمر العالمي " ضمان سلامة وجودة الغذاء من خلال المعالجة بالتشعيع " والذي عقد بمدينة انتاليا بتركيا في بيانه الختامي عدم الحاجة إلى وضع حدود على الجرعات القصوى من وجهة نظر سلامة الغذاء حيث ان الخواص الحسية للغذاء والمعالجة الجيدة هي العامل المحدد لتقنين الجرعات المستخدمة وقد قطعت لجنة دستور الاغذية ( الكودكس ) خطوات كبيرة نحو تعديل مواصفاتها المتعلقة بالاغذية المشععه وفقاً لذلك ، وسوف يتم مراعاة جميع هذه المستجدات عند أعدادها المواصفات القياسية السعودية الخاصة بالأغذية المعالجة بالإشعاع ، وبصفة عامة يجب استخدام التشعيع عند الحاجة الضرورية فقط والتي تتطلب هذه التقنية او عندما تكون هناك حاجة تتطلبها صحة الغذاء و الا تستخدم كبديل عن الممارسات الجيدة للتصنيع وان يكون الغذاء ومواد التعبئة ذات جودة ملائمة وفي حالة صحية مقبولة ومناسبة لهذا لغرض .
ولا تؤدي وحدات التشعيع إلى مخاطر توثر على المجتمع المحيط بها ولكن يجب بالتأكيد انشاء وحدات تشعيع الاغذية بطريقة تضمن عملها بصورة جيدة مع مراعاة الاحتياطات الواجب توافرها عند الإنشاء والتشغيل .
واما من ناحية الكشف عن الاشعاع فيجب التأكيد على ان استخدام الجرعات المسموح بها من التشعيع يؤدي إلى تغيرات فيزئائية وكيمائية في الاغذية ولكنها تغيرات صغيرة وغير خاصة بالتشعيع وتشابه تلك التي تحدث من المعاملات المختلفة التي تجرى على الغذاء مثل طرق الحفظ الاخرى . ورغم ان الدول التي تسمح بتشعيع الاغذية لا تطالب بطرق الكشف عن الاغذية المشععه الا ان ايجاد وسائل او طرق للكشف عن الاغذية المشععة ربما يكون مفيداً لتحديد الجرعة المستخدمة في معاملات الاغذية ، كما أنه يعد امراً مرغوباً للمستهلك والجهات الرقابية وللمصنعين اللذين يستخدمون هذه التقنية ، حيث ان الاغذية المشععه في الدول التي تسمح لذلك تباع بأسعار أعلى من نظيراتها غير المشععه وهى عادة تتميز بصفات جيدة مثل خلوها من السالمونيلا وزيادة فترة صلاحيتها او عدم ظهور الانبات فى منتجات مثل البصل والثوم والبطاطس وقد يحادول التجار خداع المستهلك بعرض أغذية غير مشععة ويدعى انها عوملت بالتشعيع . وهناك عدة طرق مختلفة للكشف عن الأغذية المشععة تشمل الطرق الفيزيائية وطرق تعتمد على الخواص الكيمائية والطرق الحيوية
الجدير بالذكر أن مجلس الوزراء السعودي كان قد وافق على تقنية تشعيع الاغذية والسماح بدخول الاغذية المحفوظة بطريقة التشعيع الى المملكة ، وحث الهيئة العربية السعودية للمواصفاتوالمقاييس على التنسيق مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والإستعانة بالمختصين فى إصدار مواصفات قياسية سعودية لمنتجات غذائية مشععة على حسب أولوياتها للسوق السعودية .