قد نتعجب من اختلاف البعض على صوت مطرب نحبه، ونتساءل كيف يمكن لشخص أن ينتقد صوتاً رائعاً كهذا!
وقد لا نستوعب إعجاب غيرنا بصوت آلة موسيقية لا نستمتع بألحانها.
الأشخاص قد يسمعون ذات الصوت بطرق مختلفة وتبعاً لذلك ستختلف أحكامهم على هذا الصوت، فهناك الكثير من المؤثرات التي تتحكم بذلك، ليس فقط الذوق وخلفية الشخص، وإنما هي الطريقة التي يصل فيها الصوت لأدمغتنا. والطريقة الفيزيائية لانتقال الصوت للأذن ومنها إلى خلايا الدماغ كانت مبهمة حتى عهد قريب، لكن العلماء في جامعة هارفارد اكتشفوا أن الأذن الداخلية حين تصلها الأمواج الصوتية، تعمل على تنبيه خلايا الدماغ المسئولة عن نقل المعلومات للمخ، وهذا التنبيه يشكل نماذج مختلفة، وتنبه مناطق مختلفة في الدماغ من شخص لآخر، وهذا ما يجعل بعض الأشخاص يتذكرون ذكريات معينة حين يسمعون أغنية لمطرب ما، فلقد تم ربط هذه الأغنية بتلك الذكرى داخل عقولهم.
ومن العوامل المؤثرة في اختلاف سماع الصوت من شخص لآخر، التكوين العظمي المختلف للأفراد، وشكل تعرجات الجمجمة وكثافة عظامها أيضاً يؤثر على شكل الموجات الصوتية بعد عبورها إلى الأذن ما يجعل ردود الأفعال تختلف تجاه صوت معين. فلقد نشرت الجمعية الصوتية في الولايات المتحدة؛ أن الاختلافات البسيطة جدا في عظام الرأس يمكن أن تغير في اهتزازات الموجات الصوتية، وقد كشفت الجمعة أن جماجم النساء تزيد من سرعة اهتزاز الموجات الصوتية التي تعبر إلى آذانهن بشكل أكبر من الرجال. ومن هنا يمكننا استنتاج أن ميولنا لأنواع معينة من الموسيقى أو الأصوات يتحكم به تكويننا الجسماني بنفس درجة خلفياتنا وأذواقنا.
وعندما نتحدث عن الصوتيات، فلا يوجد أفضل من الموسيقيين لدراسة ومقارنة ردود أفعالهم، وقد أجريت دراسات للمقارنة بين الذوق السمعي لأحد الموسيقيين وبين شخص لا يعمل في مجال الموسيقي، وقد لوحظ أن النظام السمعي لهما يختلف تماماً، فقد كان الموسيقي يستطيع ملاحظة التناغمات الصوتية حتى في وجود ضوضاء حوله، كما أنه أكثر خبرة في خامات ونبرات الأصوات، ويجزم علماء السمعيات أن الطفل الذي ينشأ في جو موسيقي يكون أكثر نبوغاً في استيعاب اللغات والرياضيات، وأكثر كفاءة في فهم العمليات المنطقية، فلا يمكن لأحد إنكار أن الموسيقي منذ وجدت، كانت علاجاً للكثير من الاضطرابات، والكثير من الدراسات أثبتت أن استماع الأطفال الرضع للموسيقي يساعد على نمو الجسور العصبية المسئولة عن معالجة الأفكار والمعلومات.