رسائل المجموعة

قصة رعب – لا ترفع الغطاء

السلام عليكم
تحية لكل قروب أبو نواف، الصراحه من بعد أو قصه لي وهي بعنوان بلوتوث وصلتني العديد من الرسائل و90% منها كان متشابه من حيث الأسئله والمضمون، وللتوضيح حبيت أن أجيب على كل هذه الستاؤلات هنا قبل أن تقرؤا قصتي الثانية
هل القصة حقيقية؟
لا ليست حقيقية وهي من نسج خيالي
ولكنك حلفت في بداية القصة ؟
الحلف في القصه جاء على لسان فهد الذي يروي الأحداث ولست أنا من حلف وقد اختلط الأمر على من قرأ القصة واعترف هذه غلطتي، فقد كنت اعتقد أنها تكنيك فني في الكتابة ولكنني انتبهت أن هناك ناس يحتاجون لبعض التوضيح وإلا مزجوا بين الواقع وبين الخيال
هل توجد صوره للرجل الذي ظهر لفهد في الشاليه؟
لا لاتوجد صوره وكما قلت هي قصه من نسج خيالي فأنا بالنهاية كاتب ولي مخيلتي الخاصة
من صور الرجل بتلفون فهد؟ رغم أن فهد كان خائف من الرجل وتلفونه كان داخل الشاليه عندما شاهد الرجل؟
كنت ساترك هذا الموضوع لمخيلة القارئ، ولكن يبدو أن الكاتب ملزم بالتوضيح كحق عليه تجاه القراء .. من وجهة نظري أرى أن الرجل وهو من الجن قد صور نفسه بتلفون فهد عندما خرج فهد للبحث عن الشخص الذي يرسل له البلوتوث خارج الشاليه وترك أغراضه بما فيهم تلفونه داخل الشاليه
هل للقصه جزء ثاني؟
لا لايوجد وانتهت احداث القصه مع ظهور صورة الجني في تلفون فهد
وهناك ملاحظه أخيره أن البعض اختلط عليه الأمر عندما قرأ التاريخ في نهاية القصة فاعتقد بأن هذا تاريخ حدوث القصة .. التاريخ هو تاريخ كتابتي للقصه وليس تاريخ حدوث القصة
وبالنهاية أشكر كل من أرسلي وأتمنى أن أكون وضحت بعض النقاط المبهمه
والآن أترككم مع قصتي الجديدة


( قصة رعب )
( لا ترفع الغطاء )
بقلم : عبدالعزيز الحشاش

سامحك الله يا أبي .. لم تترك لي من آثار الطفولة سوى ذكرى حكايتك المشئومة
* * * *
أكره الليل، وبالتحديد ساعة النوم .. فكم صليت طويلا في طفولتي بأن يطول النهار ولا يأتي الليل إلا متأخرا فأكون حينها قد فقدت آخر ذرة طاقة في جسدي النحيل وأخلد إلى النوم بسرعة فلا أضطر لسماع حكاية أبي.
لم تكن أمي ذات بال طويل، ولم يكن أبي برجل متفهم عاقل ذو حكمة .. في الواقع لم يكن شيئا يذكر. كان أبي رجل يعاقر الخمر، ولم يكن يترك الكأس من يده إلا إذا احتاج لبضع مكعبات من الثلج حتى تبرد عليه سهرته الطويلة .. مع كأسه. لم أنظر لأبي يوما بأنه رجل أناني، ولكنني كنت أراه رجل مهزوم .. نعم مهزوم .. هزمته إرادته. فالإنسان نوعان : إما إنسان قادر أن يتحكم بإرادته ويسيرها، أو إنسان تسيره إرادته .. وينهزم، وكان أبي من النوع الثاني.
هجرتنا أمي في ليلة ممطرة عندما فاض بها وضاقت ذرعا بحياة أبي التي .. لم تكن حياتا بل أقرب منها للجحيم. لم يضرب أبي أمي يوما، ولم تكن هي من النوع الذي يتشاجر كثيرا، علاقتهما كانت أقرب إلى الصمت، ولكن الحياة مع أبي لا تطاق .. هكذا رددت أمي دائما على مسمعي.
لم تكلف أمي نفسها عناء الجدل مع أبي حلو موضوع وصايتي، فسألته قبل أن تخرج:
– تريد الولد أم أأخذه ؟
رد بعد أن رشف من كأسه قليلا والخمرة تلعب في رأسه:
– اتركيه هنا يسليني، ما حاجة لك به .. !
وخرجت أمي دون أن تقبلني قبلة الوداع، ومن وراء نافذة البيت العتيق رأيتها تصعد سيارة خالي وترحل .. لوحت لها ولكنها لم تراني . كدت أذرف دمعة ولكن قاطع لحظة انكساري صوت أبي المخدر :
– هات ثلج من المطبخ
* * * *
في ليالي بيتنا الموحشة، ومع انقطاع الكهرباء المستمر تحت وطأة المطر والرطوبة، جلسنا أنا وأبي نتسامر، رغم أنه لم يكن هناك موضوع يذكر نتسامر حوله. كان أبي يشرب، وكلما انتهى كأسه رمى ثلجتان في قعره وسكب لنفسه قليلا من مشروبه ذو الرائحة العفنة .. وأكمل مشواره في الشرب. بينما كنت أجلس أنا كل ليلة بالقرب من النافذة على أمل أن تعود أمي، حتى يغلبني النوم، وأنسحب إلى فراشي.
وفي تلك الليلة، دوى فيها صوت الرعد، وكشف البرق المنفجر في صدر السماء عن زوايا بيتنا المتعفن، فلم ينظف والدي البيت منذ رحلت أمي، ولم تسمح سنوات سني السبع بأن أحمل مكنسة وأنظف مخلفات أبي التي لا تنتهي . استلقيت في سريري، وتكور جسدي الضئيل تحت غطاء اللحاف. وبين دوي الرعد وصرير باب الحمام الذي يتحرك بفعل الرياح، لمحت من تحت غطائي ظل أبي وهو يسير في الممر المحاذي لغرفتي حاملا شمعته ويتلكأ في سيره، يقع تارة ويقف تارة أخرى، يصطدم بالحائط تارة و بسور السلم تارة أخرى، ووصل إلى غرفتي .. دخل .. أطل برأسه علي وأنا تحت اللحاف، سأل :
– نمت ؟
وبصوت مرهق أجبت :
– أحاول أن أنام
جلس أبي على طرف السرير ووضع الشمعة قربي على الطاولة المجاورة لسريري، تجشأ .. ثم أطلق تنهيدة طويلة، حتى شعرت بأنفاسه تخنق رئتي الصغيرة. قال :
– أكيد لا تستطيع النوم، سأقص عليك قصة
بلعت ريقي، ودون أن أحرك ساكنا نظرت له وكلي آذان صاغية، فهذه هي المرة الأولى التي يقص فيها أبي علي قصة قبل النوم .. وليته لم يفعل . قال :
– في قديم الزمان يحكى عن امرأة عجوز، كانت تعيش لوحدها في بيت من طين .. أيام الكويت القديمة . . هل تعرف بيوت الطين القديمه؟
– أعرفها يا أبي .. درسنا عنها في المدرسة
– جميل .. كانت هذه العجوز منبوذة عن الناس، وكانت كلما خرجت من بيتها وسارت في الشوارع أو دخلت السوق هرب الناس منها وتجنبوا الاحتكاك فيها
– لماذا يا أبي؟
– يقال بأن هذه المرأة ليست من الإنس .. وفي ليالي الصيف الطويلة عندما كان الناس ينامون فوق السطوح يقسم البعض بأنه رآها تسير بين الأحياء وتزور المقبرة ليلا .. حتى أن أحدهم رآها صدفة وهي تسير قرب بيته تحمل طرف عباءتها بيدها وباليد الأخرى تتكئ على عصاها .. وحين نظر لقدميها لمح خفي حمار
دوى صوت الرعد مرة أخرى، فزع جسدي الصغير، مسكني أبي من كتفي وشد عليهما، رأيت ظل رأسه يعكسه نور الشمعة على الحائط .. وهو يقول:
– لا تخف .. هذه العجوز لا تظهر إلا للأطفال الذين يخافون ويتبولون على نفسهم في سريرهم .. أنت لست من هذا النوع من الأطفال يا جاسم .. أليس كذلك؟
بصوت مخنوق وبأوصال مرتعشة وبنفس متقطع أجبته :
– لا يا أبي .. دخلت الحمام قبل أن أخلد إلى سريري
ابتسم أبي .. كانت أحقر ابتسامة رأيتها في حياتي، حمل شمعته وسار نحو الباب وقبل أن يخرج لمحني بنظرة وقال :
– من لا يسمع كلام والده تزوره العجوز في فراشه
* * * *
صرير باب الحمام لا يترك للهدوء مجالا في بيتنا، والمطر يطرق بحباته على نافذة غرفتي. كذبت .. نعم كذبت على أبي، لم أدخل الحمام، لم أطع كلامه، ولم أتبول قبل النوم .. كيف سأنام؟ كيف سأجد للنعاس طريقا وأبي زرع في عقلي قصة لن أنساها، وفي قلبي غصة طفل برئ خائف في ليلة مظلمة بلا نور .. وبلا صدر أم حنون أركض إليه ؟
مشطت بنظري الغرفة، ورغم الظلام استطعت أن أميز الطريق إلى الباب، أزحت الغطاء عني .. نهضت .. لبست النعال، وسرت وأنا أمد يدي متخبطا حتى تقع على الباب، خرجت من الغرفة ، سرت في الممر على هوادة .. وصلت للحمام، فتحت الباب .. دخلت. وبعد أن انتهيت خرجت .. بد لي الطريق طويلا إلى غرفتي، لا بد أن أبي قد نام بعد أن أنهى سهرته مع كأسه واعقاب سجائره. أخذت نفسا عميقا، وسرت إلى الغرفتي، خطوه .. خطوتان .. فجأة .. أحسست بأنفاس باردة من خلفي .. كانت عند رقبتي مباشرة .. وقفت لثانية .. ثم أغمضت عيني وأنا استجمع شجاعتي .. وأكملت طريقي نحو باب الغرفة .. خطوتان .. ثلاث .. الرابعة .. سمعت الصوت .. سمعته .. نعم سمعته .. لم تكون خطواتي، لا لم تكن خطواتي .. سرت قشعريرة خوف في أوصالي، ابتلعت ريقي بصعوبة، تجرأت والتفت ورائي، لم يكن هناك شيء سوى باب الحمام الذي يصدر أنينا وكأنه أنين امرأة تنتحب. أكملت طريقي .. وصلت لباب الغرفة .. دخلت .. وبمجرد أن دخلت هرولت سريعا للسرير، قفزت إليه، وسحبت الغطاء .. وتدثرت تحته.
من أين يأتي هذا النفس؟ من أين يأتي هذا الهواء البارد على وجهي ؟ .. النافذة بعيدة عني .. كيف تسلل هذا الهواء إلى هنا؟
عزف المطر لحنا .. فغفت عيني .. ونمت .
شيء ما يداعب أنفي، نفس كريه أشعر به على جبيني .. ليس حلما ، إنه شيء يضايقني .. فتحت عيني .. مازال الظلام دامسا، ومازال المطر منهمرا .. ورطوبة غريبة لفت أرجاء الغرفة .. رفعت الغطاء عني .. نظرت في المرآة المعلقة على الحائط الذي أمامي .. وفجأة .. رأيت انعكاس الصورة .. كانت عجوز تجلس فوق رأسي .. وفي حضنها عصاها .. وأطراف رجلها خفي حمار .
وصرخت ..!
* * * *
الوقت : زمننا الحاضر
المكان : ولاية أريزونا – الولايات المتحدة الأمريكية
 
صيف أريزونا المشمس لا يدع لظلام الليل مجال إلا بعد الساعة الثامنة مساء، نهاره طويل، وليله قصير . روتيني المعتاد من وإلى الجامعة جعلني أنسى متعة التجول مساء بين مجمعات الطلاب السكنية، أو الذهاب للسينما، أو التسكع برفقة الأصدقاء في شوارع منطقة Tempe التي أعيش فيها. وفي تلك الليلة قررت أن أكسر الروتين،رغم أني قطعت عهدا على نفسي بعدم السهر في النوادي الليلية، استسلمت لرغبة الأصدقاء وسهرنا في نايت كلوب مشهور في المنطقة. لعبت الخمرة في رأسي، ورقصت حتى أحسست بأنني لم أعد أشعر بكل عظمة في جسدي. وعدنا كل إلى شقته ونحن ندندن بالطريق كل باللحن الذي يحلو له، ونتذكر أيام الكويت الجميلة .. والحنين للتسكع على شارع الخليج في مثل هذا الوقت.
وصلت شقتي، فتحت الباب ودخلت، وبلا شعور ركضت نحو الحمام ورجعت كل ما امتلأت به معدتي في هذه السهرة، وبثيابي الملتصقة بجسدي من عرق المجهود الذي بذلته وجدت نفسي أرتمي في حضن فراشي .. وغفيت ..!
لم أعرف كم مر من الوقت، ولكنني شعرت بحاجة للتبول .. وبأنني يجب أن أذهب للحمام الآن .. لعله الخمر المتبقي في جسدي .. فتحت عيني .. هممت بالنهوض، حاولت أن أرفع رأسي، لم استطع، حاولت وحاولت .. ولكن رأسي كان ثقيلا .. وأحسست بأنفاس رطبة على وجهي .. نظرت في المرآة التي أمامي .. فانعكست صورة لعجوز تجلس فوق رأسي .. وفي حضنها عصاها .. وطرفي رجلها خفي حمار .
 
– تمت –
 
تاريخ كتابة القصة 13/8/2006

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى