الألوان .. تخالطنا في كل أماكننا وأزماننا !
وعلم الألوان وما فيه من النظريات وقراءة الألوان يحتاجه كل شخص يختلط بالألوان في كل حين ..
ففي المنزل وترتيب أثاثك تحتاج لتعرف كيفية تنسيق الألوان وفي ألوان الجدران وانعكاس الضوء عليها بل حتى في لبسك وزيك وفي وجهكِ – أيتها المرأة – تحتاجين للألوان وطريقة تنسيقها ولهذا !
تجد البعض تخرج منه هكذا دون شعور حين يشاهد التنسيق السيئ للألوان : ذوقك بالألوان سيئ !
فن قراءة الألوان يكثر الحديث عنه ، و هناك الكثير ممن تحدث عن فلسفة الألوان وأثرها على النفس البشرية وانعكاس اللون وسطوعته وقوة نفوذه على الشخص وكذا مدى انسجامه مع الألوان التي حوله وهي أخطر نقطة يحتاجها من قام بصبغ الألوان أو حتى دمجها باستخدام برامج التصميم على سبيل المثال.
الألوان أصبح لها أجناس متنوعة ، فهناك الألوان الرسمية وهناك الطفولية وهناك الألوان الأنثوية وكذا التي توحي لك بالجفاف والغلظة وهناك ألوان حب وألوان كره وألوان حزن وألوان صفاء ونقاء وهناك ألوان تجذبك إليها وفيها كاريزما خاصة بها ، كذا هناك ألوان تختلف بمدى انعكاسها على العين من شخص لآخر وهذا الفن اتسع مع تطور التقنية الحديثة وخروج برامج تقوم بدمج الملايين من الألوان ووجود أشخاص يعطون قراءات فنية تفصيلية لانعكاس الألوان وأهمية اختيار اللون المناسب في التصميم أو المكان المناسب .
الدكتور : حسن الجندي – من أشهر المدربين المتعاونين مع مركز يوروماتيك العالمي للتدريب في دبي – يشير إلى هذا النقطة بهذه القصة التي قالها لي في أحد الدورات التي حضرتهُا عنده :
هناك شخص مستأجر شقة من أحد زملائي وفي أكثر من مرة حضرنا لأخذ الإيجار وكنا نخرج من عنده بعد خناقة طويلة وجدل غير منتهي! في أحد الأيام قررنا أن ندخل بهدوء ونناقش الموضوع بكل أريحية وبعد أقل من ربع ساعة عاد الجدال وثرنا جميعاً !
حينما التفتنا إلى لون الجدار .. أدركنا أن السبب هو ذاك اللون !
كان لون الجدار هو اللون الأحمر القامع ! وكان هو سبب زيادة الغضب وتحرك القلب بهذه السرعة !
ويشير الأستاذ فهد الأحمدي في زاويته – حول العالم – لهذه النقطة فيقول " والألوان ليس لها فقط تأثير قوي على مزاج الانسان وطريقة تصرفه بل وتعبر عن شخصية السائق وسماته الانفعالية.. فاللون الأحمر مثلا له تأثير قوي على الجزء السمبتاوي العصبي المسؤول عن الاستثارة والتحفيز الأمر الذي يجعله مفضلا في السيارات الرياضية. كما يوحي بالقوة والتحدي (لدرجة قد تستثار شخصيا حين تتجاوزك سيارة حمراء فتفكر بمطاردتها كثور أسباني أصيل) .
وفي المقابل يعمل اللون الأزرق على خفض ضغط الدم وتقليل سرعة النبض والتنفس وبالتالي الاسترخاء والهدوء (لهذا السبب نادرا ما تجد سيارة رياضية بهذا اللون في حين أنه المفضل في غرف الانتظار والعيادات الطبية). أما الأصفر فلون مفضل في السيارات الشبابية الصغيرة كونه يعطي شعورا بالبهجة والفرح والتعلق بالسيارة ذاتها ( لهذا يغلب الأصفر على لعب الأطفال ومراكز الترفيه).. أما اللون الأسود فيفضله نوعان من البشر ؛ الأول مغرور يتحاشى الاختلاط مع العامة (وهو ما يجعله اللون المفضل في السيارات الفاخرة) والثاني متهور سوداوي المزاج (وهو مايجعل السيارات السوداء الأكثر تعرضا للحوادث في بريطانيا في حين يأتي اللون الكريمي كأقل السيارات عرضة للحوادث.
كلام جميل جداً للأستاذ فهد ومعبر ، وأشير هنا إلى أن اللون الأزرق عادة ما يستخدم في الأمور الرسمية وتشاهد أن غالب المواقع العالمية الكبيرة تستخدم هذا اللون ومعه ألوان هادئة أخرى كالأخضر الفاتح – التفاحي – .
اللون وامتزاجه هو ما يحدد مزاج مستخدمه ، وأشير أن الكثير من المصممين في هذه الأيام لا يفقه عن طريقة مزج الألوان شيء وإنما امتهن هذه المهنة دون أخذ لأساسها وهو مزج الألوان والتي تعطي انطباع عن مدى معرفة الشخص بالعلم الذي امتهنه.
انسجام الألوان مصطلح مهم هنا ، وعندما يكون لألوان متقاربة فإنه تحدث نتيجة سارة !
هناك ما يعرف بدائرة الألوان أو إطار الألوان وهو الموضح بالشكل بعاليه ، وهذه الدائرة بالغالب حين تأخذ ألوان ثلاثة متباعدة بنفس المسافة عن بعضها فإنه ينتج لك انسجام في الألوان ، وتسمى كل ثلاثة ألوان متساوية البعد عن بعضها بمثلث الألوان.
وغالبا ما تنسجم الألوان المكونة لمثلث الألوان بعضها مع بعض. وتكوِّن الألوان الأولية في دائرة الألوان ـ الأحمر والأصفر والأزرق ـ مثلث ألوان. أما الألوان الثانوية ـ الأخضر والبرتقالي والأرجواني فكلّ منها خليط من لونين أوليين. وتقع هذه الألوان على أبعاد متساوية من الألوان الأولية وتكوِّن هي أيضًا، مثلث ألوان . والألوان المتوسطة عبارة عن خليط من لون أولي وآخر ثانوي. وهي تقع بين الألوان الأوَّلية والثانوية في دائرة الألوان. ويكوِّن خليط لونين ثانويين لونًا من الدرجة الثالثة .
هناك قراءة فنية للألوان وهي ما تعرف بقواعد الألوان فمثلا لون النار أو الخطر دائماً أحمر وهو لون الحرارة " في التكييف وغيره " وعكسه أي البرودة أزرق قاتم.
وهنا جدول يبين القراءة التفصيلية للألوان ( حسب قراءة الدكتور دب ليندر ) :
الأحمر : الحرارة ، الخطر ، العاطفي
الأزرق : البرد ، الكآبة ، والجودة
الأخضر : الطبيعة ، الصحة ، الحيوية ، الابتهاج
الارجوان : الأتاوات والاستخبارات
الأصفر : الدفء ، الخوف والحذر.
تداخل الألوان مع بعضها يعطي قراءة مختلفة في كل مرة ، وفي هذه الصورة نجد أن اللون البرتقالي يختلف من صورة لأخرى. وكذا استخدام اللون برسم مختلف يعطي انعكاس آخر، فشكل الخطوط المتوازية يختلف عن شكل الدوائر وشكل المربعات يختلف عن المثلثات.
احتياجاتك لمعرفة تنسيق الألوان وصنع الانسجام مهمة لك في حياتك ، وخصوصاً في ترتيبات المنزل وأثاثه واختيار ألوان الجدران وكذا مهمة للمصممين، وهنا نقطة مهمة للمصمم " سواء كارت أو شعار أو خلافه " : وهي أنه لابد أن يحدد الهدف من التصميم ثم ينطلق لاختيار الألوان المناسبة فألوان رسالة حب ليست كألوان شعار رسمي لمؤسسة والصور المستخدمة في توقيع ليست كالصور المستخدمة في بانر لموقع ذو هدف محدد.
هذا ما أردتُ أن أبينه في هذه العجالة مع شكري وتقديري لقراءتكم وتعليقاتكم ..
م/محمد الصالح
الأربعاء 28/12/1427ه
