أصدقائى وصديقاتى فى الجروب أرجو أن تحوز مشاركتى إعجابكم كما أرجو إرسال تعليقاتكم لى
فأياً كان رأيكم فهو مهم جداً .
أخوكم طارق المصرى
عين الحق
يا بنى كتب عليك الجهاد من أجل الحياه .. لا تفرط فى حبة رمل , لا تقنط ولا تستكن , وتذكر دائما دم أبيك الذى لن تشربه الأرض ما دامت الحياه ..
كلمات تمر تصحبها قطرات من الدموع ترقرقت لها عينا الديك وهو يذكر ذلك المشهد حينما كان فرخاً صغيراً , فى ذلك الحين تشردت عشيرته بعد أن هجم عليها قطيع من الذئاب واستولوا على أرضهم وأكلوا ما استطاعوا من الدجاج والأفراخ الصغيرة , وانتهت المأساة بمقتل ذلك الأب المناضل الذى مات وهو يدافع عن أبنائه وعن وطنه الذى نشأ وترعرع فيه.. أفاق الديك من تلك الذكرى على يد صديقه الكلب عندما ربت على ظهره سائلاً إياه أن يهون على نفسه .. وكان المكان الذى يعيش به الديك والكلب فى أطراف الأرض التى طرد منها آبائه وأجداده.. وكان مليئاً بأعواد الذره الطويلة والتى كادت من غزارتها أن تتلاحم سيقانها , وكانت تلك كفيله بأن تخفيهم عن أعين الذئاب الغزاة ,وعلى الرغم من وفرة الطعام الذى لم يجدا صعوبة فى الحصول عليه , فالذرة طعام الديك تملأ المكان , والكلب يذهب فيجلب ما يكفيه من العظام عدة أيام..على الرغم من ذلك لم يكن الديك والكلب يعيشان حياة كريمة فقد كان الذل والهوان يملئان عليهما المكان , فلا حرية ولا مرح .. ولا صياح ولا نباح , فلقد كانت أصواتهم حبيسةً فى صدورهم خشية أن يعلم بأمرهم الذئاب .. ولكن إلى متى نظل فى هذا الهوان .. ألا تنتهى حياة الذل .. أولا أصبح حر .. وهنا سمع صوت أبيه يدق فى أذنيه , لا تفرط , لا تقنط , لا تستكن , فانتفض جسده واستقامت قامته وبدا كالأسد الشرس المدافع عن عرينه واندفع يجرى نحو بيته كالسهم المنطلق يشق الأعواد القويه فتتهاوى أمامه محدثا نفسه بصوت مسموع .. يجب أن أنفض عن كاهلى هذا الذل والهوان , فإما الحياة الكريمة فى الوطن أو الميتة الشريفة فوق أرضه , وفى تلك اللحظه كان قد وصل إلى مأواه فاعتلاه فصاح صيحةً لم تعرفها الديوك من قبل إهتز لها الكون كله وكأنها الرعد فى السماء .. وهنا وقبل أن يتم الصيحة تحولت أعواد الذرة إلى رأوس ذئاب , ولكنه لم يبالى بهم وأخذ يصيح ويصيح ويقذف بالصيحات نحوهم فتنزل فى قلوبهم شيئاً من الرعب لشدة الصيحة وهول المفاجئة ولثبات الديك الذى ظل فى عليائه شامخاً لا يهتز , أخذ الذئاب يحدقون نحو الديك فى دهشة , فينظرون إليه تارةً وينظر بعضهم إلى بعض تارةً أخرى .. وقبل أن يفيقوا من دهشتهم لاحقهم الديك بصوت قوى لا يصدر إلا من أسد .. أيها الذئاب الملاعين ما الذى ما الذى أتى بكم إلى هنا , ألا تعلمون أن هذه الأرض هى أرض الديوك , إرحلوا عنها الآن وإلا.. وهنا قاطعه كبير الذئاب..أرض من أيها الأحمق , وهم لينقض عليه فجذبه ثعلباً كان الذئب لا يحب أن يفارقه لشدة دهائه محدثاً إياه بصوت خافت ..أيها الزعيم تروى قليلاً ولا تتعجل بقتله , أرى أن هذا الديك ليس بمفرده , فلا يمكن لديكاً أياً كان حجمه أن يتصدى لمثل هذا الجيش من الذئاب , فلربما كان كميناً يود ان يوقعنا فيه وتراه قد جائنا بديوكٍ كثيرة فى مثل حجمه لا قبل لنا بها , أرى أن نتروى فى الأمر , فإن كان وحيداً أكلناه , وإن كان بصحبته جيشاً أعددنا لهم العدة وأكلناهم جميعا ..أعجب هذاالرأى زعيم الذئاب ورأى أن يظل فى محاورة الديك إلى أن يتحقق من أمره .. كرر الديك الصياح قائلاً .. إرحلوا عنا وإلا.. قاطعه الذئب قائلاً إعلم أيها الديك أن هذه الأرض هى أرض الذئاب من قديم الزمان ولدى شهوداً على هذا , فهل لديك من يشهد بأنها لك , أخبره الديك بأن لديه الشهود , فاقترح عليه الذئب بأن يأتو غداً فى الصباح للتفاوض وليأتى كل بشهوده , واشترط الديك عليه بأن يكون الشهود من غير بن جنسه .. رحل الذئاب تاركين المكان بعدما رأى زعيمهم أن تلك المهلة حتى الصباح كافيه لأن يعلم سر هذا الديك السمين ..
جلس الديك وحيداً وأحس بقشعريرةً تتسلل إلى جسده بعد أن خيم الصمت على المكان وتسلل منه الضوء شيئاً فشيئاً حتى صار الظلام ..وبدت عيناه المستديرتان تلمعان فى هذا الظلام بعدما انعكس عليهما ضوء ذلك النجم البعيد المتلألأ فى السماء ..وفجأه هب واقفاً مفزوعاً عندما أحس بيدٍ تمتد إلى ظهره ولكنه عاد ليلتقط أنفاسه بعدم علم أنها كانت لصديقه الكلب , أخذ الديك يروى ما حدث مع الذئاب لصديقه الكلب الذى كان قد ذهب لجلب بعض العظام , وما لبث أن انتهى حتى لاحقه الكلب بخطةٍ ذكية لمواجهة الذئاب فى الصباح , وفى تلك الأثناء كان الذئب قد حصل على نبأٍ غير يقين بشأن الديك فآثر أن يأخذ معه الثعلب ليكون معه شهيداً فى الصباح ..وبات الذئب يحلم بالديك بين أنيابه مهمهماً من وقت لآخر ..كم هو سمين…وفى الصباح تأكد الذئب من عدم وجود من يساند الديك فأخبر زوجته قبل رحيله بأنه سيجلب لهم اليوم قطعة كبيرة من ديكٍ سمين .
وفى أرض الموعد كان الديك يقف شامخاً مثلما تركوه بالأمس مما جعل الذئب يتشكك فى أمره وسألهم الديك بصوت تملأه العزة .. هل أحضرتم شهودكم , فأجابه الذئب بأنه قد حضر وأشار إلى الثعلب فخرج ليشهد .. وقبل أن يتكلم لاحقه الديك قائلاً .. لن تشهد على شيء قبل أن تقسم بعين الحق .. فسأله الثعلب , أى عين ..؟
فأخبره الديك بأنها عين تسكن بطن الأرض ترى الصادق والكاذب , فمن أقسم عليها كاذباً قتلته , ومن صدق عليها أنجته .. تردد الثعلب قليلاً ثم ذهب ليقسم على العين , وكان الكلب قد أخفى جسده ورأسه فى الرمال ولم يظهر سوى عينيه .. وقف الثعلب فوق العين وهمَّ ليقسم عليها فوجدها تنظر هنا وهناك ففزع ورجع ولما سأله الذئب عن السبب أخبره بأن عين الحق ظاهرة ولن تتركه إذا ما حلف كذبا , وصفه زعيم الذئاب بالجبن وأمر بأن يخرج أحد الذئاب لآداء القسم .. أخذ الذئاب يرقب بعضهم بعضا أيهم يهب خارجا .. وقطع الزعيم الغاضب صمتهم آمراً أحدهم بالخروج فما لبث أن عاد منتفضا ًجسده بعد ما رأى عين الحق التى لا تنام , إزداد غضب الذئب وأخذ يصف عشيرته بالجبن والعار فأخبروه بأن ينقذهم من ذلك العار وليذهب لآداء اليمين الآثمه , لم يجد الذئب مفراً من ذلك فذهب وهو يحدث نفسه .. سألتهمك أيها الديك اللعين .. ووقف فوق العين غير ناظراً إليها فقد كانت عيناه معلقتان برؤيا الديك فى عليائه وقال .. أقسم بعين الحق أن هذه الأرض أرضى وأرض أجدادى , وما أن انتهى حتى أخرج الكلب مخالبه فى لمح البصر وأبقر بطنه فخر صريعا فصاح الديك صيحة إنخلعت لها قلوب الذئاب المتصنمة قبل أن يطلقوا العنان لأقدامهم هاربين مغادرين المكان وسبقهم الثعلب وقد علموا أن الحق قائماً, عيناه لا تنام .
وفى اليوم التالى أشرقت الأرض بشمس جديدة وقد عاد المشردون إليها يعمرونها كما عمرها آبائهم وأجدادهم .. وراح الديك يعلم الأفراخ الصغيرة .. أنه من أجل الحفاظ على الوطن يجب أن نسكب الدماء .. وأن الأرض أبداً لن تشرب دم الشهداء .
تمت