* هناك بعض الملاحظات والتساؤلات التي تصلني حول ماليزيا تم الاتفاق مع المشرف على القروب الأخ أبو نواف على تخصيص جزء خاص لها بعد انتهاء السلسة التي تبقت بها ثلاث أجزاء ، أؤكد على نقطة بسيطة لعدم عرض الأسواق والفنادق وبعض الأماكن السياحية من الداخل بأن حين زيارتنا لماليزيا لم نكن نضع في الحسبان نشرها على النت لذلك كانت غالبية الصور ( شخصية ) أكثر مما هي تصوير المكان نفسه ، نقطة أخرى بان رحلتنا تضمنت زيارة كل من ( كوالالمبور – جنتغ – بينانغ – لنكاوي – أفاموزا ) ، لذلك حتماً أن بقية الجزر والمدن الأخرى خصوصاً في الشرق والجنوب لا أملك عنها أي إجابة !!
اليوم السابع
صحونا مبكراً في حدود السابعة حيث يتطلب الامر إنهاء إجراءات الخروج في الفندق لتوجهنا إلى جزيرة لنكاوي ، الثامنة إلا عشر دقائق وصلنا إلى ميناء بينانغ وحملنا الحقائب في السفينة التي انطلقت في موعدها تماماً و اتجهت إلى مجموعة من الجزر المتناثرة بين لنكاوي وبينانغ ( كان العرض الذي سجلنا في اليوم السادس يقتضي بقاء نصف يوم في مجموعة من الجزر قبل الوصول إلى لنكاوي التي تبعد مسيرة ساعتين وذلك للسباحة في مياه المحيط وزيارة الجزر المتناثرة مع وجبة غداء مجانية – بوفيه مفتوح ) ، ما إن وصلنا إلى إحدى الجزر حتى تم انزالنا في منصة خشبية فوق سطح البحر بحجم السفينة التي أقلتنا حيث تتوفر بهذه المنصة جميع متطلبات الغوص بالإضافة إلى طاولات مجهزة للمجموعات ومطعم متكامل .
ابن قائد السفينة .. يتعلم على قيادتها وكانه في مدينة ملاهي
قائد السفينة مرتاح وحاط رجل على رجل .. القبطان نامق على غفلة
بدأ المسؤولين في تلك المنصة بتوزيع وسائل الغوص علينا .. هاني كان متردداً كثيراً وفضل البقاء على سطح المنصة فيما نزلت إلى المياه وغصت للمرة الأولى داخل مياه المحيط ورأيت العجب داخل تلك المياه من أصناف الأسماك المتنوعة والفريدة في أشكالها .. كانت الاسماك قريبة جداً بل وفي متناول اليد رغم كبر حجمها أحياناً .. في البداية ولا أخفيكم .. خفت من بعض أشكال الحيوانات البحرية التي أراها للمرة الأولى .. لكن وبما أن المنطقة المخصصة للغوص امتلئت بالسياح اليابانين خفف ذلك من ارتباكي بل انقلب الخوف إلى إثارة عندما كنت أتحدى مع بقية السياح للقبض على السمك بيدي ورفعها لأعلى .. ثم رميها مرة أخرى في مياه المحيط .
المنصة المخصصة للغوص فوق مياه المحيط
قبل ذلك نسيت أن أخبركم بأمر .. حيث عند وصولنا للمنصة لم يكن فيها معنا سوى ثلاث مجموعات فقط احتلت ثلاث طاولات فيما بقية الطاولات التي تزيد عن الثلاثين طاولة كانت خالية ..شعرنا بالوحشة قليلاً وسط هذا المحيط الضخم .. ماهي إلا دقائق حتى وصلت سفينة أخرى مليئة بالسياح اليابانيين الذين تسابقوا في تنظيم وترتيب لم أشاهده في حياتي .. كل مجموعة منهم اتخذت طاولة مخصصة وضعوا بها ملابسهم وأغراضهم بهدوء واحترام وصمت شديد .. بينما كنت أشاهد هذا المنظر مذهولاً وأقول لهاني ( تخيل لو أن هذه السفينة كانت تحمل عرباً .. ترى كيف سيكون الوضع ؟ ) ، هاني أسرع بتشغيل الكاميرا لالتقاط صور لهذه المجموعة السياحية الفريدة !
مع كل هذا الازدحام .. لم نسمع أي صوت !!
عند الساعة الثانية عشر أعلن موعد الغداء صفت المجموعة اليابانية بانتظام دقيق كعادتها لتناول وجبة الغداء في هدوء أيضاً قال هاني معلقاً ( شكل هالمجوعة السياحية جايه من معهد الصم والبكم الياباني .. مالهم حس !) ضحكت وقلت سأصرخ بأعلى صوتي .. إذا التفتوا كلهم فهذا يعني بأننا نحن الذين نعاني من خلل في السمع ! .
بعد الغداء بدأت الجولات بالقوارب الصغيرة إلى حيث الجزر المحيطة وتجولنا فيما بينها حتى الثالثة بعد الظهر تقريباً حيث موعد الرحيل ، وصلنا إلى لنكاوي عند الرابعة واتجهنا حسب العرض المخصص لنا في الباص المخصص ( لقروب الرحلة ) إلى أحد الفنادق القريبة وكان العرض يقضي بالمبيت في لنكاوي ليلة واحدة ثم العودة صباحاً في اليوم التالي إلى بينانغ ( فيما بعد أعجبتنا لنكاوي فمددنا إلى يوم ثان ) ، وصلنا الفندق ووضعنا حقائبنا في الغرفة ونزلنا لاستكشاف المنطقة المحيطة ( كالعادة ) ، نصحتنا موظفة الاستقبال في الفندق بالاتجاه إلى الشاطيء المقابل حيث منظر الغروب .
حملنا كاميراتنا إلى حيث أشارت وكان المنظر بالفعل يستحق الزيارة .. بل يستحق زيارة خاصة من الرياض إلى لنكاوي للتمتع به ويزيد في جمال المنظر طبيعة الجزيرة الساكنة حيث أن عدد سكانها قليل جداً ولا تسمع لهم صوتاً بعد وقت الغروب ، مدينة حالمة وهادئة فوق المتعاد .. كنا نسمع فقط صوت خطواتنا المتثاقلة ونحن نمشي إلى الشاطيء .. وكانت هذه الصور
أولى صور الغروب في شواطيء لنكاوي
في هذه الصورة أحسست بأن الشمس أقرب ماتكون إلى جزيرة لنكاوي !!
هل ترغب في جمال غروب .. أكثر من هذا ؟
جلسنا هناك حتى غربت الشمس تماماً .. قلت لهاني ( الواحد يتمنى يفصل من دوامه ويجي هنا .. أقلها يشاهد مثل هذه المناظر بدلاً من مشاهدة طريق الملك فهد يومياً وهو يغص بالسيارات ، قال هاني ( ومن يمنعك .. قدم استقالتك وعد هنا لتعيش بقية حياتك ) .. قلت ( حسناً .. الموضوع بالفعل يستحق التفكير ) .اتجهنا إلى محلات الأطعمة الخفيفة القريبة من الشاطيء حيث يتواجد عدد لا بأس به من السياح الذين يعشقون الهدوء والراحة بعيداً عن الحياة المدنية .
طفل ماليزي يشارك والده البيع داخل محل ملابس رياضية قرب الفندق
عندما وصلت الساعة إلى الثامنة قلت لهاني لا تنسى أننا استيقظنا اليوم باكراً ( السابعة صباحاً ) ، لذلك لنعد إلى الفندق لتناول العشاء ومن ثم النوم ( نمنا عند العاشرة .. ياساتر .. حتى في أيام دراستي لا أتذكر أني نمت في مثل هذا الوقت المبكر ! ) ، قبل أن انهي تفاصيل اليوم السابع أذكر بأن موظفة الاستقبال أشارت علينا بقبول عرض للانضمام في قروب سياحي داخل سيارة ( فان ) خلال صباح اليوم التالي كان يتضمن جولة في لنكاوي متضمنة وجبة غداء في مطعم جبلي وافقنا على العرض الذي يبدأ في التاسعة صباحاً ، شكرنا " نور حياتي " موظفة الاستقبال المجتهدة جداً في عملها ، واسمها أحرجني مع أحد السياح الخليجيين الذي كان بالجهة الاخرى من طاولة الاستقبال .. حين عدت من المصعد مرة آخرى وناديت بصوت عالي (( نور حياتي .. متى سيصل الباص غداً ؟ – "نور حياتي" نطقتها باللغة العربية بالتأكيد – )) .. تفاجأت بأن السائح الخليجي وعائلته الكريمة التفتوا تجاهي باستغراب شديد وأنا أقول في نفسي (( أحسنوا الظن يا عرب .. الموظفة اسمها نور حياتي ! )) ، غنيٌ عن الذكر بأن " نور حياتي " لم تكن تعلم معنى اسمها باللغة العربية وضحكت " بخجل " عندما أخبرناها بالترجمة وهاني مازال مندهشاً ( حتى اليوم ) .. كيف بفتاة بمثل هذا العمر تتسمى باسم عربي لا تعرف معناه ، يمكن للزائرين التأكد من ذلك حيث تعمل في فندق " أسيني " .
اليوم الثامن
قم .. ولا ترى بصب علبة الموية الباردة على وجهك ! .. كانت هذه أول جملة قيلت ذلك الصباح .. حيث كان هاني يفضل النوم على الاستيقاط المبكر .. بعد محاولات عديدة نجحت في مهمتي ونزلنا إلى مدخل الفندق قبل موعد وصول الباص الصغير بدقائق .. وما أن وصل الباص حتى رأيناه ممتليء بالسياح مختلفي الجنسية ..( الباص ينتظر أمام بوابة الفندق حسب الموعد بالتمام والكمال إذا تأخرت أكثر من عشر دقائق سيغادر لارتباطه بسياح في فنادق أخرى حينها ستخسر مادفعته مسبقاً ) فضلت أن أركب في مقدمة السيارة بجوار السائق لأتمكن من التقاط الصور فيما هاني تورط – حيث الباص الصغير ممتلئ – وركب في المقعد الأوسط بجانب كهل استرالي يصطحب زوجته العجوز ، أخبرني هاني فيما بعد بأن الكهل الاسترالي أرهقه بالأسئلة السياسية حول منطقة الخليج حيث كان ذلك الوقت يتزامن مع حرب العراق ، فيما كان زوجته تحقق مع هاني حول مشاركة المنتخب الاسترالي في كأس القارات التي أقيمت في الرياض وحينها فاز منتخبنا على استراليا بهدف وحيد ، غنيٌ عن الذكر بأن هاني سألني عندما نزلنا من السيارة : أحمد .. هل سبق لاستراليا أن لعبت مع منتخبنا في الرياض ؟ ، ضحكت وقلت ( الله يالدنيا .. هالعجيز حافظه مباريات منتخب بلادها أكثر من حفظك لمباريات منتخب بلدك ؟ ) ، ضحك هاني وقال بأن تلك البطولة كانت تتزامن مع الاختبارات إبان دراسته في الجامعة لذلك لم يتابعها فأجبته : أنت أحسن واحد ياهاني يختلق أعذار عدم مشاهدة مباريات المنتخب !
حتى الحيوانات ملتزمة بالسير وفق مسارات الطريق المخصصة !
كانت الوجهة إلى ميدان النسر حيث أن النسر يعتبر شعاراً لجزيرة لنكاوي .. وقفنا عند الميدان الذي كان يطل على بحيرة جميلة
صورة مقربة لمجسم النسر وسط الميدان
كلانا .. نطير على الأرض !
الحديقة الخارجية لمحطة التلفريك
منظر من إحدى زوايا ميدان " النسر "
زاوية أخرى من الجهة المقابلة
بعدها توجهنا إلى جبل لنكاوي الذي كان أعلى بكثير من جبل بينانغ ، يتطلب صعوده ركوب " التلفريك " وهذه المرة لم نعاني من مشكلة .. أصبحنا خبراء ، التذكرة للشخص الواحد تكلف ( 4 رينجت ) ، بينما كنا نهم بالصعود في عربة خالية أنا وهاني وإذ بالكهل الاسترالي ينادي بعدم إغلاق الباب حيث يرغب مع زوجته في الانضمام إلينا ، قلت له بينما التلفريك يبدأ في الصعود ( من يرانا يعتقد بأننا عائلة واحدة .. الأب والأم وابنيهما ، ضحكا كثيراً .. وهذا الضحك لم يدم طويلاً حين عاد هذا الكهل إلى اسئلته السياسية .. قال هاني لي ( بالعربي ) وهو يضحك : شكل الرجال مباحث ، ضحكنا في صمت ثم بادرناه بالسؤال فعرفنا بأنه طبيب استرالي ذو جذور سويسرية ، فيما كانت زوجته تحقق معنا حول حجاب المرأة .. هل هو عادة أم دين .. حيث تقول بأنها تعرف بأن السعوديات يرتدن الحجاب الكامل داخل السعودية .. بينما اذا غادروها يخلعونه ؟ بينما كنت أهم بالإجابة التي كنت سأجد حرجاً فيها .. حتى عاد زوجها يسأل بعدما عرف بأننا نعمل في المجال الصحفي : هل لديكم حرية صحفية .. هل تستطيعون انتقاد المسؤولين لدرجة اقصائهم من مناصبهم ؟ .. ضحك هاني وقال : نعم .. الصحف لدينا أقالت مسؤول التعليم الخاص بالفتيات قبل فترة قريبة ( يقصد المرشد ) .. بينما أنا أطلقت ضحكاتي بأعلى صوت ممكن بعد تعليق هاني ( ماقدرت امسك نفسي بصراحة) .. علق الرجل الاسترالي : يبدو أنك سعيد بإقالة ذلك الرجل ؟ قلت : نعم .. لاني أخطط للعمل في منصبه ، ضحكنا سوية وأنا أعلم أنهم أصبحوا ( مثل الأطرش في الزفة ) .
مدخل محطة التلفريك للصعود إلى الجبل .. ويظهر الاسترالي وزوجته
البحر من أعلى عربة التلفريك حيث الجزر الصغيرة تتناثر في المحيط
تحتار في مشاهدة أي زاوية من التلفريك !!
عند وصولنا إلى أعلى الجبل كانت الغيوم تحيط بالمكان وتمنع الرؤية لمسافة قريبة ربما ثلاثة أو أربعة أمتار امامك .. فما بالك بالقدرة على مشاهدة الجزيرة من القمة .. بالطبع لم نستطع مشاهدتها من الأعلى بحكم أن الغيوم غطت المكان تماماً .. نزلنا مرة أخرى من خلال التلفريك مع الزوجين الاستراليين وبدأت الاسئلة السياسية في الظهور مرة أخرى : هل للبرلمان لديكم قدرة على اتخاذ قرارات حاسمة .. قالها الاسترالي لنا ، أجبته : منذ أن خرجنا وأنتم تطرحون اسئلتكم حول السعودية .. بما أننا في خط العودة الآن سنسألكم عن استراليا : لماذا استراليا بعيدة عن مراكز اتخاذ القرار العالمي ؟ .. حتى رئيس وزرائكم " جون هوارد " لا نعرف شكله ، علق وهو يضحك : استراليا دولة سلام .. لا لها .. ولا عليها ، حينها عادت زوجته لطرح اسئلتها : هل صحيح بأن المرأة لا تقود السيارة عندكم ، قلت لهاني : أقطع يدي ان ماكانت هالعجيز تدخل موقع طوى كل يوم ! أجابها هاني وهو يضحك : غير صحيح فوالدتي تقود سيارة فورد بيضاء وجدتي تقود موستانج من الطراز القديم ، بينما علقت أنا : والدتي على عكس ذلك فهي تعشق الجاكوار .. وتملك واحدة حديثة سوداء اللون ، ضحكت كثيراً وأنا أهمس لهاني : لماذا لا نقول لهم أيضاً أن جدة هي عاصمة السعودية حتى ( نخربط ) المعلومات التي لديهم من فوق لتحت ، قبل أن أضيف .. شدتني هذه المراة الطاعنة في السن وهي تمسك الكاميرا وتلتقط الصور للمناظر الطبيعية سألناها عن عمرها فأجابت : ( 67 سنة ) ، قلت لهاني : شف هالعجيز تطامر وهي واصلة السبعين .. وحنا الحريم عندنا اذا وصلوا الخمسين .. صار عندهم مليون موعد كل يوم في أحد المستشفيات !
جاء وقت الغداء في الواحدة ظهراً واتجهنا إلى أحد المطاعم الذي قدم وجبات سريعة بالإضافة إلى الأكل الماليزي التقليدي الذي لا أعتقد بأنه سيحوز على إعجاب أي عربي ! .
الجزيرة شبه مهجورة … السكان قليلون والسيارات قليلة 🙂
قلت لهاني هنا : يبدو أنني سآخذ بنصيحتك وأقدم استقالتي عند العودة للرياض !
بعد الانتهاء من الغداء في الثانية تقريباً توجهنا إلى مركز ( تحت الماء ) حيث يمكن مشاهدة الأسماك والحيتان من الممرات التي تطلع على برك مخصصة ( دخول الشخص : 15 ريجنت ) .
عامل يطعم الحيتان الصغيرة بيده
أسماك بجميع الألوان والأشكال داخل تلك البرك
عند الساعة الرابعة موعد انتهاء الرحلة في أحد الأسواق التجارية بلنكاوي حيث أمضينا الوقت بالتسوق والتجول حتى ما بعد مغيب الشمس حيث عدنا مرة أخرى إلى فندقنا المتواضع ومن ثم خرجنا للمقاهي المحيطة لتناول القهوة وسط هذا السكون الممتع الفريد محاولاً إقناع هاني بقضاء بقية رحلتنا في هذا الجزيرة الهادئة .
للرحلة بقية .. أعدكم بالمواصلة 🙂
أحمد