اليوم التاسع
أخذنا كفايتنا من النوم هذه المرة حيث استيقظنا في العاشرة تقريباً ، وبعد الافطار نزلنا إلى الاستقبال في الفندق وتوجهنا إلى ( نور حياتي ) التي كررت ضحكاتها الخجولة بعدما عرفت معنى اسمها خصوصاً وأننا نحن من شرح لها ذلك ، ( نور حياتي .. نريد سيارة سياحية ) قلت لها ذلك ، ابتسمت ورفعت الهاتف وتحدث باللغة الماليزية وطلبت منا أن نستريح لدقائق ، وفعلاً ماهي إلا دقائق معدودة لم تتجاوز العشر حتى طل علينا شخص ماليزي عرفنا باسمه ( اسماعيل ) حيث سيكون مرافقنا هذا اليوم ، بصراحة اسماعيل هذا ( تحفة ) وكم كنت أتمنى أن أكون قد حفظت كرته الشخصي ولم يضيع مع زحمة الأوراق ، اسماعيل يملك سيارة فان صغيرة ( فورد ) موديل السنة وربما كانت أحدث سيارة في لنكاوي بأكملها ! مع السيارة الفخمة والمريحة كانت مزودة بسيدي وضع اسماعيل فيه موسيقى هادئة تتناسب مع وضع الجزيرة الساكنة لدرجة أني قلت لهاني ( نبي نلف الجزيرة كلها .. بس ماراح انزل من السيارة ! ) ، غنيٌ عن الذكر بأننا اشترينا نفس السيدي من أول سوق توقفنا فيه في لنكاوي ولا زلت استمع إليه في سيارتي حتى وقتنا هذا ، يتميز اسماعيل بأنه ( شبابي ) حيث كان يبادر بتصويرنا دون أن نعلم في كثير من الأحيان وينهي كثيراً من إجراءات الدخول للاماكن التي زرناها بالإضافة إلى مشاركته لنا في التعليقات ( الخاصة ) التي كنا نطلقها على السياح الآخرين 🙂 ، للتذكير كانت تكلفة الساعة في سيارة اسماعيل ( 20 ريجنت ) .
اسماعيل ( يمين الصورة ) يتحدث مع قائد القارب البحري عند جولتنا بين الجزر
أولى الجولات هذا اليوم كانت بحرية .. حيث الجزر المتناثرة حول لنكاوي والتي يقال بأن عددها يصل إلى 99 جزيرة ولكل جزيرة اسم خاص ! ، توقفنا عند احد القوارب البحرية واتفقنا مع قائده بجولة بين الجزر ، الرحلة كلفت 150 ريجنت لفترة تتجاوز ثلاث ساعات ، انطلقنا بسرعة كبيرة جداً تجاه أحد الكهوف الموجودة في طرف إحدى الجزر .. وبدأ لنا أن القائد الذي لم يتحدث مطلقاً سيتهور ويدخل من تحت الكهف !
هاني قال لقائد القارب ( بالعربي ) : على وين رايح يابو الشباب !!
مجرد دخلونا في مقدمة الكهف حتى أطفاً السائق محرك قاربه ! .. قلت لهاني ( وش السالفة ) .. لم يكد هاني يجب حتى قال لنا اسماعيل ( انظروا لأعلى ) ، حيث كانت عشرات الخفافيش متجمعة في ذلك الكهف ، طبعاً لم نوفق في التصوير بشكل مناسب حيث أن الكهف كان معتماً .أكلملنا تجوالنا بين الجزر الصغيرة .. والسائق كان يقود بسرعة جنونية ( بصراحة كان مطفوق 🙂 ) ، مررنا بجانب جزيرة العذراء الحامل حيث أن تعاريج الجزيرة من الخارج تمثل جسد امرأة حامل .. وهي مستلقية على الأرض ، عند عرضنا لهذه الصورة لكثير من الأصدقاء لم يستوعبوا شكل الجزيرة .
جزيرة العذراء الحامل الرأس يمين الصور – البطن في المنتصف – والأقدام يسار الصورة
أكثر من كذا شرح .. لا أعتقد !!
أحد الفنادق في لنكاوي تطل على المحيط مباشرة
فندق آخر باسلوب مختلف
متعة من نوع خاص وأنت تتجول بين الجزر
لا أعتقد أني سأجد تعليقاً مناسباً على هذه الصورة ! ( أبو نواف .. خيار المحررين تكفى هههه )
اتجهنا إلى جزيرة البحرية العذبة ، وهذه الجزيرة ( سبحان الله ) تحيط بها المياه المالحة من كل الجهات .. لكنها ورغم صغر حجمها تضم بحيرة عذبة وسطها تماماً ! ، اقترح اسماعيل علينا بأن ننزل .. وعندما وصلنا إلى مكان النزول تفاجأنا بوجود نسبة كبيرة من السياح من ( اليابان – تايوان ) ، متواجدين في تلك الجزيرة .
قلت لهاني ضاحكاً : كأنهم نمل .. لا صوت لهم ولا تعلم بوجودهم إلا عندما تراهم أمامك !
نزلنا من القارب إلى الجزيرة باتجاه البحيرة العذبة وعندما وصلنا شاهدنا نسبة كبيرة من السياح منهم من يسبح ومنهم من يلعب " البانانا " ومنهم من اختار النزول إلى البحيرة بالعربات الصغيرة التي تتحرك بالقدمين ( تدرج مثل الدراجات الهوائية ) ، اخترنا أنا وهاني عربات ( التدريج ) ونزلنا إلى البحيرة .
اليابانيون اختاروا اللعب بـ ( البانانا )
قلت لهاني : يا حظهم .. البانانا أكثر إثارة من عربتنا البطيئة ، قل معي ياهاني ياحظظظههههم .. قال هاني : ياحظظظههههم .. ياليتنا مثلهم لعبنا البانانا .. وما هي إلا لحظات حتى انقلبت عربة البانانا رأساً على عقب !!!
لقطة رائعة تألق هاني في تصويرها
البنانا لم تسقط لقوة " العين " لدينا بالطبع ( لو كانت قوية لاستعملناها في أمور أخرى هههههه ) لعبة البانانا تنتهي بهذه الطريقة .. حيث يقوم القارب السريع الذي يجرهم .. بقلبهم كنوع من الإثارة عند انتهاء زمنهم المحدد الذي يقارب خمس دقائق .. قلت لهاني : مدام السالفة فيها قلب إلى الماء .. كنسل السالفة ، حيث كنا نرتدي ملابسنا المعتادة ولم نحضر ملابس سباحة .
عدنا مرة أخرى إلى القارب وانطلقنا وسط المحيط وبين أرخبيل الجزر المتناثرة .. قال اسماعيل هذه المرة تجربة جديدة بالنسبة لكم .. اقتربنا من مكان يتوسط ثلاثة جزر وأقف السائق القارب .. ثم التقط كيساً بجانبه وأخذ يرمي قطع لحم دجاج صغيرة على المياه حول القارب وهاني يعلق ( عز الله الرجال انهبل ! ) ، سبحان الله في ظرف ثوان معدودة حتى بدأت النسور العملاقة تدور حولنا .. صرخ هاني .. حيث قمت أمشي فوق القارب لأصل إلى مقدمته لألتقط للنسر العملاق الذي كان يطير فوقنا مباشرة… ( أحمد انتببببببببببه ) !!
نسر حجمه ضعف حجم القارب .. اقترب كثيراً منا لالتقاط قطع اللحم
طبعاً النسور لا تأكل إلا الجيف .. لذلك لا يخشى منها على الاطلاق ، يبدو أن هذا النسر العملاق كان " والي " النسور في تلك الجزيرة فبعدما التقط أول قطعة .. حتى امتلأت السماء بالنسور مختلفة الأحجام التي كانت تشاهد القطع من مسافة بعيدة ثم تسقط باتجاه البحر بشكل " صاروخي " لتلتقط القطعة وتواصل الطيران والتحليق ، منظر مثير أطلنا الجلوس عنده .
نسر يقترب من سطح البحر لالتقاط قطعة لحم !
تكاثرت " النسور " على خراش *** فما يدري " خراش " مايصيد !!
انتهت جولتنا البحرية حوالي الساعة الواحدة ظهراً انتقلنا إلى ميدان سباقات الفورمولا في لنكاوي حيث يمكن للسياح قيادة سيارات التدريب الصغيرة و دخلنا سوية أنا وهاني مع سائح أوروبي وزوجته وسائح خامس ، لم أكن أدري بأننا سنكون في سباق حيث لم يخبرنا المسؤول في الميدان الذي أكد فقط أن لكل شخص منا عشر دورات حول الميدان وكفى ، لا يخفى عليكم بأني سعودي 🙂 .. فضلت الاستعراض و " التفحيط " بسيارة التدريب في المنعطفات الضيقة ( وهو الشيء الذي لم نكن عمله بسياراتنا في الحقيقة 🙂 ، شاركني هاني في ( سحب الجلنطات ) بين المنعطات بداية الأمر .. لدرجة أن هاني كاد ينقلب في إحدى المرات حيث دخل منعطفاً وهو يسير بسرعة عالية ومشى بسيارته ( على كفرين ) .. لوهلة كدت أعتقد بانه سينقلب ويتحول يومنا إلى نكد ! ، لكن هاني خيب ظني وأكمل المسيرة بطريقة احترافية أثارت استغرابي !! ، غنيٌ عن الذكر بأني حين أنهيت السباق أعطاني مدير الميدان ورقة النتائج التي أظهرت أني في المركز الأخير ! ، بينما هاني الذي فضل انهاء اللفات بسرعة عالية حقق المركز الثاني ، قلت لهاني وأنا أضحك ( لو كان السباق على الدائري الشمالي في الرياض .. أعتقد أن الترتيب الموجود في الورقة سينقلب رأساً على عقب !! ) .
في مثل هذا الجو الخيالي .. لن تنلام على إحراز المركز الأخير !!
تفاجأنا عند عودتنا للفندق بأن اسماعيل التقط لنا العديد من الصور في ميدان الفورمولا
استدراكاً لترتيب الرحلة .. فقد قمنا بعمل " تشيك أوت " من الفندق في الصباح حيث اشترينا تذاكر عودة لبينانغ وكان موعد الرحلة الخامسة مساءاً لذلك حملنا حقائبنا في سيارة " اسماعيل " . بقي على الرحلة إلى بينانغ ثلاث ساعات اتجهنا في البداية إلى متحف هدايا السلطان مهاتير أو محاضر ( تهنا في التسمية الصحيحة ) حيث أن الهدايا التي تصل إليه لا يحق له تملكها بل توضع في متحف خاص للسياح ويمنع التصوير فيه للأسف .
مدخل المتحف .. حيث صورة الرئيس ( السابق ) في الواجهة
المتحف يضم هدايا ثمينة وضخمة .. تبدأ من السيارات والأجهزة والتحف المذهبة .. وتنتهي بكل ماتتوقع أن يهدى إلى رئيس دولة ، قضينا جل وقتنا في البحث عن هدية السعودية التي كانت في الدور الثاني حيث وجدنا أكثر من هدية من أكثر من جهة سعودية ، دليلنا في المتحف شاب ماليزي صغير في السن ( عمره 21 سنة ) عندما عرف أننا من السعودية سعد كثيراً ( يبدو أن السعوديين لا يزورون المتاحف 🙂 ) ، وبدأ في توجيه اسئلة دينية لنا حول مكة وتاريخها والكعبة التي قال أنه يتمنى الدخول فيها وأن جده سبق وأن دخلها قبل سنوات .. سألنا .. بما أنكم سعوديون من المؤكد أنكم دخلتموها ؟ .. أجبناه بالنفي .
بقي ساعة ونصف على موعد الرحل إلى بينانغ يا اسماعيل .. أين نقضيها .. ؟! ، اتجهنا إلى أحد حقول الأرز التي تضم أشبه بالمتحف التقليدي الماليزي حيث يوجد بيت ماليزي شعبي يوجد بداخله ثلاث رجال كبار في السن ينشدون أناشيد دينية طوال يومهم ، عند دخولنا إلى المتحف الشعبي .. بدأنا في الحديث مع هؤلاء الرجال الذين حسدتهم فعلاً على دوامهم اليومي المريح ! ، حين سألتهم ماذا تفعلون هنا ، قالوا ننشد أناشيد دينية وبدأوا .. طلع البدر علينا من ثنيات الوداع … الخ ، قلت لهاني : هذي لعبتنا .. ، وبدأنا في الإنشاد معهم بصوت عال .. والتفوق عليهم بحكم أننا نحفظ القصيدة أكثر منهم حيث يكتفون بثلاثة أبيات تقريباً ، السياح الغربيون الذين كانوا متواجدين في المتحف لحظتها .. كانوا مندهشين منا اعتقاداً بأننا نجيد التحدث باللغة الماليزية !!
ياسلاااااااااام !!
توصيف إلى طريق الجنادرية بالرياض 🙂
هاني يبذل جهداً كبيراً لإحضار الماء من البئر .. والمشرفة على البئر تقترب منه معتقدة بأنه سيسقط !!
خرجنا ونحن في الطريق إلى الميناء للتوجه إلى بينانغ .. قال اسماعيل : اليوم السبت وغداً الأحد إجازة .. لا أعتقد بأنكم ستجدون غرفاً خالية في فندقكم المفضل ( يقصد بارك رويال ) فنهاية الاسبوع تمتلئ الفنادق بأكملها ، قلت لهاني : مالنا إلا طير شلوى ، وأسحب الجوال لأكلم " سندر " حامل الشنط منسق الرحلة في بينانغ ( صاحبنا الأول ) ، قلت لـ " سندر " الذي رحب كثيراً بالمكالمة : أنا طالبك .. قل تم ، قال : تم .. قلت نريد غرفتنا التي كنا نسكن بها قبل يومين جاهزة بعد ساعتين من الآن .. قال : تم !! وكأنه قال ( ازهلها ) ! ، وبالفعل وصلنا إلى بينانغ عند السابعة مساءاً وعندما دخلنا إلى الفندق كان سندر في مكانه بانتظار حمل حقائبنا ، غنيٌ عن القول بأن أحد السياح العرب استغرب ونحن ننزل الحقائب من التاكسي : كيف وجدتم غرفة خالية ؟ الاستقبال قالوا لي بأن الغرف جميعها " FULL " ، قلت له : عندنا واسطة أعلى من مدير الفندق نفسه ، لم يكن يعلم بالتأكيد أن واسطتنا كانت تتمثل في ذلك الهندي الذي يقف أمام البوابة لحمل الشنط !!
اليوم العاشر
اليوم العاشر كان أشبه بيوم الراحة .. استيقظنا عند الظهر للمرة الأولى ، اتصلت بسندر ليجهز لنا تاكسي سياحي في ظرف دقائق ..وبالفعل نزلنا واتجهنا إلى حديقة الفواكه ( الدخول 20 رينجت للشخص !! ) ، صعدنا إلى تلة جبلية بها جميع أنواع الأشجار والفواكه .. والمشرف يشرح لنا عن الفاكهة الفلانية .. ويقطع لنا ونأكل .. حلو .. مر .. حامض .. كل شيء !! .. كل الفواكه التي نعرفها والتي لا نعرفها ، من المواقف الطريفة التي واجهتنا مع هذا المشرف … أنه كان يقطع فاكهة ويقول : هذه ( حلو ) كان يقولها بالعربية .. وأحياناً يقول ( حامض ) ، وفي إحدى المرات توقفنا عند فاكهة وبينما هو يقطع لنا جزءاً منها سأله هاني : هل هذه ( حامض .. أم حلو ) ، أجاب : ( حامض .. حلو ) .. ثم أردف بقوله ( يلومي يلومي !!! ) ، ضحكنا كثيراً وقلنا كيف عرفت هذه الأغنية قال : ( كثير من السياح العرب عندما أقول لهم أن طعم هذه الفاكهة حامض حلو .. يغنون يلومي يلومي ) ، نزلنا مع المشرف على الحديقة إلى بوابة الخروج وأنا أغني مع هاني ( يلومي .. يلومي ) .. والمشرف الماليزي يردد ورائنا ( هامد هلو ) حتى وصلنا البوابة وسط دهشة السياح الذي ربما كان يعتقدون أننا سحرنا المشرف على الحديقة 🙂 !!
حديقة الفواكه .. جمعوا كل ماتعرفه وما لاتعرفه
مكان الحديقة استراتيجي حيث تطل مباشرة على واد جميل
مجرد التجول بين جنبات الحديقة .. يكفي !
العامل يقطع .. ونحن نآآكل ، وثقنا في العامل أكثر عندما عرفنا بأنه مسلم
في نهاية الجولة يقدمون لك طبق خاص به جميع أنواع الفواكه ( من أطيب الفواكه التي تذوقت ! )
عند الثالثة عصراً اتجهنا إلى حديقة الطيور .. حيث تشاهد الطيور في حديقة مغلقة دون أقفاص .. إلا الخطر منها طبعاً ، ستشاهد أنواع غريبة قد تراها للمرة الأولى .
ببغاء يأكل كل ماتقدمه له .. ما يقول لأ
مخالب الطائر آآلمت هاني الذي كان يقول لي : صووووور بسرعة !!
بعد جولة سريعة انتقلنا إلى الحديقة المجاورة حيث حديقة الزهور التي صنفت ورتبت بطريقة جميلة .. لكن لا أعلم .. لماذا لم نتجول فيها طويلاً .. !!
ورود بأشكال تراها للمرة الأولى
عند الخامسة اتجهنا إلى مول تجاري لا أذكر اسمه تحديداً تجولنا به حتى السابعة حيث عدنا للفندق لقضاء الوقت في " اللبي " ولعب البياردو والتجول في السوق الليلي .. وقتها دخلنا الانترنت التي غبنا عنها فترة طويلة ( عشرة أيام !! ) ، عند التاسعة طلبنا من سندر أن يجلب لنا تذاكر للباص المتوجه لكوالالمبور في الواحدة ظهراً من اليوم التالي !
للرحلة بقية .. أعدكم بالمتابعة 🙂
أحمد