تتشكل تحركات الناس وكلامهم ومحور نقاشاتهم .. بل وأعذارهم حول دائرتين رئيسيتين ..
الأولى .. هي دائرة الاهتمامات .. وهي تشكل النسبة الأكبر من كلام الناس والعذر والسبب الحاضر دوماً أمام أي نكسة أو فشل يقع فيه المرء ..
ويقصد بدائرة الاهتمامات .. هي ما يهم الناس وليس لهم أي تصرف فيها .. مثل الطقس والسياسة والقوانين وأخطاء الحكومة والمشاكل العالمية .. وغير ذلك مما هو خارج تصرف المرء لكن الكثير لا ينفك من طرق الملامة الجاهزة عليه ..
فأي فشل في الدراسة أو في التجارة أو في أي عمل يشرع فيه الإنسان .. فدائرة الاهتمامات جاهزة للتهمة .. فمن متهم للقانون إلى من يدعي تدبير مؤامرة تحاك ضده إلى من يلقي بالملامة حتى حال سقوطه في الشارع بسبب تعثره بحجر بأن المسألة تعود إلى قلة تدبير من المسئولين وثغرات واضحة في الأنظمة والإجراءات !
هؤلاء .. يبقوا وقتاً طويلاً في أماكنهم لا يبرحونها .. حيث يرون الدنيا من حولهم هي سبب لكافة صنوف الفشل التي يعيشونها .. والعذر مقبول كونه خارج الدائرة التي يستطيعون التحكم بها ..
تلك الطريقة .. تسمى الإسقاط .. حيث يسقط المرء مشكلته دوماً على غيره ..
أما الدائرة الثانية .. فهي دائرة التأثير .. ومحورها هو النفس البشرية .. حيث للمرء القدرة بتوفيق الله أولاً وأخيراً على التأثير على سيره وقدراته وتطويرها والتحكم في تصرفاته .. وبعد ذلك يلقي بالملامة على نفسه إن أخطأ ولا يلعن الريح التي لم تهب لصالحه ولا القانون الذي لم يساعده ولا المجتمع الذي لم يتكاتف معه .. وأولئك هم فئة قليلة ناجحة عرفت الدرب الصحيح للنجاح وتحملت عقبة سيره .. من نجاح أو فشل ..
دائرة التأثير .. هي الدائرة التي ترى فيها تأثيرك وتحركك .. مركزها كما أسلفت هو أنت .. ويدور رحاها حولك .. وأنت حينما تغير من ذاتك فإنك تغير كل من يقع في تلك الدائرة التي تشكل أنت نقطة ارتكازها .. مبتدأها أهلك وذووك مروراً بجيرانك وأقرباءك .. وانتهاءً بأصحابك في العمل وزملاءك ..
وربما يكون قوة تأثيرك أبعد مما تتصور فتأثر في المجتمع الذي يلقي الكثير من أفراده الملامة عليه دون محاولة للتغير .. وتغير ربما في جزء كبير من دائرة الاهتمامات التي تقع بعيدة عن دائرة تأثير فئام كثيرة من البشر .. كون دائرة التأثير صغيرة لديهم ..
تتقاطع الدائرتين في حالة واحدة .. حينما يكون توسع دائرة التأثير الذاتية أكبر وأكبر ..
تقديري واحترامي للجميع ..
م/محمد الصالح
النفس مائلة إلى شكلها .. والطائرة واقعة على مثله
الوعي الباطني عند المرء عرفان ذاتي, يحرره من مثل هذه الاسقاطات, ويدفع به قدما نحو وضع الأمور في نصابها الصحيح… دائما في مجتمعاتنا الشرقية نقدم على العمل, فاذا ما حالفه الحظ والنجاح ننشرح له ونتبناه, واذا ما حالفه الفشل نسقط التبعية على الآخرين… ليتنا نقف بهدأة أمام القضايا ونتبحر في كنه الأشياء, لندرك أحقية التبعية فيما نحن اليه ذاهبون… درس موضوعي مفيد ليت القاريء المتفكر يتعظ بما جاء في هذا البحث المقتضب…