السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ساندوا ضيفنا المسكين معنويًا في ماراثون الحصول على الجواز
(جواز)
حزم حقائبه وهو ابن الثامنة عشر عامًا على الرحيل رغم توسلات والدته بالبقاء، إلا أنه كان يجيبها وغيرها بأن الحال لا تسر هنا، المال قليل والأرض لم تعد تجود كما السابق، فلابد من الرحيل إلى بلد ذا دخل مرتفع.. وكان له ما أراد … حطت به الرحال في بلد عربي شقيق، وفّق فيها بعمل، وإن كان دخله أقل من ابن البلد إلا أن حاله أفضل بكثير من غيره من الوافدين.. وتمت سعادته بزوج من بنات هذا البلد.. ولم يكن لينسى أهله ببعض المال.. مع مرور السنين رزقا بأول مولود لهما.. فطارا فرحًا بهذا المولود الذي تبعه الثاني بعد بلوغه عامه الأول، فطفق يحمد ربه على نعمة الأولاد وجدّ في عمله ليغدق عليهما ووالدتهما بما يدخل إليهم السرور.. وأدخل الطفلين المدرسة لتزداد أعباء الوالد ثقلاً.. فأشارت عليه زوجه وهي توشك أن تضع مولودها الثالث:-
-" لم لا تتقدم بطلب الحصول على الجواز .. لقد مضى عليك أكثر من خمس عشرة سنة تخدم فيها".
وافقها على ذلك وسارع بتقديم الطلب إلى الدائرة المختصة في اليوم الذي أتم بكر أبنائه العاشرة من العمر..
وها هو بكره يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره والأب في انتظار الخبر.. ازدادت أسرته عددًا.. وتفرّق أبناؤه في المدراس .. وما من خبر.. داوم على مراجعة الدائرة على أمل صدور جواز له ولأبنائه.. ومع الأيام طرحت الصحف الخبر التالي:-
(( على الوافدين دفع رسوم دراسية عن كل ابن أو ابنة في مختلف مراحلهم الدراسية..))
وضع الأب يده على قلبه جزعًا .. كيف يدفع عن جيش الأبناء الموزعين في المدارس ودخله لا يتجاوز الألفين وخمسمئة درهم .. والأدهى أن كل مرحلة دراسية لها سعرها..!! ..رفع الوالد أكف الضراعة لربه يسأله اللطف والمعونة.. واستعانت زوجه بسهم القيام والدعاء في الثلث الأخير من الليل.. وجاء الفرج .. في يوم أكمل فيه بكره الخامسة والعشرين .. جاء بصدور جوازات لأبناء مواطنات البلد فقط دون أزواجهم .. أقامت العائلة وليمة فرقت فيها الطعام على الجيران .. فرحًا بالجواز.. أخيرًا ستتحسن الأحوال …
فتقدّم بكر الأبناء بجوازه وشهاداته يبحث عن عمل يسند فيه والده، وفي كل شركة حط بها كان الجواب واحدًا:-
(( من شروط العمل لدينا تقديم خلاصة القيد.. الجواز وحده لا يفي بالغرض .. إلا إن كنت تملك واسطة قوية..))
في الوقت الذي تقدّم فيه شقيقه، الذي أنهى دراسته الثانوية بطلب التحاق للجامعة ..
(( لا يهمنا إن كنت ابن مواطنة أم لا .. نحن نتعامل مع الشخص الذي يقدم على الدراسة لدينا.. وأنت لا تملك خلاصة قيد بالتالي تعامل كما الوافد .. انتظر ريثما ننتهي من طلبات المواطنين .. ثم ننظر في طلبك..))
فيا حسرة على كل ذاك التعب.. حسرة على تخلّيه عن جوازه لأجل جواز ضر ما نفع.. والآن .. ليس أمامه غير الجري خلف خلاصة القيد في مضض..
أختكم/ يراع