عندما تكون الذات ساحة للجلد …. والتأنيب والمحاسبة , تصبح النفس مستعدة إستعدادا تاما للتغيير والتحور والإندماج مع العادات الجديدة والمعطيات المستقبلة الحاضرة .
وللتفكير في الذات وتقلباتها وسبر أغوار النفس البشرية وماتهواه والغوص في تكويناتها ومكنوناتها ….. وذلك بإرسال مجسات غير مجسمة , مجسات محبوسة تسمى الضمير , فإن هذه المجسات لها من الكفاءة القدر الكبير مما يتيح فرصة أكبر وأعمق وميكانيكية أقوى لإظهار الخلل وتتبع الزلل وتصليح المِيَل …..
في محيطنا الخارجي , وفي خضم هذه اللجج المتلاطمة والظلام الدامس , نبحث عن ظهور نور ساطع أو حتى بقايا نور خافت , "يارجال لو مايجي إلا ريحة نور" … لكي نبتعد عن هذا الظلام المقيت . لانحبه ولانحب الإقتراب منه . ولكننا نجد أنفسنا في وسطه ونعتقد بإنه أمر عرضي لايلبث أن يزول ….. لكنه متعمق في دواخلنا وكأنه جزء منا بل هو كذلك ….
في هذه الأثناء وفي ضيقة المحن وإشتداد الكروب …. نسمع صوتا بعيدا إنه بعيد لدرجة بالكاد يسمع … صوت إبتهالات بعيدة … تناجي الخالق ليصدر أمر الفرج فتفرج بإذن الله …
دع لذيذ الكرى وإنتبه ثم صل *** وأستقم في الدجى وابتهل ثم قل
يامجيب الدعا ياعظيم الجلال *** يالطيف بنا دائم لم يزل
واحد ماجد قابض باسط *** حاكم عادل كل ماشا فعل
ظاهر باطن خافض رافع *** سامع عالم مابحكمه ميل
اول اخر ليس له منتهى *** جل ماله شريك ولاله مثل
بعد لطفك بنا ربنا أفعل بنا*** كل ما أنت له ياإلهي أهل
يامجيب الدعاء يامتم الرجا *** أسألك باللذي ياإلهي نزل
به على المصطفى مع شديد القوى *** وأسألك باللذي دك صلب الجبل
الغنى والرضا والهدى والتقى *** والعفو والعفو ثم حسن العمل
ثم طلب مسألته …
وعاد ليقول ….
يامجيب الدعا يامتم الرجا *** إستجب دعوتي إنني مبتهل
إمحى سيئتي وأعف عن زلتي *** فإنني ياإلهي محل الزلل
فاللذي مد فيك إلهي فلا *** خاب من مد فيك إلهي امل
إهدني يإلهي فإني أقول*** دع لذيذ الكرى وانتبه ثم صل
ثم ختم الصلاة على المصطفى عد منحى سحاب صدوق وهل (* )
كم هو جميل الإبتهال إلى الله عز وجل وكم ترتاح النفس مع الذكر والدعاء .. فإيقان الإجابة أحد موجبات
إستجابة الدعاء ….
حينما نرى الظلام , ونتخوف من مواجهته , يكون الظلام محيطا بنا …..
وحين تكون لدينا الجرأة والتحدي وطول النفس ينجلي الظلام ويبزغ نور الفجر معلنا زوال المحن وإقتراب الفرج والفوز والنجاح
أخوكم
المنقهر
=========
(*) القصيدة للشاعر / محسن الهزاني