جلس المعلم شلبي على كرسيه الوثير خارج مقهى الانشراح الذي يملكه وأخذ يرشف فنجان الشاي بتلذذ
وسرعان ما أقبل عليه جاره مسعود فسلم وجلسا يتبادلان الأحاديث الودية
مسعود : في الحقيقة جئتك قاصدا لمعروف منك ؟
شلبي : طلبك مـجاب ياجارنا العزيز
مسعود : كما تعلم لدي ثور أستخدمه في بعض أعمالي وقد أشار علي البعض أن أطعمه من بقايا الشاي الذي يتجمع في مقهاك ليزداد نشاطه وعنفوانه
شلبي : هل هذا كل ماتريد ؟
مسعود : نعم
شلبي : غالي والطلب رخيص …سأخبر العامل مبروك ليتولى نقل بقايا الشاي الى ثورك العزيز كل يوم …مارأيك ؟
مسعود : ماقصرت يامعلم شلبي …ماقصرت
شلبي : المرة القادمة اقصدني في طلب أكبر من بقايا الشاي أم أنك لاتراني أهل لذلك ؟
مسعود : العفو يامعلم العفو أنت لها ولأعظم منها
شلبي : حسنا تناول الشاي قبل أن يبرد
واستمر الحال سنوات ، واستطاب ثور مسعود بقايا شاي مقهى المعلم شلبي وأصبح ينتظر سطل البقايا كل يوم بفارغ الصبر وما أن يرى العامل مبروك قادما بالسطل حتى يسارع الى لقياه بالخوار السعيد ، وبعد أن يلتهم البقايا بأسرع مايمكن يدب النشاط في أوصاله ويملأ المربط حركة وخوارا
وذات يوم قرر المعلم شلبي أن يحول مقهاه الى مطعم للمأكولات الخفيفة ، وأنفق آلاف الليرات على عملية التحويل هذه ، وسارت أموره على خيرحال
وبعد عدة أيام جاءه مسعود حزينا كاسف البال فسلم وجلس
شلبي : مابك ياجارنا العزيز ؟
مسعود : مشكلة يا شلبي مشكلة
شلبي : كل مشكلة ولها حل ….ايش مشكلتك ؟
مسعود : الثور ياشلبي الثور
شلبي : مابه الثور
مسعود : لقد أصبح مريضا كسولا كئيبا يقضي معظم وقته نائما خاملا ويرفض العمل
شلبي : يبدو أنه مريض هل أحضرت له طبيبا بيطريا ؟
مسعود : نعم …وقد فحصه الطبيب بعناية شديدة
شلبي : وماذا كانت النتيجة ؟
مسعود : لقد أخبرني الطبيب أن مرض الثور نفسي وليس جسدي
شلبي ( في دهشة بالغة ) : الثور مريض نفسيا ؟
مسعود : نعم
شلبي : وما السبب في ذلك ؟
مسعود : لقد أخبرني الطبيب أن السبب في ذلك انقطاع سطل بقايا الشاي عن الثور الذي أصبح مدمنا للشاي
شلبي : هكذا اذن ….ثورك العزيز أصبح مغرما بالشاي وهذا هو سبب حزنه وكآبته
مسعود : نعم هذا هو السبب وقد جئتك طالبا المساعدة ؟
شلبي ( في دهشة ) : وكيف يمكن أن أساعدك هذه المرة …لم يعد لدي بقايا شاي وانما لدي بقايا أطعمة فهل ترغب فيها ؟
مسعود : لا …لا …ولكنني أطلب منك اعادة المطعم الى مقهى مرة أخرى ..وهكذا ستنتهي مأساة ثوري العزيز
عقدت الدهشة لسان شلبي وظل ساكتا لبضعة دقائق
شلبي : تريديني أن أحول المطعم الى مقهى بعد آلاف الليرات التي خسرتها ؟
مسعود : نعم …وسيكتب التاريخ اسمك بمداد من ذهب في سجل الرفق بالحيوان
شلبي ( في حنق وغيظ ) : بصراحة أنا لست مستعدا لتحويل المطعم الى مقهى مرة أخرى بسبب ثورين
مسعود : ثورين …من أين أتى الثور الثاني ؟ أنا ليس لدي سوى ثور واحد ؟ أين الثور الثاني ؟ أين هو ؟
نظر شلبي مليا الى مسعود وأجاب : الثور الثاني هو أنت ؟