عندما ينظر الانسان في نظرة خاطفة لما حوله من اشياء واشخاص وظروف واحوال وامم وشعوب تظهر في مخيلته احكام وتصورات لهذه الامور ومن ثم تفسيرات لسلوكيات وتصرفات لاشحاص وجماعات.
ولكن !!
هل نتصور أنفسنا ونحن نعطي الاحكام ونلف حبل الإعدام فيما بقي من الأيام على أعناق الآخرين بأوصافنا ورؤيتنا الشخصية المتواضعة و نحن مخلوقات ضعيفة لاحول ولا قوة لنا الابالله مسبب الاسباب ومجري السحاب وهازم الأحزاب لا اله إلا هو سبحانه.
اسأل نفسك كيف تنظر الي نفسك والي احكامك التي تطقها على الاخرين ؟
هل أنت منصف, حيادي, محب للخير للاخرين, محسن للظن بهم.
إن هذا الكم الكبير من المشاكل والفتن والقلاقل والزوابع سواء التي تحدث على مستوى الاسرة او على مستوى العمل او المجتمع لاهي في اغلبها نابعة من نظرتنا السريعة والخاطفة الي الامور والاحداث بعين الخلل لا بعين الحل
وهنا فرق بين من يبحث عن المشاكل والخلافات ويتفنن في صنعها ومن يبحث عن الحلول والتعامل مع الاخطاء البشرية للانسان على انه شئ طبيعي فطر
الانسان عليه وهذه حقيقة غائبة عن سواد أعظم من الناس
للاسف !!
فالشخص منا لا يتحمل حدوث الخطأ من احد كأن من كان
سواء كان ذلك من والديه اللذان آويها وربياه وقدما له الغالي والنفيس أو إخوته الذين سامروه ورافقوه في رحلة العمر المديد والعيش السعيد , او اصدقائة الذين خالطوه وتعاهدوا على البقاء أصدقاء والصبر على الحلوة والمرة معا , او زوجته التي شاركته اجمل اللحظات واتعس الايام , ضحكت في وجهه حينما ادارة له الدنيا ضهرها وعبست في وجهه , ومسحت دموعه حينما أبكته الحياة بتقلباتها ونوائبها
وكانت ظله الظليل وعشه الدافئ وجنته الدنيوية
أو أولاده الذين هم السند والعزوة والحلم الجميل الذي من اجله يعيش وله يعمل وعليه يعول.
ولكننا بكل اسف نفرح بخطأ الاخرين ونضخم من الامور ونقلب الموازين دائما نضع السعادة خلف ضهورنا ونتبع الشقاء والغوغاء ونقفل على الحوار داخل سلال المهملات في عقولنا ونفضل الجدل والمهاترات والأصوات المرتفعة!! .
و علينا أن نسأل سؤالا افتراضيا مهما لحياة افضل !!
ماذا لو استبدلنا عين الخلل التي نملكها والتي تجعلنا نرى الاشياء قاتمة مسودة والناس كتل من الاخطاء والتجاوزات والهفوات والسقطات هذه العين التي تخفز النفس ان نفرح بأخطأئهم ونعتز بانفسنا ونزهو حينما نحاصر الناس بقصورهم و بهفواتهم وغفلتهم ونضخم من أنفسنا وأحكامنا وكأننا ملائكة منزلين لا نعرف الزلل ولم ننطق الاعذار ولم نعرف طعم الاستغفار
لا بالليل ولا بالنهار
لنا الكمال والدلال ولغيرنا الزلل و والنقصان
انها عنجهية حمقاء لا تجر على صاحبها الا الاسى والاسية والبكاء كالضحية
احزان يتبعها شجون والم يتبعه ندم
هل فعلا نحن نعرف انفسنا حقا ؟؟
اشك في ذلك..
ولكننا نمعن النظر في الاخرين وفي جوانب النقص والقصور ونجعلها لب ولباب المشاكل والخلافات سواء الزوجية او الوظيفية او حتى العائلية
هل يمكن للانسان ان يحمل هذه الجسد والروح اللذان يرافقانه الي حيث يريد في دنياه وأخراه
ولا يعرف عن نفسه الا النزر اليسير
ولا لكنه في المقابل يعرف الالاف العلل وصنوف الزلل وأنواع الشقوق والخروق في الآخرين من حولنا وهنا يقع التناقض وتكون الازدواجية.
إننا في هذا العصر أحوج ما نكون لاستبدال العين ذات الرؤيا السلبية لكل ما حولنا من اشياء او شخوص او كيانات هذه العين التي تراقب الناس وتركز على السيئ والردئ وتملاء النفس الني هي صندوق الجسد بالحقد والحسد والضغينة والبغضاء على عكس الوضع الطبيعي للانسان لا سيما المسلم الذي تملائ روحه حب للعطاء وبر واحسان وفرح وسرور لافراح اخوته وخزن وكدر على اتراحهم ومأسيهم..
ان زرع هذه القيم التي تعتبر من اهم منطلقات ديننا الاسلام الذي زرع التسامح وامر بالتغافل وشدد على نقاء السريرة وصفاء النفس واستحضر هنا قول الله في وصف الهول العظيم والمشهد الجسيم
.
يوم القيامة ( يوم لا ينفع لا مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم )
وهذه إشارة عظيمة إلي صفاء النية واخلاص المعتقد وسلامة الصدر
انه باختصار طوق النجاة وسفينة الخلاص وعنوان السعادة السرمدية الابدية الخالدة
وهذا مطلب عزيز يحتاج الي تهذيب النفس واحسان الظن وتربية الروح على وصل من قطعك والاحسان الي من اساء إليك واحسان الظن بالآخرين والأخذ بأسباب السلامة والتقى ( ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )
ومن الطريف والشيق انه علميا ثبت ان الذباب عينه لا تقع الا على القذورات والأوساخ
وأكوام القمامة والتي تفوح منها روائح نتنة
وان النحلة لا تقع عينها الا على الزهور الفواحة والورود المتلالئة والاشجار ذات العبق الاخذ والروائح الزكية
وهذه احد عجائب الرحمن الرحيم ذي الطول لا الله الاهو
صاحب الإعجاز سبحانه على ما خلق ودبر
سبحانه وتعالى ما خلق هذا عبثا انما للعظة والعبرة
والتدبر والتفكر والسؤال المعبر لانفسنا الحائرة الي اين المسير وما هو هدف الوصول
يقول الفضيل بن عياض رحمه الله ( ما ادرك عندنا ما ادرك بكثرة الصلاة والصيام
انما ادرك عندنا بسخاء الانفس وسلامة الصدور )
أي انهم ما ووصلوا الي ما وصولو اليه من العزة والمجد والرفعة والذكر العطر وعلو الكعب والتمكين والمراتب العليا في الحياة وبعد الممات بأذن الله
الا بعد تطبقهم لهذه المعادلة الذهبية في المعاملات والعلاقات .
وفي هذا السياق يتخفنا الشاعر حيما يصف العلاقات وكيف ننظر الي الناس من حولنا.
إذا كنت في كل الأمور معاتباًصديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
فعش واحداً أوصل أخاك فإنهمفارق ذنب مرة ومجانبة
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذىظمئت وأي الناس تصفوا مشاربه
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلهاكفى بالمرء نبلاً أن تعد معائبه
يقول القاضي جويف سابات من قضاة شيكاغو في الولايات المتحدة الامريكية
بعد ان فصل في اربعبن الف حالة طلاق (انك لتجدن التوافه دائما وراء كل شقاء يصيب الزواج )
وهذا مايعزز الفكرة تؤكد لنا بما لا داعي للشك انه اذا كان للسعادة باب نطرقة فلشقاء الف باب وباب
واذا هناك للجمال والانس والبهجة حديقة عناء نقطف منها الزهور ونشتم فيها العبير و
وننطرب فيها لاصوات البلابل ووزقزة العصافير وعلى الجانب الاخر فهناك الصحاري القاحلة التي لا ماء فيها ولا مرعى, لا حياة ولا حيوية .
جفاف وجفاء
تللك هي انفسنا ونظرتنا للاخرين من حولنا اما نظرة مشرقة واقعية لاافراط فيها ولا تفريط
تغير منحى الحياة ونجدد فيها دواخلنا ونعطي انفسنا الفرصة للتنفس من الهواء العليل
الذي يجدد دوافعنا ويقوي اواصلنا بربنا اولا وببعضنا البعض
ثانيا ..
فهل ننظر الي الاشياء من حولنا بعين الباحث عن الحل ام عين الباحث عن الخلل !!!
وهذه هي معادلة التعامل مع الحياة ببساطة والابتعاد عن التعقيد والتعمق اكثير من اللازم في سلوكيات الناس وتصرفاتهم.
يقول الامام الشافعي هذه القول القيم الذي ينم عن عدم انتصار للذات وتجرد واضح منها ورقي وتحضر كان مصدره العلم والايمان
ومعرفة بالنفس واغواره
( قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب)
وهذا احترام كبير من احد اركان الفقة الاسلامي لجميع من خالفوه وعدم احتكار للحقيقة او تزكية للذات كما يفعل البعض ..
والذين لسان حالهم يقول ( قولي صواب لايحتمل الخطا وقول غير خطأ لا يحتمل الصواب )
فمتى تجرد من تضخم الانا لدينا وتعاملنا مع الحياة بواقيعة وبساطة ومع امكانيات الناس من حولنا وامنا بالفروقات الفردية والظروف الطارئة للعامة والخاصة كانت هذه الحكمة التي هي ظالة المؤمن
فان وجدها لم يضيعها لانها مفتاح السعادة وجواز العبور الي عالم الرضى والسكينة.
ويخيل لي قول الشاعر:
لسانك لا تذكر به عورة امرئ ***فكلك عورات وللناس أعين
وعينك إن أبدت إليك مساوئ امرئ*** فصنها وقل يا عين للناس أعين
انه الواقع فنحن بشر بكل وضوح لسنا ملائكة او انبياء مرسلين او اهل عصمة او كرامات دائمة
من الله سبحانه وتعالى بل حتى الانبياء كلهم دعوا بدعاء ( لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين )
وهذا ثابت ومؤكد فماذا نقول نحن البسطاء الذين لولا ان رحمة الله وتوفيقه لما عرفنا الي اين نذهب والي اين نسير
اننا بامس الحاجة الي التأمل والتفكر والاتصال الداخلي مع النفس والروح والعقل
والوقوف اما المرأة كثير لا لتهذيب الشعر والهندام انما لتهذيب النفس فيما تبقى من الأيام
وتقليم الروح وضبط الوجدان على الايجابية والاتزان
وتقيم التجربة مهما كانت متواضعة, وتأكد أن هناك ما يستحق ان تشهق امامه من المواقف والعبر في خط سير حياتك القصير والقصير جدا.
وتقبلوا فائقا محبتي وعظيم تقديري
سلطان بن عبدالرحمن العثيم
sultan@alothaim.com
احسنت يا سلطان واتمنى ان تتحفنا يومياً بمدوناتك وشكراً
ما أبالغ واعنيها 100%. كلامك درر. ما وصفته في مقالك الرائع، هو الواقع الحالي. انا اعتبر هالمشكلة مرض نفسي انتشر مثل انتشار الطاعون. العين على الخلل من اسبابها ارضاء النفس وتعزيزك لنفسك بانك افضل من غيرك بايجاد اخطاء الآخرين. اشكرك على هالموضوع
المفترض ان تقوم العلاقات الانسانية في مجتمعنا بناء على الثقة و ليس عين الريبة التي تقطع اي جسور التواصل والمحبة و تبدلها بجسور التوجس والبحث عن الزلات للسيطرة على المقابل وابتزازه من خلال هفواته و زلاته الحب وسعة الصدر وتقل الاخرين كما هم من اهم وسائل راحة البال ودمتى على الهدى اخي سلطان اخوك دوامه