في السادس عشر من شهر مارس الماضي صوَّت سكان شبه جزيرة القرم مع قرار الانضمام لروسيا الاتحادية بنسبة قيل أنها كانت 95%، لكن ثمة فئة لا يستهان بها لم تصوت لصالح الاستفتاء، وكيف إن كانت هذه الفئة هي من السكان الأصليين. ومنذ ذلك الوقت يواجه تتار القرم وهم من المسلمين ملاحقات وأعمالًا عدوانية ضدهم، وقاموا بمظاهرات واحتجاجات رفضَا للانضمام لروسيا. فبدأت القوات الروسية بملاحقتهم، واعتلقت كثيرًا منهم، واختطفت آخرين، كما قامت بإغلاق وسائل إعلام تابعة لهم، عدا عن إغلاقها البرلمان التابع للتتار. وكانت هناك محاولات لإشعال النار في مساجد وتخريبها.
ويشتكي المسلمون من قيام الضباط الروس بحملات دهم وتفتيش لمنازلهم، وتحطيم النوافذ، والأبواب؛ فيتم إذلالهم أمام زوجاتهم وأولادهم. وتعود الأزمة بين تتار القرم وروسيا للعام 1944 حين أجبر الزعيم السوفيياتي السابق جوزيف ستالين سكان القرم الأصليين على الرحيل من شبه جزيرة القرم إلى آسيا الوسطى؛ حيث اتهمهم بالخيانة ومساندة ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية. وقد جمع الجنود السوفيات تتار القرم البالغ عددهم 200 ألف، ورحلوهم في قطارات كانت بانتظارهم.
وقيل بأن نصفهم ماتوا في الطريق في معسكرات الأشغال الشاقة. وأما الذين حاولوا العودة فألقوا في السجون لعشرين عامًا، والناجين منهم وُسموا بالخيانة لعقود. وبدأ التتار بالعودة إلى ديارهم بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، لكنه لم يتم تعويضهم عن ممتلكاتهم التي تم الاستيلاء عليها من قبل الروس والأوكرانيين. وقد حظرت روسيا على التتار إحياء يوم الثامن عشر من مايو الذي يصادف ذكرى ترحيل تتار القرم من أراضيهم. ويستذكر الناجون ما حل لهم بألم وأسى كبيرين. ويشكل التتار 20%، والأوكرانيين 30% من إجمالي عدد سكان القرم البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة.
تقع شبه جزيرة القرم شمال البحر الأسود؛ يحدها من الشرق بحر أزوف، ومساحتها 26 ألف كم2، أهم مدنها العاصمة سيمفروبل، وكان اسمها فيما مضى “اق مسجد” أي “المسجد الأبيض” بلغة تتار القرم. استولت عليها روسيا في حرب القرم التي دارت رحاها بين الدولة العثمانية والإمبراطورية الروسية في حرب استمرت من 1853 إلى 1856.
وبعد ضم شبه جزيرة القرم ساءت العلاقات بين روسيا، والاتحاد والأوروبي، والولايات المتحدة. ففُرضت عقوبات اقتصادية كبيرة على روسيا التي ردت بالمثل، وتفاقمت الأزمة مع اتهام روسيا بإسقاط طائرة الركاب الماليزية في جنوب شرق أوكرانيا قبل عدة أشهر.