بعد 75 يوما على الصمود الأسطوري للمحتجين، انتهت مظاهرات هونغ كونغ بعد أن هددت الحكومة باعتقال وتوقيف من يستمر بالاحتجاج بعد الساعة 11 ليلا، حيث أمرت السلطات والشرطة المتظاهرين بفض الاحتجاج وتفكيك الخيام التي كان ينم بها بعض المحتجين والمتظاهرين وإلا تعرضوا للاعتقال والملاحقة القانونية.
نظرة على بدايات مظاهرات هونغ كونغ
في 28 أيلول/سبتمبر الماضي تسارعت بشكل مفاجئ حملة التعبئة المطالبة بإقرار الاقتراع العام المباشر والتام في الانتخابات المقبلة لرئيس السلطة التنفيذية المحلية لعام 2017، وقد لاقت هذه الدعوات إقبالا واسعا من الشعب الذين خرجوا للشوارع واحتلوا أماكن عامة ورئيسية في مدينة هونغ كونغ للمطالبة برفع الحكومة الصينية يدها عن انتخابات رئيس السلطة التنفيذية القادمة، وقد واجه المتظاهرون المتسلحون بالمظلات فقط إطلاق الغاز المسيل للدموع من قبل الشرطة مما دفع عشرات آلاف المحتجين للنزول إلى الشارع.
اقرأ أيضا: أعنف احتجاجات تشهدها هونغ كونغ
وتحولت أماكن الاحتجاج في هونغ كونغ إلى قرى صغيرة تجمع آلاف المواطنين الغاضبين، حيث واجه المحتجون الأمطار الغزيرة وموجات البرد والحر، حتى أن الساحات تزينت باليقطين المزخرف في عيد الهالوين وأشجار عيد الميلاد مع اقتراب أعياد عيد الميلاد.
وتشكل احتجاجات هونغ كونغ تهديدا كبيرا للحزب الشيوعي الحاكم في الصين منذ مظاهرات ساحة تيانانمن الدامية عام 1989 والتي أطلقها طلاب صينيون ينادون بالديمقراطية، وكانت الحكومة الصينية قد وافقت على مبدأ الاقتراع المباشر في الانتخابات المقبلة لتعيين الحكومة المحلية في 2017 لكنها تنوي الاحتفاظ بالحق في تعيين المرشحين لتلك الانتخابات الأمر الذي يراه متظاهروا هونغ كونغ تدخلا في شؤونهم الداخلية.
نهاية احتجاجات هونغ كونغ بعد صمود 75 يوما
قامت الشرطة الصينية في مساء يوم الخميس قد نظمت عملية إخلاء بطيئة لمخيمات الاحتجاج التي أقامها المتظاهرون في هونغ كونغ بعد أن تقدم أصحاب المتاجر وشركات النقل المتضررة من الاحتجاجات بلاغا للمحكمة العليا يطالبون فيه بإنهاء المظاهرات بعد أن تعطلت مصالحهم وأعمالهم بسبب إقامة مخيمات الاحتجاج في الأماكن الحيوية من هونغ كونغ خاصة منطقة إدميرالتي وشارع كونوت.
وقامت الشرطة بإزالة الحواجز التي صنعها المتظاهرون وانفعت ببطء إلى مركز مخيم التظاهر قاطعة أي حاجز يواجهها أثناء دخولها البطيئ، وكانت عمليات إزالة حواجز متظاهري هونغ كونغ وتفريقهم سلمية نوعا ما وغير مؤذية مع اشتباكات طفيفة والقليل من الصراخ، على الرغم من بقاء بعض الشباب الذين أصروا على استمرار الاحتجاج لكنهم تعرضوا للاعتقال دون إبداء أي مقاومة تذكر، وتصرفت شرطة هونغ كونغ بضبط نفس شديد ومنهجية شديدة على خلاف العنف الذي كانت تبديه في مناسبات أخرى.
ويصف عدد من المتابعين لمظاهرات هونغ كونغ مشهد إنقضاض الاحتجاج بالصدمة السريالية، فقد كان عدد من العمال من المكاتب المجاورة لموقع الاحتجاج يجلسون على فواصل ملموسة بين حارات الطرق السريعة يتناولون طعام الغداء، كما كان عدد من المتظاهرين يتجمعون ببطء لتوزيع عدد من الخيام والأغطية التي تبرعت بها جمعيات مؤيدة لمظاهرات هونغ كونغ.
وتميزت مواقع احتجاجات هونغ كونغ بالنظافة والترتيب على مدار الـ 75 يوما الماضية، لكنه بات يشهد حالة من الفوضى الغير مسبوقة بعد فض الاحتجاج، فالقمامة ملقاة في كل مكان والفوضى منتشرة حتى قامت الشرطة الصينية بالتدخل وإزالة الفوضى باستعمال شاحنات تابعة للحكومة وإزالة القمامة عن الطرق العامة التي استعمرتها “حركة المظلات” لقرابة الثلاثة أشهر ودبت الحركة المرورية مباشرة بعد إزالة الحواجز وآثار الاحتجاجات من الشوراع الرئيسية، واندفعت العواطف بقوة نحو متظاهري هونغ كونغ أثناء توديعهم لبعضهم البعض، فكان الوداع ممتلئ بالدموع والحزن.
ما حققته احتجاجات هونغ كونغ على مدار 75 يوما من المظاهرات
على ما يبدو أن احتجاجات هونغ كونغ لم تحقق إنجازات مهمة تذكر، فقد دعى المتظاهرون إلى رفع الحكومة الصينية يدها عن انتخابات السلطة التنفيذية القادمة في عام 2017 لكنهم لم يحصلوا على أي تنازل من الحكومة، كما أنهم دعوا الرئيس التنفيذي الحالي الذي لا يتمتع بشعبية كبيرة CY Leung لتقديم استقالته وهذا ما لم يحدث.
لكن مثابرة المعارضين ومحتجي هونغ كونغ الذين كانوا خليطا من الطلاب وأهلي هونغ كونغ الرافضين لتدخلات الشرطة العنيفة والغاضبين من نهج الشرطة في بداية المظاهرات جعلت من “حركة المظلات” حركة مهمة على الصعيد السياسي وتركت الرهبة في نفوس الساسة الصينيين ومنتسبي الحزب الشيوعي الحاكم.
وقد لامست هذه الاحتجاجات جيلا كاملا من الشباب ومن أهالي هونغ كونغ، وأنشأت صداقات جديدة لم يكتب لها الحدوث لولا هذه المظاهرات، وعبّر المتظاهرون عن أملهم بمستقبل أفضل لبلادهم خاصة وأن معظم المتظاهرين من الشباب الذين يحملون هم بلادهم ويريدون مستقبلا مزهرا لها، فقد كان الشغل الشاغل لمعظم سكان هونغ كونغ هو كيفية جمع المال فقط، لكن بعد المظاهرات والاحتجاجات تبدلت الاهتمامات والمصالح، وعلى ما يبدو فإن أهالي هونغ كونغ بدأوا يهتمون لما هو أكبر وأعظم من مجرد مال.
ويرى مراقبون أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، فلو لم تبد الحكومة الصينية أي تغييرات أو رد فعل إيجابي تجاه مطالب السكان، فإن المظاهرات ستتطور لعصيان مدني وتعطيل لحركة المرور وستتخذ المظاهرات في هونغ كونغ شكلا جديدا ومخيفا.
(الرجاء أخفض الصوت، الفيديو يحتوي على موسيقى)
وأنت عزيزي القارئ، هل تجد أن احتجاجات هونغ كونغ طالت الجسد الشيوعي للحكومة الصينية وأصبحت الحكومة تحسب الحساب قبل اتخاذ قراراتها بالشأن الداخلي للسكان؟ أم أن هذه الاحتجاجات هي فقط شكل صوري لا يتعدى غضب مؤقت للشعب ثم سيزول مع الوقت؟
المصادر: