إن كُنت زُرت تركيا من قبل، فلعلّ أكثر ما لفت انتباهك هو تعليقة العين الزرقاء المُنتشرة بكثرة في المنازل والمحال التجارية وفي الشوارع وعلى الطرقات وفي كل مكان تقريبًا. هذه العين تُعرف شعبيًا باسم “العين الشريرة”، وهي جزء لا يتجزأ من ثقافة الشعب التركي منذ آلاف السنين.
“العين الزرقاء” أو “العين الشريرة”، ماذا تعني في الثقافة التركية؟
كل أمة لها خرافات نشأت على مر السنين. وتُعتبر العين الزرقاء أكثر من مجرد خرافة شعبية في تاريخ حضارات عديدة، ومصدر هذه العين الإيمان بأن النظرة قد تُسبب ألمًا أو إصابة أو حظ سيء لأي شخص في الطرف المتلقّي. وكان الحسد من أكثر الأشياء التي آمنت بها الشعوب القديمة، وتوارثت أجيالها هذا الشعور، وصنعت على مر التاريخ أدوات وأشكال عديدة من التعويذات المُصمّمة لدرء الحظ السيء.
على سبيل المثال، كانت قدم الأرنب هي المثال الأوروبي الأكثر شيوعًا لإبعاد الحظ السيء. وفي تركيا، عُرفت “نازار بونكو” على نطاقٍ واسع في المنازل والمتاجر والطرقات. ولا تُعتبر تعليقة “نزار بونكو” مجرد تقليد تركي، بل هي أيضًا أحد أكثر الهدايا التذكارية التي تُباع في البازارات والمحلات الشعبية. وتُزيّن العين الزرقاء العديد من الخواتم الصغيرة والقلادت الكبيرة، وغالبًا ما تُصنع من السيراميك على شكل تعليقات للمنازل، وتُباع جميعها في الأماكن التي تنتعش بها السياحة، مثل بازار إسطنبول الكبير.
تقليديًا، يكون شكل “العين الزرقاء” مستديرة أو كروية، وذات لون أزرق داكن مع شكل عين تتوسّطها. وغالبًا ما يحمل كل شخص تركي هذه القلادة في جيبه أو يُعلّقها في منزله. وهنا يأتي السؤال الأهم، هل يؤمن الأتراك أو من يحملون تعليقة العين الزرقاء بأنها ستدرأ الحظ السيء عنهم؟
يبدو أن العلاقة بين الأتراك وتعليقة “نازار بونكو” تشبه تعلّق الطفل الصغير ببطانية مريحة. هم لا يؤمنون تمامًا أنها ستكون سبب الحظ الجيد، لكنها تُوفر لهم “راحة البال” على حد وصفهم. وكما الأسطورة القديمة، عندما تتصدّع العين الشريرة، فإنها قامت بعملها بحماية صاحبها من شيءٍ ما سيء كان سيحصل له!
الآن بعد أن أصبحت “العين الشريرة” تُباع كهدايات تذكارية، فمن المدهش أن تعلم أنها لا تُصنع كلها في مصانع رخيصة في الصين. فصُنع العين الشريرة التركية هو تجارة رئيسية تمتد لأكثر من 3000 عام. وقد تعلّم الرجال هذه الصناعة عن آبائهم، ولها أفران خاصة شديد الحرارة لتلوين وتشكيل الزجاج. فهي ليست مجرد صناعة رخيصة، بل صناعة تراثية لها تاريخها العريق وإن كانت تُباع بأسعار رخيصة نسبيًا.
اقرأ أيضًا:
ما الأصل في خرافة الطرق على الخشب لمنع الحسد؟