انطلاق معرض “علامات فارقة: عبد الكريم السيد” في الشارقة
متحف الشارقة للفنون يعرض أعمال واحد من أبرز الفنانين المؤثرين في فلسطين والشارقة
الإمارات العربية المتحدة، الشارقة، أكتوبر 31، 2016: انطلقت أمس الأحد في متحف الشارقة للفنون أعمال معرض جديد يكرم المسيرة الحافلة التي شهدها الدكتور عبد الكريم السيد، الفنان الفلسطيني الراحل الذي أمضى فترة طويلة من حياته في إمارة الشارقة.
افتتح المعرض الشيخ صقر بن محمد القاسمي، رئيس مجلس الشارقة الرياضي بحضور سعادة عبدالله العويس رئيس دائرة الثقافة والاعلام و سعادة منال عطايا مدير عام إدارة متاحف الشارقة، ورحاب صيدم زوجة الفنان التشكيلي الراحل، وعلياء الملا، أمين متحف الشارقة للفنون، بالإضافة إلى عدد من الفنانين التشكيليين.
وتحت عنوان “علامات فارقة: عبد الكريم السيد” تنطلق أعمال المعرض الذي يتضمن 92 عملًا فنيًا تمثل الأساليب الفنية المتنوعة التي اعتمدها الفنان في أعماله في مراحل مختلفة من حياته قبل وفاته العام الماضي.
وكان الفنان الراحل الدكتور عبد الكريم السيد قد أدى دورًا بارزًا في تطوير المشهد الفني في دولة الإمارات منذ عام 1970 من خلال دوره كفنان مبدع ومؤلف وناقد فني.
ويستعرض الحدث الذي يستمر حتى 17 ديسمبر المراحل المتعددة التي مر بها الفنان الفلسطيني خلال مسيرته الفنية الطويلة والحافلة بالإنجازات. وتتنوع الأعمال الفنية ما بين تصوير رؤية الفنان للانتفاضة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي في وطنه فلسطين، والمواضيع المستلمة من الطبيعة المحيطة خلال فترة إقامته في الشارقة، والأعمال التي صور فيها زوجته الفنانة رحاب صيدم.
ويحظى الزائرون من خلال هذا المعرض بفرصة الاطلاع على تنوع الأساليب التقنية والتوجهات الفنية لأحد أهم الفنانين المرموقين والمتميزين على مستوى المنطقة، إضافة إلى التعرف على طبيعة الحياة في الشارقة قبل عقود من الزمن.
وفي تصريح لها قالت سعادة منال عطايا، مدير عام إدارة متاحف الشارقة: “نحن فخورون بتقديم هذا المعرض الذي يتضمن أعمالًا لواحد من أهم الفنانين المؤثرين على الساحة الفنية في الإمارات. لقد كان الدكتور عبد الكريم السيد من أبرز الشخصيات الحاضرة في المشهد الفني المحلي لعقود من الزمن من خلال الأعمال التي قدمها كفنان وكاتب وناقد إضافة إلى دوره في تأسيس العديد من المؤسسات الفنية الهامة التي تواصل أعمالها بكل نجاح”.
ينظم معرض علامات فارقة: عبد الكريم السيد” بالتعاون ما بين إدارة متاحف الشارقة، ودائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وبدعم من جمعية الإمارات للفنون التشكيلية.
وبالعودة إلى المسيرة الفنية التي شهدها الفنان الراحل، فقد نظم أول معرض شخصي له في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية في الشارقة عام 1987، كما كان عضوًا مؤسسًا في كل من جمعية الإمارات للفنون التشكيلية ومجموعة الجدار. كما تولى العمل كعضو لجنة تحكيم في العديد من الفعاليات على المستويين المحلي والعربي، وكتب عددًا كبيرًا من المقالات التحليلية الفنية والمواضيع النقدية للمجلات والصحف، وألف أربعة كتب عن المشهد الفني في الإمارات.
وينقسم المعرض إلى عدة أقسام، يركز كل منها على مرحلة مختلفة من المسيرة الفنية التي مر بها الفنان الدكتور عبد الكريم السيد. ويتضمن القسم الأول مجموعة من المخطوطات، معظمها على أوراق الوصفات الطبية، والتي تعكس الارتباط بين عمله كطبيب والأعمال الفنية والرسومات التي نفذها خلال مسيرته الفنية من مستهل سبعينيات القرن الماضي. وكان السيد قد تخرج من كلية الطب في جامعة بغداد عام 1973، وتابع دراسته ليحصل على دبلوم في علم الأشعة من جامعة فيينا في 1982.
وينتقل التركيز إلى تصوير الفنان للانتفاضة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي في وطنه فلسطين، إلى جانب القضايا السياسية والاجتماعية الأخرى على نطاق أوسع في فلسطين. وقد شهدت هذه المرحلة تطور أسلوبه باستخدام السكين في الرسم لمزج الألوان وإحداث درجات لونية وظلال متضادة على خلفية داكنة. وخلال هذه الفترة استكشف المواضيع المتأصلة في النفس الإنسانية
وفي تسعينيات القرن الماضي فضّل الدكتور السيد الاعتماد على ألوان أكثر إشراقًا. ومن خلال استلهام مواضيع من الطبيعة المحيطة به في إمارة الشارقة والتي كان يسميها بيته الثاني، قدم الفنان مجموعة “رسالة حب إلى الشارقة” تضمنت لوحات بالألوان المائية لمناظر لها مكانة تاريخية وتراثية وجمالية. وقد ركز آنذاك على عناصر ورموز مثل شجرة النخيل، وهو ما أبرز تأثره بالبيئة المحيطة به أثناء إقامته في الشارقة، أو الفترة التي أمضاها في العراق.
وتابع السيد التزامه بالقضية الفلسطينية خلال تلك الفترة وما بعدها في مسيرته المهنية. وقد انعكست القضية الفلسطينية والأحداث السياسية والتي شملت الانتفاضة واتفاقية السلام من خلال عمل “غزة/أريحا” . كما نتجت سلسلة “تحولات الطبيعة” من محاولته للابتعاد عن الصراعات السياسية وخيبات الأمل. أما سلسلة “خارج المربع”، فقد برز فيها الابتعاد عن الألوان الداكنة التي سادت في لوحاته في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، واعتماد خيارات محدودة من الألوان المشرقة.
ويتضمن هذا القسم خمس مجموعات من الأعمال الفنية. وتتضمن أبرزها “مدن فلسطينية” والتي يصور من خلالها مشاهد من المدن في كل من غزة وأريحا وعكا وطبرية. وفي “مدينة الحلم” ركز السيد على الخطوط كعنصر أساسي مع استخدام اللون الأبيض ليكون اللون الأكثر بروزًا. ومثلت هذه المرحلة تصوره للأوضاع السياسية والاجتماعية في المنطقة بشكل عام وفي فلسطين على وجه الخصوص، وتضمنت المجموعة رسم بيوت مهدمة في المناطق الفلسطينية المحتلة. كما يظهر مشهد المدينة في الرسومات بحيث يمثل شواهد قبور وتلاشي الوجود
كما ينقسم هذا العقد إلى سبعة أقسام. ومن أهم المجموعات تبرز “حبيبتي رحاب”، المجموعة التي صور فيها زوجته الفنانة رحاب صيدم. فيما تشكل المجموعة التي تحمل اسم “ربيع وطني” استمرارًا لمجموعة “مدينة الحلم”، ولكنها تمثل تصورًا أكثر أملًا لفلسطين مع استخدام أكبر للألوان والزهور التي تمثل الأمل في المستقبل. فيما تعبر مجموعة “فلسطينيات” عن الثقافة والتراث في وطنه الأم.
وتضيف سعادة عطايا بقولها: “تحتفي سلسلة علامات فارقة بأبرز الفنانين الذين كان لهم أثر بالغ في تطور المشهد الفني في المنطقة. ويوجد القليل من هؤلاء الذين يستحقون أن نسلط الضوء عليهم أكثر من عبد الكريم السيد”.
واختتمت بقولها: “نتطلع اليوم للترحيب بالزائرين القادمين للتعرف على الأساليب والتقنيات المتميزة التي استخدمها هذا الفنان المبدع، إضافة إلى الاطلاع على حياته وفهم الأشياء التي ألهمته لتقديم أعماله”.