يلزمنا في كثير من الأحيان إشعال الحطب لأغراض مختلفة وأهمها التدفئة في الشتاء. ولعلنا لاحظنا أنه بمجرد أن نضع أول قطعة منها في النار سرعان ما تصدر أصوات فرقعة. الإجابة الدقيقة لذلك تكمن في الخشب ذاته!
قبل ذلك لا بدّ وأن نتعرف على بعض الحقائق التي تتعلق بالنار ذاتها. فتشتعل النار نتيجة التفاعل الكيميائي بين الأكسجين الموجود في الهواء ومصدر ما من الوقود، مثل الخشب أو البنزين. ولحسن الحظ أن معظم مصادر الوقود لا تشتعل فيها النيران من تلقاء نفسها، لأنها محاطة بالأكسجين طيلة الوقت. وما يحدث أنه يجب تسخين مصادر الوقود إلى درجة حرارة الاشتعال من أجل حدوث ردة فعل الاحتراق.
وبالنسبة للخشب، فإن درجة حرارة الاشتعال له 149 درجة مئوية، وهي الدرجة التي تبدأ فيها الحرارة بتحليل سليلوز الخشب. وتحليل هذه المواد يأخذ عدة أشكال، منها: الغازات المتطايرة (الدخان)، الفحم (الكربون النقي)، الرماد (المعادن غير القابلة للاحتراق).
يحدث الاحتراق الحقيقي للخشب حين تصل الغازات المتطايرة لـ 200 درجة مئوية، وهي المرحلة التي تتفكك فيها الجزيئات، وتتحد مع الأكسجين لتشكيل الماء، وثاني أكسيد الكربون، وغيرها من المواد.
وفي الوقت ذاته، يتحد الكربون النقي الموجود في الفحم مع الأكسجين في ردة فعل بطيئة. هذا الفحم هو ذاته الذي تشتريه من المتاجر، والذي هو بالأصل عبارة عن خشب تم تسخينه لدرجة تمت فيها خروج كل الغازات المتطايرة. وهذا ما قد يفسّر سبب احتراق الفحم بدون دخان!
كان كل ذلك عرضًا لآلية احتراق الخشب، لكن بقي أن نعرف لماذا تصدر أصوات الفرقعة؟!
يوجد في الخشب جيوب صغيرة محملة بالسوائل مثل الماء والعصارة. وعند حرقه، تعمل النار على تسخين هذه السوائل بنفس الطريقة كما لو كانت موجودة في قِدر على النار. وتعمل الحرارة المنبعثة من هذه النار على غليان السوائل الموجودة في الخشب وتبخرها.
لكن هذه الأبخرة تبقى محتجزة داخل قطعة الخشب، لتشكل ضغطًا عليها، فيقوم الخشب في النهاية بالسماح لها بالخروج. وصوت الفرقعة الذي تسمعه من حرق الخشب هي اللحظة التي تتحرر فيها الأبخرة وتنطلق إلى النار!