بالنسبة للكثيرين منا، تُعتبر الأحلام أمرًا غير ملموس. وإذا كنا محظوظين، فيمكننا أن نتذكر فقط لمحةً سريعة، وحتى أولئك الذين يستطيعون تذكر الأحلام الماضية بتفاصيل مُدهشة، يمكن أن يستيقظوا في بعض الأيام دون أن يتذكروا شيئًا تقريبًا عن أحلامهم.
لماذا لا نستطيع تذكر أحلامنا؟
النوم هو عملية مُعقدة أكثر مما كنا نعتقد. فبدلاً من أن يكون حالةً مستقرة من اللاوعي تسبقها وتتلوها محاولات الاستغراق في النوم والاستيقاظ، تمر أدمغتنا وهي ترتاح أثناء النوم بحالاتٍ ذهنية تتغير سريعاً، وبعض الأجزاء تشهد نشاطاً عقلياً كبيراً.
يرتبط الحلم ارتباطاً وثيقاً بحالة النوم المعروفة باسم حركة العين السريعة (REM). وتُعرف حركة العين السريعة في بعض الأحيان باسم النوم غير المتزامن؛ لأنَّها يمكن أن تُحاكي بعض علامات الاستيقاظ.
أثناء مرحلة نوم حركة العين السريعة، تتقلب العينان بسرعة، وتحدث تغيرات في التنفس والدورة الدموية، ويدخل الجسم في حالة شلل تُعرف باسم “atonia” أو الونى. ويحدث ذلك في موجاتٍ مدتها 90 دقيقة خلال النوم، وفي هذه المرحلة تميل أدمغتنا إلى الحلم.
يحدث أيضاً تدفق إضافي من الدم إلى أجزاء مهمة من الدماغ خلال حالة حركة العين السريعة: مثل قشرة الدماغ، التي تملأ أحلامنا بمحتواها، والجهاز الحوفي، الذي يُعالج حالتنا العاطفية.
ولكنْ هناك عنصر كيميائي مُهم لضمان الحفاظ على ذكريات الأحلام: النورادرينالين. وهو هرمون يُهيئ الجسم والعقل للعمل، وتكون مستوياته لدينا منخفضة بشكلٍ طبيعي أثناء النوم العميق.
وتقول فرانشيسكا سيكلاري، طبيبة أبحاث النوم في مستشفى لوزان الجامعي، إنَّ هناك تعريفات واضحة لحالات اليقظة والنوم لدينا، وهذا ليس صدفة. وتضيف: “إنَّه شيءٌ جيد على الأرجح أن تكون حياة الأحلام وحياة اليقظة مختلفتين تماماً”.
وتابعت: “أعتقد أنَّه إذا تمكنت من تذكر كل التفاصيل كما تفعل وأنت مستيقظ، فستبدأ في خلط الأمور مع ما يحدث بالفعل في حياتك الحقيقية”.
وتقول فرانشيسكا إنَّ الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم، مثل الخدار، قد يجدون صعوبةً في تحديد الفرق بين حياتهم أثناء الاستيقاظ وأثناء النوم، وهذا قد يجعلهم يشعرون بالارتباك والحرج. وأضافت: “وهناك أيضًا أشخاصٌ يتذكرون أحلامهم جيداً للغاية، ويبدأون بالفعل في تصدير تلك الذكريات إلى يومهم”.
ليس من قبيل الصدفة أنَّ الأحلام التي نتذكرها جيداً تأتي من فتراتٍ معينة في دورة نومنا، اعتماداً على المواد الكيميائية التي تتدفق خلال أجسامنا النائمة. وتقول فرانشيسكا: “عادةً ما نحلم بوضوح أكثر في مرحلة نوم حركة العين السريعة، وهو عندما تكون مستويات النورادرينالين منخفضة في المخ”.
قد نجد أنفسنا نحلم قبل أن نستيقظ مُباشرةً، لكنَّ روتيننا الصباحي يُعيق تذكر الأحداث. وغالباً ما نستيقظ من سباتنا ونحن فزعين من جرس المنبه، ما يسبب ارتفاعاً في مستويات النورادرينالين، ويجعل من الصعب علينا تذكر أحلامنا.