استمرت الأمطار 58 يومًا ليحدث طوفان نجد الكبير
في هذه الأيام الباردة التي حملت أمطارًا وثلوجًا نتذكر فيضان نجد الكبير عام 1376هـ- 1956م. أيام صعبة عاشها آباؤنا، وبقيت راسخة في الذاكرة. تحمل منطقة نجد ذاكرة مأساوية لهذا الفيضان الذي أتى على كل شيء. تمر الذكرى الستون على الحادثة الأليمة لكنه لا يزال عالقًا في الذاكرة.
استمرت الأمطار بالهطول طيلة 58 يومًا وبغزارة شديدة. حاصرت الأمطار البيوت الطينية البسيطة، ودمرتها، وشردت سكانها، ولم يبق للسكان سوى الاحتماء بأغصان الشجر خشية الانجراف بمياه الفيضان. ويطلق على هذه الحادثة أيضًا “سنة الهدام” أو “الغرقة”. وأتى طوفان نجد على مناطق مختلفة من الجزيرة العربية لكن القصيم وسدير كانت الأكثر تضررًا.
وإليكم من الذاكرة شهادة حية عن طوفان نجد لفضيلة الشيخ “إبراهيم بن عبيد العبد المحسن” من بريدة ضمن كتابه (حوادث الزمان)، ننقلها كما هي: “ومضى على الأمة خمسة أيام متوالية والأهالي في القصيم ينتظرون بفارغ الصبر أن يمسك الله السماء عنهم، وبما أن بريدة وضواحيها لا تزال مهددة من خطر السيول؛ نتيجة (120) ساعة لم تتوقف الديمة عنها، وكانت سائر القصيم كذلك، غير أن شدة وقعه كانت على بريدة وضواحيها كان مما يعجب له خوف أوقعه الله في القلوب من سكنى البيوت، حيث كانوا يتوقعون أنها ستنطبق عليهم.
وفي يوم الأربعاء 17 جمادى الأولى هطلت أمطار وسيول زيادة عما هم فيه من الديمة المتواصلة؛ فتعطلت الدراسة منذ ذلك اليوم ولم يستطع البشر الجلوس داخل المنازل؛ لشدة خرير السقوف، ولما كان في 18 /5 خرجت الأمة إلى البراري خوفًا من سقوط البيوت، وأصبحوا مهددين بالأخطار، هذا ولا تزال السماء منطلقة الوكاء تصب المياه صبًا، وكان قد أنخاط الجو وأظلمت الدنيا لفقدهم ضياء الشمس، وكان القوي من يملك بساطًا يرفعه بأعواد فيجلس وعائلته تحته!.”