هناك أشياء كافية في الحياة لتقلق بشأنها، مثل التغيير المناخي والحرب النووية وحرائق الغابات، ولا يُعتبر ارتفاع سرعة دوران الأرض ضمن هذه القائمة لأنه ببساطة من غير المحتمل أن يحدث ذلك، على الأقل في الوقت القريب. وحتى إن حدث ذلك، فلن تحتاج للتفكير والقلق لأنك ستكون ميت على الأرجح! مع ذلك، ماذا تتوقع أن يحدث إن ارتفعت سرعة دوران الأرض ولو بمقدارٍ بسيط؟
ماذا يحددث إن ارتفعت سرعة دوران الأرض؟
يُعتبر دوران الأرض أمرًا أساسيًا ليكون الكوكب مناسبًا للعيش. فدوران الأرض يُحافظ على درجة الحرارة المُحيطة بنا، حيث تسمح حركة الأرض بأن تغمر أشعة الشمس أجزاء منها خلال النهار ولفترة زمنية محددة، بينما تغيب ليحل الظل والظلام في الليل. كما أن دوران الارض يُحافظ على المسافة المناسبة بين الغلاف الجوي لها والسطح، من خلال التحكم في قوة الجاذبية الأرضية وقوة سحب الغلاف الجوي الداخلية نحو الأرض.
أضف إلى ذلك أن دوران الأرض يتحكّم في مستوى البحر من خلال حدوث ظاهرة المد والجزر. وذلك بسبب تأثير الجاذبية بين الأرض والقمر ودوران الأرض حول محورها. لا يقتصر أهمية دوران الأرض على ذلك فحسب، بل بسببها تتولّد مناطق الضغط المرتفع والمنخفض على سطح الكوكب بسبب ما يُعرف باسم “قوى كوريولس” التي تُغير من اتجاه الرياح ويجعل الأرض تدور أسرع من الرياح والتيارات الهوائية.
ارتفاع منسوب البحار
هل يُمكن أن تتخيّل ما يُمكن أن يحدث إن زادت سرعة دوران الأرض بمعدل 1 ميل/الساعة فقط؟ أولًا سيرتفع منسوب البحر حول خط الاستواء، ما سيؤدي إلى هجرة المياه من القطبين وتجمعّها عند خط الاستواء لتُصبح عند هذه النقطة عميقة بسبب قوة الطرد المركزي التي ستدفع آلاف الغالونات من المياه باتجاه خط الاستواء. هذا الأمر سيؤدي إلى اختفاء العديد من المدن في العالم، مثل نيويورك، مومباي، البندقية، وتشرد ملايين الناس من منازلهم.
الأقمار الاصطناعية
ستُصبح الأقمار الصناعية بعدية عن مسارها. حيث تدور السواتل بحركة مستقرة بالنسبة للأرض بسرعة تتطابق مع سرعة دوران الأرض لتبقى في مكانها طوال الوقت. وإن تسارعت حركة الكوكب بمقدار ميل في الساعة، فإن الأقمار الصناعية لن تبقَ في أماكنها، وسيُفقد البث التلفزيوني وكل العمليات العسكرية والاستخباراتية ستتعطل.
فقدان الوزن والجاذبية
عادةً ما تُحاول قوة الطرد المركزي طردك من الكوكب، لكنها تفشل في ذلك بسبب قوة الجاذبية الأرضية. وإن دارت الأرض بشكلٍ أسرع، فإن قوة الطرد المركزي ستحصل على دفعة إضافية لينخفض وزنك. وإن كنت تزن حوالي 150 رطلًا عند الدائرة القطبية الشمالية، فربما ينخفض وزنك إلى 149 رطلًا عند خط الاستواء. وهذا بسبب قوة الطرد المركزية الإضافية التي تتولد، يدور خط الاستواء بشكل أسرع لاجتياز مسافة أكبر، مقارنة مع القطبين. فكلما حققت سرعة أكبر، ينخفض وزنك أكثر.
وإن زادت سرعة دوران الأرض عند خط الاستواء لأكثر من 17641 ميل/الساعة (28320 كم/الساعة)، فإن قوة الطرد المركزي ستتغلب على قوة الجاذبية، وسنكون فعليًا عديمي الوزن!
اختلال ساعة الجسم
كلما زادت سرعة دوران الأرض، أصبحت أيامنا أقصر. ومع زيادة سرعة 1 ميل/الساعة، سيُصبح اليوم أقصر بحوالي دقيقة ونصف وسيزيد عدد الأيام في السنة، ومن المحتمل ألا تلاحظ ساعات جسمنا الداخلية هذا الاختلاف، التي تلتزم بجدول زمني صارم على مدار 24 ساعة.
زيادة قوة الأعاصير
إن زادت سرعة دوران الأرض، فهذا يعني زيادة في ضغط دورات الحمل الحراري وسرعة الرياح، ويعني ذلك أن الطقس سيحمل المزيد من العواصف والأعاصير التي ستكون ذات وتيرة أقوى.
الزلازل
مع زيادة سرعة الأرض على مدار آلاف السنين، ستنتقل قشرة الأرض بحيث تُصبح مسطّحة عند القطبين وأكثر انتفاخًا حول خط الاستواء. هذا سيُعطي فرصة أكبر لوقوع الزلازل بسبب تحرك الصفائح التكتونية للأرض بسرعة.
كل هذه الآثار الناجمة عن ارتفاع سرعة الأرض، وتشمل كذلك زيادة في موجات التسونامي وغرق وسط أفريقيا وذوبان الجليد في القطبين، لكنك لن تختبر كل هذه الظواهر على الأغلب لأن احتمال زيادة سرعة دوران الأرض منخفض للغاية بسبب وجود القمر.
إذ تعمل طاقة القمر على تقليل سرعة دوران الأرض بمقدار طفيف لن تشعر به على الأغلب. ويُقدّر أن سرعة الدوران انخفضت بحوالي 1.4 ميلي ثانية في آخر 100 عام. هذا يعني أن الأرض ستستغرق 50000 سنة إضافية لإضافة ثانية واحدة لطول اليوم. وإن افترضنا أن السرعة ستزداد بشكل مفاجئ، فيلزم ذلك ارتطام جسم ضخم بالأرض لينتج عن ذلك زلازل وتصدعات كبيرة يُمكنها قتلنا جميعا قبل أن تؤثر علينا سرعة الدوران.