إن لم تكن مُلمًا بتفاصيل التصاميم الهوائية، فقد تعتقد أن الطائرات ذات المقدمة مدببة الشكل تطير أسرع من تلك التي بمقدمة مدوَّرة، ظنًا منك أن الرأس المدبب يسمح للطائرة باختراق وتمزيق الهواء وإزالة أي مطبات أو مُعيقات أمامها. لكن وعلى الرغم من هذا التحليل، إلا أن مُعظم طائرات الركاب التجارية مدوَّرة الشكل من مقدمتها، بينما تمتلك الطائرات الحربية المقاتلة مقدمة مدببة حادة. فما الفرق بين كلا الشكلين؟
لماذا يختلف شكل مقدمة الطائرات بين المُدبب والمدوَّر؟
من أجل فهم الفرق بين كلا الشكلين، عليك في البداية معرفة مُصطلح يُستعمل في علم الطيران وهو: “السَّحب”. فالسحب هو القوة الميكانيكية الناجمة عن تفاعل الجسم الصلب مع مائع. في حالة الطائرة، فإن جميع أجزائها تُساهم في السحب من المقدمة إلى الأجنحة والمحركات، وتعمل في الاتجاه المُعاكس لحركة الطائرة.
ويتأثر السحب بشكلٍ كبير بشكل الجسم الصلب المتحرك عبر المائع. والتصميم الحاد والمُدبب ليس بالضرورة الخيار الأفضل في جميع الحالات. إذ يختلف تصميم الطائرات وفقًا لمتطلبات مختلفة بين كل نوعٍ منها. ويُمكن للشكل والمتطلبات الهوائية لطائرة مقاتلة أن تكون مختلفة تمامًا عن تلك الخاصة بطائرة ركاب.
عندما تتحرك طائرة بسرعة تعادل سرعة الصوت، فإن العوامل الحاسمة هي جسم الطائرة وشكل الأنف “المقدمة”، فالأنف المدوَّر أو المستدير يُسبب قوة سحب أقل من الأنف المدبب الحاد. ذلك لأن الأنف المستدير لديه مساحة سطحية أقل من مساحة الأنف المُدبب، فإنه يُسبب سحب أقل للجسم.
وعندما تتحرك الطائرة، فإن مجال الضغط حولها يتمدد إلى الأمام جنبًا إلى جنب معها، وتبدأ منطقة الشفط على جانب جسم الطائرة أو الجناح بامتصاص جزيئات الهواء قبل أن تصل إلى المركبة، ويسمح الأنف المدوَّر بتدفق الهواء من عدة زوايا ما يُقلل من قوة السحب بكثير.
وحيث أن معظم طائرات الركاب تُحلِّق بسرعات أقل بكثير من سرعة الصوت (باستثناء طائرة كونكورد التي تمتلك أنف حاد الشكل)، فإنها تمتلك مقدمات ذات شكل مستدير. ويُمكن ملاحظة أن الشكل المُستدير يمتلك أقل قوة سحب من بين الأشكال الأخرى كما يظهر في الشكل أدناه.
أما بالنسبة للطائرات المقاتلة، فإنها تتحرك بسرعات كبيرة للغاية تفوق سرعة الصوت. ما يعني أن جزيئات الهواء لا تُدرك اقتراب الطائرة منها، ما يعني أن الاتصال بين جسم الطائرة وجزيئات الهواء يحدث بشكلٍ مفاجئ ويُسبب تغيير مفاجئ في الاتجاه يُعرف باسم “الصدمة”.
وحيث أن التغيير الصغير في الاتجاه يعني أن الصدمة ستكون أضعف. ويُساهم الأنف الحاد المُدبب يجعل الصدمة أضعف قدر الإمكان، كما ويُقلل من التدفئة الهوائية حول الطائرة. لذلك يُفضَّل استعماله في الطائرات المقاتلة التي تتحرك بسرعات تفوق سرعة الصوت.
الخلاصة: اختلاف شكل مقدمة الطائرات لا يعود إلى جمالية التصميم، إنما يختلف مع اختلاف الغرف من الطائرة وسرعتها المتوقعة. فكلما كانت الطائةر أسرع وقادرة على اختراق حاجز الصوت، كانت الحاجة لتقليل المساحة السطحية لمقدمتها أكبر لتقليل عامل الصدمة قدر الإمكان وتجنب حدوث حوادث لا تُحمد عقباها.
اقرأ أيضًا:
لماذا تعاود بعض الطائرات التحليق مجددًا أثناء الهبوط؟